تتصاعد الضغوط الأميركية على إيران لدفعها إلى التفاوض بشأن اتفاقٍ نووي جديد، إضافةً إلى مطالبتها بوقف دعمها للحوثيين في اليمن، وسط تلويح بخيارات عسكرية وتشديد العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا السياق، كشف موقع "أكسيوس" الإخباري أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب منح طهران مهلة شهرين للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، فيما نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين أميركيين عدم استبعادهم خيار العمل العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، سواء من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، في حال فشلت المساعي الدبلوماسية. ووفقًا للتقارير، وضع ترامب إيران أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التفاوض أو مواجهة الخيار العسكري.
وفي أول رد فعل إيراني على هذه التهديدات، صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الخميس، بأن طهران ستدرس "الفرص والتهديدات" التي تضمنتها رسالة ترامب، والتي دعا فيها إلى التوصل إلى اتفاق نووي جديد، مضيفًا أن "الرد الإيراني سيصدر قريبًا".
وبحسب موقع "أكسيوس"، فقد أمهلت رسالة ترامب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، شهرين للتوصل إلى اتفاق جديد، مهددًا في حال رفض العرض الأميركي بمواصلة سياسة "الضغوط القصوى"، وربما التصعيد إلى الخيار العسكري.
ترامب أمهل إيران شهرين فقط للتوصل إلى اتفاق نووي جديد
أفاد مصدر مطّلع لشبكة "سي إن إن" بأن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، سلّم رسالة من ترامب إلى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد خلال زيارته إلى أبو ظبي الأسبوع الماضي. وبحسب المصدر، فقد قامت الإمارات بنقل الرسالة لاحقًا إلى الإيرانيين عبر المستشار الرئاسي أنور قرقاش.
وفي أول تعليق على الرسالة، وصف المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الدعوة الأميركية إلى التفاوض بأنها "تحايل وتضليل جديد"، معتبرًا أن هدف "الدول المتنمرة" من المفاوضات هو فرض الهيمنة وليس حل المشكلات. ورغم ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم، أن طهران لا تزال تدرس الرسالة الأميركية وتقيّم ردّها عليها، مشيرًا إلى أنها "تضمنت تهديدات واضحة، لكنها حاولت تقديم نفسها أيضًا كفرصة للتفاهم". وأضاف: "أولينا جميع النقاط الواردة في الرسالة اهتمامًا، وسنأخذ في الاعتبار التهديدات والفرص عند صياغة ردّنا"، مشددًا في الوقت ذاته على أن إيران "لن تتفاوض تحت سيف العقوبات".
واشنطن لا تستبعد العمل العسكري ضد إيران
في سياق التصعيد الأميركي، صعّد وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من نبرته تجاه طهران، مؤكدًا أن ترامب "جادّ في تحذيراته" وقال: "عندما يقول الرئيس ترامب شيئًا، فهو يعنيه، وإذا قال إنّ شيئًا ما سيحدث، فسيحدث". وأوضح أن الإدارة الأميركية تفضل التعامل مع إيران عبر القنوات الدبلوماسية، لكنه حذّر من أن وزارة الدفاع ستكون جاهزة للتدخل في حال فشل المسار الدبلوماسي.
وأضاف روبيو: "إذا قرر الرئيس ضرورة اتخاذ إجراءات لمنع إيران من امتلاك قدرات نووية، فلدينا القدرة على ذلك، بل وربما حتى تهديد النظام الإيراني نفسه". وأكد أن "مواقف الدول الأخرى لن تؤثر على خيارات واشنطن"، في إشارة إلى الترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) التي لا تزال تدافع عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وترفض الانضمام إلى سياسة "الضغوط القصوى" التي ينتهجها ترامب.
وأشار روبيو إلى منشور نشره ترامب صباح اليوم، شدد فيه على أن "إيران لا تزال تقدم الدعم للحوثيين، ربما ليس بنفس الصراحة أو بنفس الحجم السابق، لكنها لا تزال تساعدهم علنًا"، مؤكدًا أن ذلك "غير مقبول ويجب تغييره".
وفي خطوة تصعيدية أخرى، بدأت الإدارة الأميركية السبت الماضي حملة عسكرية واسعة ضد الحوثيين في اليمن، حيث تعهد ترامب بالقضاء على الجماعة المسلحة، مشيرًا إلى أن العمليات العسكرية ستتصاعد في الفترة المقبلة.
ترامب يبحث الاتفاق النووي الجديد مع بوتين
في سياق متصل، ناقش ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال مكالمة هاتفية مطولة أمس الأربعاء، العرض الأميركي الخاص بالتفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران.
ووفقًا للبيان الصادر عن البيت الأبيض، فإن الزعيمين بحثا "الشرق الأوسط كمنطقة تعاون محتملة لمنع الصراعات المستقبلية"، كما ناقشا "ضرورة الحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية"، وأبديا استعدادهما "للتعاون مع أطراف أخرى لضمان استقرار المنطقة". وأضاف البيان: "تشارك الزعيمان الرأي القائل بأنه لا ينبغي أبدًا أن تكون إيران في وضع يسمح لها بتدمير إسرائيل".
يرفض الإيرانيون التفاوض تحت ضغط العقوبات والتهديدات
يُذكر أن ترامب انسحب، خلال ولايته الأولى، من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران، كما أمر باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مما أدى إلى تصعيد التوترات مع طهران. وفي ولايته الثانية، أعاد ترامب تفعيل حملة "الضغوط القصوى" ضد إيران، بهدف عزلها اقتصاديًا ودبلوماسيًا.
من جانبها، تؤكد إيران أن برنامجها النووي ذو طابع سلمي، وأنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، مشددةً على أنها ستدافع عن منشآتها النووية ضد أي استهداف محتمل.
في المقابل، ترى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، أن رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% في مفاعلاتها النووية يتجاوز ما يعتبر مبررًا لبرنامج نووي مدني، ويشكل خرقًا لالتزاماتها في الاتفاق النووي.