29-أكتوبر-2016

تدرك المعارضة تمامًا أن خسارة مواقعها في حلب، تعني أنها أصبحت في موقف ضعيف لا يخول لها فرض شروطها (قدور/أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع تقريبًا، على إعلان مجموعة من فصائل المعارضة السورية، بدء "ملحمة حلب"، أعلن صباح أمس الجمعة رسميًا، عن انطلاق عملية كسر الحصار عن الأحياء الشرقية، والتي طوقتها قوات النظام والميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانبها في تموز/يوليو الماضي، بعدما تمكنت المعارضة وقتها من كسر الحصار لفترة وجيزة.

من العوامل التي ساعدت المعارضة في "ملحمة حلب" في تقدمها السريع، كان الجو الممطر، ما منع تحليق مقاتلات النظام فوق مناطق الاشتباك

العملية التي تشارك فيها الفصائل المنضوية في تحالف "جيش الفتح"، أكبر تحالف للفصائل الإسلامية، بينها أكبر فصيل في شمال سوريا، حركة "أحرار الشام الإسلامية"، وفصائل "الجيش السوري الحر"، التي مهدت للعملية بعشرات صواريخ الغراد، ومنها محلية الصنع، ضد مواقع قوات النظام في "الأكاديمية العسكرية"، وسط مدينة حلب.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب سوريا..روسيا تقوم بأكبر عملية انتشار بحري منذ عقود

وعلى عكس "ملحمة حلب الكبرى"، التي أعلن عنها في تموز/يوليو الفائت، بدأت الفصائل المشاركة في العملية، عملية كسر الحصار من الريف الغربي للمدينة، وتمكنت من كسر خطوط الدفاع الأولى لقوات النظام، والسيطرة على مناطق، وصفها قادة الفصائل، بالاستراتيجية. إذ استطاعت المعارضة حتى مساء أمس، أن تسيطر على مناطق "معمل الكرتون"، ومنطقة "مناشر منيان"، و"ضاحية الأسد" ومشروع "1070 شقة"، وبدأت اقتحام "مشروع 3000 شقة"، والذي سيمكنها من التقدم إلى معقل النظام الأكبر في الشمال "الأكاديمية العسكرية"، إضافة لأسرهم مجموعة من مقاتلي "حزب الله"، وحركة "النجباء" العراقية، والتي تشارك في معارك حلب بزخم كبير، وهو ما يؤكد صحة المعلومات التي تحدثت عن إرسالها ألف مقاتل إلى المدينة.

ولا تزال "ملحمة حلب"، التي طال انتظارها من السكان المحاصرين في الأحياء الشرقية في يومها الأول، نظرًا لتصريحات قادة الفصائل، أو ما يتم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت، خصوصًا وأن انهيار قوات النظام والميليشيات الأجنبية التي قتل منها أكثر من 150 عنصرًا، جاء مزامنًا للاجتماع الثلاثي على مستوى وزراء الخارجية لروسيا، إيران، وسوريا.

وفي تطور لافت لمجرى الأخبار القادمة من الشمال السوري، أعلن الكرملين أمس الجمعة على لسان متحدثه الرسمي، ديمتري بيسكوف، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب هيئة الأركان لاستئناف الضربات الجوية في حلب، معللًا ذلك بالسماح للمصابين ومقاتلي المعارضة، الذين يريدون الخروج بذلك.

تدرك المعارضة السورية أن خسارة مواقعها في حلب، ثاني أكبر المدن السورية، تعني أنها أصبحت في موقف ضعيف، لا يخول لها فرض شروطها

اقرأ/ي أيضًا: محادثات لوزان حول سوريا..استمرار الكلام

ومن أكثر العوامل التي ساعدت المعارضة في تقدمها السريع على مواقع قوات النظام، كان الجو الممطر، ما منع من تحليق مقاتلات سلاح الجو السوري فوق مناطق الاشتباك، حتى أن المقاتلات الروسية وفق ما نقلت المراصد الجوية التابعة للمعارضة، أخطأت مرتين وقصفت مواقع لقوات النظام في حييّ (الحمدانية، وجمعية الزهراء).

ويضاف إلى عامل الجو، التنسيق بين فصائل المعارضة، ففي الوقت الذي كان فيه انغماسيو الفصائل يقتحمون مواقع النظام، كانت راجمات الصواريخ تدك معاقل النظام وسط المدينة، محققة إصابات مباشرة، وذلك وفق ما أعلن "الجيش السوري الحر"، وهو ما سبب حالة ارتباك لدى عناصر النظام، ناهيك عن مقتل مساعد قاسم سليماني في سوريا، العميد في "الحرس الثوري" الإيراني، غلام رضا سمائي، قبل يوم واحد من انطلاق الملحمة.

وعلى الرغم من أن تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال الاجتماع الثلاثي، لم تدل على أن روسيا ستوقف دعمها للنظام السوري في استعادة مدينة حلب، إلا أن المعارضة وضعت نصب أعينها جيدًا السيطرة على كامل المدينة، لأنها تدرك تمامًا أن خسارة مواقعها في ثاني أكبر المدن السورية، تعني أنها أصبحت في موقف ضعيف، لا يخول لها فرض شروطها، في حال رضخ النظام السوري بالذهاب إلى طاولة المفاوضات.

وحتى لحظة إعداد الخبر، لا تزال المعارضة تحقق تقدمًا واضحًا على حساب النظام السوري، ومن المتوقع أن تتمكن من كسر الحصار على الأحياء الشرقية، إذ إنها ملزمة باقتحام "الأكاديمية العسكرية" لجعل قوات النظام وميليشياته ينهارون بشكل نهائي، ويليها العديد من الأحياء التي تشكل معقلًا مهمًا للنظام، إلا أنه في حال انهيارها، ستكون عاملًا أساسيًا يساعدها في إكمال سيطرتها على المدينة.

اقرأ/ي أيضًا: 

بالنسبة لروسيا..سوريا ليست أوكرانيا

لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