26-يناير-2022

تصعيد غير مسبوق بين روسيا والغرب (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

في أول رد فعل رسمي روسي بخصوص تصريحات الرئيس الأمريكي جو بادين عن أنه لا يستبعد فرض عقوبات شخصية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال رئيس مجلس الدوما الروسي  فياتشيسلاف فولودين إن "واشنطن بعد أن أعلنت استعدادها لفرض عقوبات جديدة على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين كشفت بوضوح أنها تسعى لرئيس روسي مخلص لها وتسيطر عليه". وكتب فولدين على قناته على تلغرام "تبين كل شيء أخيرًا، قالت القيادة الأمريكية علانية ما تريد: تريد واشنطن رئيسًا  مخلصًا مواليا لها ومسيطرًا عليه". وأضاف حسب فهم الروس فإن هذه العقوبات ليست ضد بوتين، بل ضد اختيار شعب البلاد، ولفت إلى أن "الولايات المتحدة ليست سعيدة بأن الاتحاد الروسي أصبح في عهد الرئيس فلاديمير بوتين قويًا ومستقلًا".

في تصعيد للهجة تجاه الغرب أكد لافروف أن "العالم لن يكون بعد الآن أحادي القطب"، وسيتم "اتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على أي تحركات غربية تهدد أمن بلادنا"

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قال في معرض رده على أسئلة للصحفيين إنه لا يستبعد فرض عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، لكن بايدن أشار إلى أنه لا توجد أي نية لنشر قوات أمريكية أو قوات للناتو في أوكرانيا.


شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار


وفي سياق متصل قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن "الغرب يحاول تنفيذ سياسة الإملاءات وعدم الأخذ بعين الاعتبار مصالح بقية الدول"، وأضاف أن "واشنطن وحلفاءها يستمرون مؤخرًا في الضغط على روسيا متجاهلين قواعد الدبلوماسية"، مشيرًا إلى أن "روسيا لن تجلس متفرجة على تصرفات الغرب تجاهها". وتحدث الوزير الروسي أنه بناءً على الرد الأمريكي على مقترحاتنا سنقدم رؤيتنا للرئيس بوتين بشأن تحركاتنا اللاحقة، مؤكدًا أن مصالح روسيا وأمنها ستكون لها الأولوية في كل الأحوال.

اقرأ/ي أيضًا: محادثات جنيف بين واشنطن وموسكو.. ضبابية ومناورات بين الدبلوماسية والتهديد

وفي تصعيد للهجة تجاه الغرب أكد لافروف أن "العالم لن يكون بعد الآن أحادي القطب"، وسيتم "اتخاذ الإجراءات اللازمة للرد على أي تحركات غربية تهدد أمن بلادنا"، معتبرًا مطالبة الغرب لروسيا بالحد من التدريبات داخل حدودها بأنها وقحة وتمثل أقصى درجات ازدواجية المعايير، مشيرًا في الأخير إلى أن لاتحاد الأوروبي لن يكون له أي دور في الحوار بشأن أوكرانيا.

A photo released on Tuesday by the Russian Defense Ministry Press Service of Russian soldiers during a military exercise at the Golovenki training ground in the Moscow region.

تصريحات لافروف تأتي بالتزامن مع  اجتماع يعقد اليوم الأربعاء في باريس يضم مستشارين دبلوماسيين عن  كل من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا في إطار صيغة "النورماندي" المكلفة بالإشراف على تنفيذ "اتفاقيات مينسك" للسلام لعام 2015. وتهدف محادثات السلام الرباعية إلى المساعدة في إنهاء الصراع في شرق أوكرانيا بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين الموالين لموسكو.

تطورات متسارعة على الأرض

وفي التطورات على الأرض وصلت إلى بيلاروسيا قوات عسكرية روسية للمشاركة في تدريبات خلال الفترة الممتدة بين 10 و20 شباط/فبراير المقبل، وقال الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو إنه اضطر لنشر قوات بلاده على الحدود مع أوكرانيا بسبب الوضع الأمني هناك، وإن التدريبات المشتركةَ المقبلة مع روسيا ستساعد في تحديد مواقع لنشر المزيد من القوات البيلاروسية على الحدود مع أوكرانيا، معتبرًا أن الوضع على الحدود مع أوكرانيا ليس أفضل مما هو عليه على الحدود مع بولندا. وأضاف لوكاشينكو أنه تم منع مئات من حالات تهريب الأسلحة، واحدة منها فقط من روسيا، وكل الأسلحة والذخائر كانت قادمة من أوكرانيا، مؤكدًا أن المناورات ستجرى على الحدود الغربية والجنوبية لبلاده.

