18-مارس-2019

الروائي وجدي الأهدل

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


وجدي الأهدل روائي من اليمن. يعمل مدير تحرير مجلة "الثقافة" اليمنية. أعماله الروائية: قوارب جبلية، حمار بين الأغاني، فيلسوف الكرنتينة، بلاد بلا سماء، أرض المؤامرات السعيدة. أما أعماله القصصية: زهرة العابر، صورة البطال، رطانة الزمن المِقْمَاقْ، حرب لم يعلم بوقوعها أحد، وادي الضجوج، ناس شارع المطاعم.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

أول كتاب قرأته وجذبني إلى هذا العالم الساحر هو "سيرة فارس اليمن الملك سيف بن ذي يزن". هذا الكتاب أثّر عليّ كثيرًا إلى درجة تفوق التصور، وربما لحداثة سني ظننت أن كل ما يرويه الكتاب هو حقائق، وإلا كيف أمكن أن تُروى؟! لقد زودني ذلك الكتاب بفكرة ملأت عليّ نفسي، ألا وهي أن بإمكان الإنسان أن يمتلك قوى خاصة تميزه عن الآخرين، وبشكل ما تحقق هذا الحلم الطفولي عن طريق امتلاك موهبة الكتابة التي هي جزء أصيل من العالم السحري الخفي عن الأنظار، الذي لا يُكتشف إلا بعبور بوابة معينة.. وهذه البوابة اسمها "الأدب".

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

 كتاب "التاو تي تشنغ" المنسوب إلى الحكيم الصيني لاو تسو الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، ونقله إلى العربية الباحث فراس السواح. اكتشافي لهذا الكتاب غيّر حياتي تمامًا، وقادني إلى طريق جديد مختلف عن طرقي السابقة. نحن نفهم الحياة بوصفها صراعًا من أجل الحصول على رغباتنا، وهذا يعني أن نُحَوِّل الحياة إلى حلبة مصارعة يفوز فيها الأقوى على منافسيه الآخرين.. ولكن التاو لا ينظر إلى الحياة البشرية بهذا المنظار، إنه يطالبنا بالانسجام مع الحياة والتكامل مع الآخرين. يذهب التاو إلى إلغاء فكرة الصراع من أساسها، فأنت أيها الإنسان لم تأت لتخوض صراعًا ضد أيّ أحد، ولكنك أتيت كزائر عليه أن يراعي آداب الضيافة ثم يمضي بسلام في طريقه. هذه الفكرة موجودة أيضًا في الإسلام، ولكنها مع الأسف لم تنجح في كبح الجشع الدنيوي لدى الإنسان المسلم. حاليًا تُصنف التاوية كديانة، لها معابد وأتباع، وهذا خطأ. فالتاوية ليست لها تعاليم دينية، ولكنها أسلوب حياة يقوم على الزهد والتقشف وكف النفس عن الطمع والجشع والمنافسة، والابتعاد عن الانهماك في الصراع للفوز بالمناصب والمكاسب وإشباع الغرائز.. يقول لاو تسو: "إذا استطعت التحرر من الرغبات والبقاء ساكنًا، فإن المملكة ستعيش بسلام من تلقاء ذاتها". هذه مثلًا مقولة يمكن أن يأخذ بها الحاكم، وأيضًا يمكن أن يأخذ بها الإنسان العادي بوصفه ملكًا وجسده مملكته.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

لقد أحببت كتابات نجيب محفوظ الروائية والقصصية، أول كتاب قرأته لنجيب محفوظ هو مجموعته القصصية "حكايات حارتنا". وما زلت حتى اليوم أتذكر التأثير العجيب الذي أحدثته فيّ تلك القصص.. تلك كانت لحظة فاصلة في حياتي، كنت قبلها مولعًا بقراءة مجلات الأطفال وأحرص على متابعتها وأترقب صدورها بفارغ الصبر، ولكن بعد قراءتي لنجيب محفوظ كففت عن قراءة مجلات وكتب الأطفال، واتجهت إلى قراءة أعمال ناضجة وجادة.. وبمعنى من المعاني فإن نجيب محفوظ هو من ساهم في دفعي للنضج كقارئ. لقد جعلني أودع مرحلة قرائية من حياتي وأدخل مرحلة جديدة من القراءات العميقة.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

عندما أقرأ أحب أن أستمتع بقراءة العمل، وأنسى أنني كاتب. لا أسمح لخبرتي ككاتب وثقافتي النقدية أن تعوقني عن التواصل مع الكتاب الذي بين يديّ. أعرف العديد من الأصدقاء الذين لا يتمالكون أنفسهم من وضع الخطوط تحت الجمل المثيرة أو التصحيحات للأخطاء المطبعية أو حتى أخطاء المؤلف، وهناك من يكتب هوامش وملاحظات إلخ.. أحيانًا أشعر أن ما يقومون به هو نوع من التفاعل الإيجابي مع الكِتَاب والكاتب، ولكنني لا أستطيع ذلك، لا أحبذ أن أستيقظ لأدون، بل أن أظل أقرأ الكِتَاب وكأنني أعايش حلمًا من أحلام اليقظة.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

كنت أرفض تمامًا قراءة الكتب الإلكترونية، وفقدت طائفة من أصدقائي الذين أرسلوا لي نسخًا إلكترونية من كتبهم لأنني اعتذرتُ عن قراءتها. لكن منذ عام تقريبًا أصبت بضعف في النظر، فاستلزم هذا الاستعانة بنظارة طبية لقراءة الكتب.. المفاجأة أن قراءة الكتب بواسطة جهاز الآيباد أصبحت هي المفضلة عندي الآن، لأن هذا الجهاز يسمح لي بتكبير الخط كما أشاء، وبالتالي لا أحتاج نظارة القراءة.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

أمتلك مكتبة متواضعة فيها حوالي خمسمئة كتاب. أُعير الكثير من كتبي، ونادراً ما تعود هذه الكتب المُعارة. لستُ من محبي اقتناء الكِتَاب وحجبه عن الآخرين. إذا أعجبني كِتَاب ما فإنني أجعله يدور على حلقة من الأصدقاء المقربين.

  •   ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أقرأ حاليًا كتاب "تطور الرواية الحديثة" لمؤلفه جيسي ماتز، ترجمة لطفية الدليمي، وهو كتاب لا غنى عنه لمن يشتغل بالأدب كتابة ونقدًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة أحمد مجدي همام

مكتبة أحمد أبازيد