06-نوفمبر-2017

مواطن جزائري يجلس أمام ملصقات دعائية لمرشحين في انتخابات سابقة (صورة أرشيفية/ رياض كرامدي/ أ.ف.ب)

بدأت حملة الانتخابات المحلية/ البلدية في الجزائر، وبدأت الأحزاب تجري يمينًا وشمالاً لاستقطاب أصوات المواطنين وضمان تمثيل لها على مستوى المجالس البلدية والولائية، وسط هاجس يتكرر كل مرة وهو عزوف الشعب واستقالته من الحياة السياسية، نتيجة تراكمات عديدة جعلت من التصويت آخر هم الجزائريين، الذين صاروا لا يعيرون اهتمامًا لتلك الوجوه التي تعود كل خمس سنوات لتتصدر ملصقات الأحزاب في جميع زوايا القرى والمدن.

تحولت ملصقات الأحزاب الجزائرية إلى محل سخرية واسعة على مواقع التواصل وهكذا انهزمت في معركة الصورة قبل انطلاق الانتخابات البلدية

يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لملصقات الأحزاب، التي كانت مهمتها الأولى ضمان ترويج خطاب وتسويق قوائمها على مستوى بلديات ومحافظات القطر الجزائري، لكن تلك الملصقات تحولت إلى مصدر سخرية وتنكيت من طرف الجزائريين مما يزيد عمق الهوة بينهم وبين الأحزاب، التي من الظاهر أنها خسرت أولى معارك الحملة، معركة الصورة.

اقرأ/ي أيضًا: الشباب الجزائري والانتخابات البلدية.. فرص مُعلقة أمام فقدان الجدوى

يتساءل البعض كيف لحزب لم يتمكن من تصميم ملصق لائق له أن يعد بتحسين الظروف وتقديم الإضافة وخدمة الوطن والمواطن؟، كيف لمترشح لا يعير اهتمامًا لصورته أن يعير اهتمامًا لهموم سكان القرى؟ ألا يوجد في الجزائر مصممون؟ أين تنفق أموال الأحزاب؟ هل توجه لشراء الذمم وحفلات الشواء؟ هل فقدت الأحزاب الذوق والجمالية أم أنها لا تضع تسويق صورتها ضمن الأولويات؟

المتجول في أحياء العاصمة مثلاً، يرى زخمًا من فوضى الملصقات، غياب معايير قانونية، وعدم احترام للأشخاص والمؤسسات، ليس غريبًا أن تجد ملصق حزب ما على باب منزلك أو محلك. سياسة البقاء للأقوى هي سيدة الموقف فغالبًا ما تقوم الأحزاب بوضع ملصقها فوق ملصق قائمة منافسة، الأحزاب تغتصب القانون عنوة، فرغم توفر مكان خاص لها في كل بلدية إلا أنها تقوم بتشويه المنظر العام، ملصقات بكل الألوان والأحجام على جدران المقاهي والمدارس والبنوك والمحلات، على الشجر ومكبات النفايات، بعض الأحزاب تستولي على كامل المكان المخصص أصلاً لقوائم جميع الأحزاب، كأنها تحاول أن ترغمك على مشاهدتها.

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

الدين والهوية والتاريخ والزعيم المؤسس، توابل طالما راهنت عليها التشكيلات السياسية في الجزائر، فمثلاً في عدة مناطق يستعمل حزب جبهة القوى الاشتراكية صورة الراحل حسين أيت أحمد في ملصقاتها، بل لا تجد حتى صور مرشحيها، وكأن المسؤولين على الحزب لم يجدوا ورقة رابحة كالاتجار بصورة مؤسس الحزب، وهو أمر تكرر عدة مرات، استحضار الموتى في قوائم الأحزاب صار علامة جزائرية، الأحياء من رؤساء الأحزاب لم يجدوا برامج مقنعة فصاروا يخاطبون عاطفة المواطن.

اقرأ/ي أيضًا: المال السياسي بعبع الانتخابات البرلمانية الجزائرية

رغم توفر مكان خاص لملصقاتها، تقوم الأحزاب بتشويه المنظر العام، ملصقات على كل الجدران وحتى على الشجر ومكبات النفايات ودون أي جمالية

مصدر التهكم الأكبر في مواقع التواصل الاجتماعي كان عن شكل الملصقات وطريقة تصميمها وكذلك محتواها ففي مدينة بوسعادة مثلًا عمدت مترشحة للانتخابات المحلية لارتداء لباس تقليدي خاص بالمنطقة مما جعل الصورة تبدو وكأنها دعاية لمهرجان تراثي وليست موجهة لخوض غمار انتخابات عسيرة، فيما اختارت قائمة ترشحت تحت لواء حزب جبهة المستقبل وضع المرشحين على هيئة صقر مطلقين اسم صقور المستقبل على قائمتهم. نفس الحزب اختارت قائمة له في العاصمة سفينة نوح كشعار لها، فهل يريدون إنقاذ البلدية من الغرق على متن سفينة نوح كما تهكم البعض؟ أما في بلدية حيدرة في العاصمة فكانت سلة مهملات مكانًا مناسبًا أيضًا لوضع ملصق لحزب جبهة التحرير الوطني عليها.

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

الرجل الذي لا يفارق المساجد كان شعار مترشح لحركة مجتمع السلم ذات التوجه الإسلامي، فهل اختار أخيرًا هذا الرجل مغادرة المسجد للتوجه لرئاسة البلدية؟ رأى عديدون أن ذلك توظيف مذل للدين في الشأن السياسي وغياب رهيب لأي معيار جمالي في اختيار الشعارات والتصاميم والألوان. أما في شرق البلاد فقد حدثت الحادثة الأشهر، ففي بلدية عين البيضاء، قام مواطنون بتعليق جثة ثعلب على اللوحات المخصصة لملصقات الأحزاب في كناية واضحة أن كل المترشحين ذئاب وثعالب يبتغون المنصب والنفوذ لا غير.

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

ملصقات حزبية للانتخابات البلدية القادمة في الجزائر (فيسبوك)

في صعيد آخر، وفي مضمون خطابات الحملة الانتخابية، يطلق بعض المترشحين في ملصقاتهم وعودًا حالمة مستحيلة التطبيق، فهم في الأخير سيفوزون بإدارة مجالس محلية لمدن صغيرة لكن تجدهم يطلقون شعارات توحي وكأنهم تقدموا لانتخابات رئاسة الجمهورية. وبين هذا وذاك، وجد الجزائريون في السخرية على مواقع التواصل وفي الشارع حلًأ لمواجهة كم التوظيف والبلاهة وغياب الذوق في هذه الملصقات الانتخابية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مرشحات في الانتخابات المحلية.. أخت وزوجة بدون اسم!

تأجيل الانتخابات البلدية في تونس.. ارتداد آخر عن مسار التحول الديمقراطي