إلى ذلك حذرت واشنطن مينسك من استخدام أراضيها منطلقًا لغزو أوكرانيا، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنه في حال بدء غزو روسي للأراضي الأوكرانية من بيلاروسيا أو تمركزِ للقوات الروسية بشكل دائم على أراضيها فقد يتعين على حلف شمال الأطلسي إعادةُ تقييم وضع قواته على حدود بيلاروسيا، وقال المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن واشنطن أوضحت لمينسك بأنها إذا سمحت باستخدام أراضيها لشن هجوم على أوكرانيا فستواجه ردًا سريعًا وحاسمًا من الولايات المتحدة وحلفائها.

A convoy of Russian armored vehicles  along a highway in Crimea, earlier this month. 

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنّ القرار بشأن نشر قوات أمريكية إضافية في أوروبا لم يتخذ بعد، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع جون كيربي إنّ الجنود الأمريكيين الذين وضعوا في حالة تأهب قصوى لا يزالون داخل الأراضي الأمريكية ومستعدين للتحرك متى اتخذ حلف شمال الأطلسي قرار تفعيل قوة الردع، وأضاف كيربي أنّ قرارًا بإرسال أنظمة دفاع متطورة إلى أوروبا لم يتخذ بعد، والمشاورات مع الحلفاء في الناتو مستمرة لتحديد احتياجاتهم. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أول أمس الإثنين رفع جاهزيتها في مدة قصيرة لنشر حوالي 8500 من جنودها للانتشار في أوروبا إذا تم تفعيل قوة الردع السريع التابعة لحلف شمال الأطلسي.

أوروبا تدخل على خط التصعيد

من جهة أخرى أكد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل على أن الاتحاد سيتدخل في حال تعرّض المدنيين في أوكرانيا للخطر كما حدث في أفغانستان الصيف الماضي. تصريحات بوريل جاءت في كلمة ألقاها خلال مشاركته في ندوة بعنوان "أوروبا في خطر"، وصف فيها الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا بالتحدي الأكبر الذي يواجه الاتحاد الأوروبي منذ الحرب الباردة. وتحدث الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي عن  مشروع "البوصلة الاستراتيجية" الذي  يتضمن أربعة عناوين رئيسية تتمثل في تعزيز دور الاتحاد الأوروبي في إدارة الأزمات، وتعزيز قدارته الدفاعية، وضمان مقاومة الأزمات، وتأسيس علاقات الشراكة مع دول ثالثة. وأوضح بوريل أنه في حال هجوم روسيا على أوكرانيا تقترح البوصلة الاستراتيجية تشكيل قوة قوامها 5 آلاف جندي للتدخل السريع في الأزمات.

وفي إطار التصعيد بين الغرب وروسيا أيضًا، اتهمت الخارجية البريطانية السبت الماضي الكرملين بالسعي لتنصيب زعيم موال لروسيا في أوكرانيا، وقالت إن ضباط المخابرات الروسية كانوا على اتصال بعدد من السياسيين الأوكرانيين السابقين في إطار خطط لغزو البلاد.

بريطانيا التي زودت أوكرانيا في الأيام القليلة الماضية بشحنة صواريخ وفريق من المدربين العسكريين، أكدت أن لديها معلومات تفيد بأن أجهزة المخابرات الروسية تحتفظ بصلات مع العديد من السياسيين الأوكرانيين السابقين ومن ضمنهم  شخصيات بارزة لها صلات بالرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الذي  فر إلى روسيا في العام  2014 بعد ثلاثة أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه، وحكم عليه غيابيًا بالسجن 13 عامًا بتهمة الخيانة في العام 2019.

