25-فبراير-2016

يتجه المغرب نحو مراجعة مناهج تدريس التربية الإسلامية نحو مزيد من الانفتاح والتسامح (Getty)

أصدر الملك المغربي، محمد السادس، أمرًا بمراجعة مناهج وبرامج تدريس مادة التربية الإسلامية في مختلف المستويات التعليمية، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على تكريس القيم الإسلامية، الداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش بين مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

أمر الملك المغربي محمد السادس بمراجعة مناهج تدريس مادة التربية الإسلامية في مختلف المستويات التعليمية، في اتجاه تكريس قيم الاعتدال والتسامح

وتأتي هذه التعليمات مؤخرًا على خلفية عدد من الدعوات لمثقفين مغاربة حذروا من طريقة تدريس التربية الدينية في المدارس المغربية، والتي قد تؤدي إلى "نزعات متطرفة" حسب رأيهم، آخرها كانت دعوة جمعية "بيت الحكمة" التي تضم عددًا من المثقفين والنشطاء المغاربة.

اقرأ/ي أيضًا: فوضى المناهج التعليمية في الأردن

مباشرة بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة على العاصمة الفرنسية باريس، دعا "بيت الحكمة" إلى تنقيح مقررات التربية الإسلامية من كل المواد والمضامين التي من شأنها تغذية التأويلات والقراءات الخاطئة للدين الإسلامي أو للديانات الأخرى، حسب بيان للجمعية.

كما دعت إلى إعادة الاعتبار لتدريس الفلسفة والعلوم الإنسانية و"إيلائها العناية اللازمة بالانتصار لقيم التنوير والعقلانية"، وطالبت الجمعية بإنشاء المعهد الوطني لتاريخ الديانات، بسبب ما أسمته بـ"اتساع المساحات التي أصبح يحتلها الفكر الإرهابي، والثقافة الدينية التكفيرية أمام الفشل الذي تعلنه المنظومات التربوية والتعليمية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية والإعلامية".

وحسب بيان "بيت الحكمة"، الذي تحصل "الترا صوت" على نسخة منه، :"إننا مقتنعون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأن محاربة التطرف الديني والإرهاب، وأيًا كانت المجهودات المبذولة للتصدي له، لن تؤتي أكلها إلا بمحاربة الميكانزمات الخفية، التي تصنع العقل الإرهابي، تمثلًا وحمولة، وذهنية، بمكوناتها النفسية، والثقافية، والسوسيولوجية، وكذلك مصادر التمويلات التي تشكل السند الفعلي للحركة الإرهابية العالمية..".

في نفس السياق، يرى أحمد عصيد، كاتب وباحث أمازيغي مغربي، أن "مراجعة المناهج الإسلامية في التعليم المغربي، يجب أن تكون انطلاقًا من أن الإسلام المنصوص عليه في الدستور المغربي وفي ميثاق التربية والتكوين هو الإسلام "السمح"، "الوسطي" و"المعتدل"، وبناء على بديهية أن المقررات الدراسية منتوج بشري لمؤلفين يمكن أن يخطئوا التقدير، وليست جزءًا من الدين، لأنها مبنية على قراءات تحكمها سياقات تاريخية واعتبارات إيديولوجية وشروط سياسية".

اقرأ/ي أيضًا: المناهج الدينية المصرية بحاجة إلى مناهج!

ودعا أحمد عصيد، في مقال له، إلى "ضرورة القطع مع الفهم التراثي للدين، وإقامة دروس التربية الدينية على أساس فقه جديد وفكر ديني متنور وحديث، يتم إبداعه من طرف فقهاء وأهل اختصاص مجدّدين ومنخرطين في مسلسل التطورات التي عرفها بلدهم، وضرورة التراجع عن فكرة "الخصوصية الإسلامية" بمفهومها الضيق، والتي تهدف إلى أن تكرس لدى المتمدرسين العداء لمكتسبات المجتمع العصري والدولة الحديثة، مما يؤدي إلى جعل درس التربية الإسلامية حصّة للترويض الإيديولوجي ضد العقل والعلم والقيم الإنسانية التي تساوي بين بني البشر".

يطالب نشطاء في المغرب أن تتم مراجعة دروس التربية الدينية على أساس فكر ديني متنور وحديث، يتم إبداعه من طرف فقهاء وأهل اختصاص مجدّدين

وطالب عصيد أيضًا، بـ"ضرورة اعتبار أن الهدف الرئيسي للتربية الدينية هو بناء المواطن الصالح الذي يتمتع بالأخلاق الفاضلة، وبالقدرة على التفكير المنهجي والنقدي السليم، وليس الفرد الذي يستظهر التراث ويقدس الماضي بكل سلبياته، ويقاوم أي تغيير لصالح الإنسان".

من جهة أخرى، يرى حسن الكتاني، وهو داعية سلفي مغربي، أنه "لا إشكال في مراجعة مناهج التربية الإسلامية بالمدارس"، خلال حديثه لـ"الترا صوت". إلا أنه حذر "من تحريف الدين الإسلامي بما يلائم أفكار من وصفهم بـ"العلمانيين"، وحسب رأيه: "مراجعة مناهج مادة التربية الإسلامية هي خطوة حسنة وضرورية، باعتبارها هزيلة ولا تليق بتطورات العصر". وأوضح المتحدث ذاته، أنه "يجب مراجعة هذه المواد من طرف علماء أكفاء"، محذرًا من دعوات "العلمانيين"، "لأنه من شأنها أن تخلق دينًا جديدًا، لا علاقة له بالدين الإسلامي"، حسب تعبيره.

اقرأ/ي أيضًا:

تجربة التعريب في الجامعات السودانية.. إلى أين؟

نظام LMD في الجامعات الجزائرية.. 10 سنوات من الجدل