 اتهمت الخارجية البريطانية السبت الماضي الكرملين بالسعي لتنصيب زعيم موال لروسيا في أوكرانيا، وقالت إن ضباط المخابرات الروسية كانوا على اتصال بعدد من السياسيين الأوكرانيين 

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان صحفي إن الحكومة الروسية تدرس تعيين النائب الأوكراني السابق يفين موراييف كمرشح محتمل لقيادة حكومة موالية لروسيا. ويفين موراييف هو سياسي مؤيد لروسيا يبلغ من العمر 45 عامًا ويعارض تحالف أوكرانيا مع الغرب، وقد احتل المركز السابع بين المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية للعام 2024 بحصوله على 6.3% خلال استطلاع أجراه مركز أبحاث رازومكوف في كانون الأول/ديسمبر 2021.

وفي رده على الأخبار التي أثيرت حوله، قال موراييف الذي يملك كذلك قناة تلفزيونية موالية لموسكو لصحيفة أوبزيرفر إن الاتهامات بحقه غير منطقية، فهو ممنوع من دخول روسيا وخاضع لعقوبات روسية منذ أربع سنوات، بل تمت مصادرة أموال شركة ولده هناك، وتهكم قائلًا "أجد صعوبة في هضم هذا الغباء والهراء، ربما يريد شخص ما إغلاق قناة تلفزيونية مستقلة أخرى".

Ukrainian soldiers on the front line in Opytna, in the Donetsk region, on Monday. 

لكن الخارجية البريطانية قالت إن النائب الأوكراني السابق يفغيني موراييف ليس المرشح الوحيد، وأن حكومتها لديها معلومات تفيد بأن أجهزة الاستخبارات الروسية لها صلات بكثير من السياسيين الأوكرانيين السابقين. وذكر بيان الخارجية البريطانية أيضًا أسماء كل من النائب الأول لرئيس وزراء أوكرانيا من 2012 إلى 2014 ثم الرئيس الموقت للوزراء سيرغي أربوزوف، وأندريه كلوييف الذي ترأس الإدارة الرئاسية للرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، ونائب أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني سابقًا فولوديمير سيفكوفيتش، ورئيس وزراء أوكرانيا من 2010 إلى 2014 ميكولا أزاروف. وأشارت الخارجية البريطانية  إلى أن بعض هؤلاء الساسة الأوكرانيين على اتصال مع عملاء الاستخبارات الروسية المنخرطين حاليًا في التخطيط لهجوم على أوكرانيا.

من جانبها انتقدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس المحاولات الروسية لزعزعة الاستقرار في أوكرانيا، وكتبت على تويتر "لن نتسامح مع مؤامرة الكرملين لتنصيب قيادة موالية لروسيا في أوكرانيا. الكرملين يعلم أن أي توغل عسكري سيكون خطأ استراتيجيًا جسيمًا، وأن المملكة المتحدة وشركاءنا سيفرضون تكلفة باهظة الثمن على روسيا".

رفضت وزارة الخارجية الروسية التصريحات البريطانية ووصفتها بأنها "معلومات مضللة" واتهمت بريطانيا والناتو بتصعيد التوتر بشأن أوكرانيا

بالمقابل رفضت وزارة الخارجية الروسية التصريحات البريطانية ووصفتها بأنها "معلومات مضللة" واتهمت بريطانيا والناتو بتصعيد التوتر بشأن أوكرانيا، وقالت الوزارة في تصريح نشر على حسابها على فيسبوك إن "المعلومات المضللة التي نشرتها وزارة الخارجية البريطانية هي دليل آخر على أن دول الناتو بقيادة الأنجلو ساكسون هي التي تصعد التوترات حول أوكرانيا. نحث وزارة الخارجية البريطانية على وقف هذه الأنشطة الاستفزازية، والتوقف عن نشر هذا الهراء".

A photograph released by the Ukrainian government shows President Volodymyr Zelensky visiting positions on the front line in the Donetsk region in December.

وفي سياق تأكيد الاتهامات البريطانية حول سعي روسيا لتنصيب زعيم موالي في أوكرانيا قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إميلي هورن، إن "هذا النوع من المؤامرات مقلق للغاية، للشعب الأوكراني الحق السيادي في تقرير مستقبله، ونحن نقف مع شركائنا المنتخبين ديمقراطيًا في أوكرانيا".

إلى ذلك كشف البيت الأبيض عن أن الرئيس جو بايدن التقى بفريقه للأمن القومي ليلة السبت الأحد الماضي لمناقشة التطورات المتسارعة في أوكرانيا، وذكر البيت الأبيض في بيان له أنه جرى إطلاع الرئيس بايدن على الوضع الحالي للعمليات العسكرية الروسية على حدود مع أوكرانيا، كما ناقش الاجتماع الجهود الدبلوماسية الأمريكية لتهدئة الموقف، بالإضافة لمجموعة تدابير الردع التي يتم تنسيقها مع الحلفاء بما في ذلك عمليات التسليم المستمرة للمساعدات العسكرية لأوكرانيا.

إجلاء محتمل للرعايا الغربيين

مع توارد الأخبار عن زيادة التصعيد والتحشيد العسكري الذي  ينذر بهجوم روسي قريب نقلت شبكة فوكس نيوز الإخبارية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الخارجية الأمريكية أمرت عائلات موظفي سفارتها في أوكرانيا ببدء مغادرة البلاد، ونقلت الشبكة عن مسؤول رفض الكشف عن هويته قوله إنه من المتوقع أن تبدأ الخارجية الأمريكية خلال الأيام المقبلة في حث المواطنين الأمريكيين على مغادرة أوكرانيا باستخدام الرحلات الجوية التجارية.

President Vladmir V. Putin last year on the Black Sea.

كما نقلت وكالة بلومبيرغ عن الخارجية البريطانية طلبها من مواطنيها بعدم السفر غير الضروري إلى أوكرانيا، وطلبت من رعاياها أيضًا في أوكرانيا تسجيل وجودهم هناك. وتحدثت وسائل إعلام ألمانية أن برلين أعدت خططًا لإجلاء دبلوماسيتها من أوكرانيا إذا تدهور الوضع. أما الخارجية البلجيكية فحثت مواطنيها على عدم السفر لأوكرانيا ودعت رعاياها في أوكرانيا للتسجيل لدى سفارتها هناك.

مساعدات أمريكية واستقطاب أوروبي داخلي

بموازاة ذلك أعلنت السفارة الأمريكية في أوكرانيا  أن كييف تلقت أول دفعة من مساعدات أمريكية للدعم الأمني، وكتبت السفارة على صفحتها على تويتر "الشحنة الأولى من المساعدات التي قرر الرئيس جو بايدن مؤخرًا إرسالها إلى أوكرانيا وصلت ليلًا، وتشمل هذه الشحنة نحو 200 ألف رطل (90.7 طن) من الأسلحة الفتاكة، بما في ذلك ذخيرة للمدافعين عن خط المواجهة الأوكراني". وأضافت السفارة "ستواصل الولايات المتحدة تقديم مثل هذه المساعدات لدعم القوات المسلحة الأوكرانية في جهدها المتواصل للدفاع عن سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في وجه العدوان الروسي".

وفي إطار أخر مرتبط بالأزمة الأوكرانية، كان قائد سلاح البحرية الألماني كاي إخيم شوينباخ قد تقدم باستقالته بعد تصريحات قال فيها إن الرئيس الروسي يستحق الاحترام، وإن كييف لن تسترد أبدًا شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.

نقلت وكالة بلومبيرغ عن الخارجية البريطانية طلبها من مواطنيها بعدم السفر غير الضروري إلى أوكرانيا، وطلبت من رعاياها أيضًا في أوكرانيا تسجيل وجودهم هناك

وكان قائد البحرية قد اعتذر عن تعليقاته التي نُشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام ووصفها بالخط، في حين أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية أن تصريحات شوينباخ لا تمثل موقف ألمانيا جملة وتفصيلًا. وكانت الخارجية الأوكرانية قد استدعت السفيرة الألمانية في كييف للاحتجاج على تصريحات قائد البحرية الألمانية، كما أعربت للسفيرة الألمانية عن خيبة أمل أوكرانيا العميقة إزاء الموقف الألماني  بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية.