27-يناير-2020

الكاتب نبيل محمد

ألترا صوت - فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


نبيل محمد كاتب وصحافي من سوريا. تخرّج من كلية الإعلام في جامعة دمشق في 2007. لديه رواية بعنوان "دورة أغرار" سوف تصدر قريًا عن منشورات المتوسط.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

إعجابي بالمهتمين بهذا العالم، وميلي إلى التقليد الأعمى في مرحلة مبكرة من حياتي، مجموعة من الشخصيات التي كانت تعيش حول طفولتي، كانت شخصيات محببة لي، وكان يجمع بينها كلها عادتان، التدخين وقراءة الكتب، وبالفعل أصبحت مدخنًا وقارئ كتب. ثم بعد ذلك مع التقدم بالعمر، أي ربما في المرحلة ما قبل الجامعية أو بداية المرحلة الجامعية، لم يعد ذلك الإعجاب بالشخصيات ذاتها يحمل المعنى ذاته، أو على الأقل لم أعد مقلدًا، وهو ما دعاني ربما إلى المبادرة أكثر، بمعنى بدأت باختيار الكتب وحدي، لا يملي علي أحد ذلك، بل وربما بدأت أبتعد عن النماذج التي يقرؤها منْ حولي من كبار السن، والالتفات إلى الجديد.. بدأت أبتعد عن القيم التقليدية في القراءة، بمعنى بدأت تهوي لدي قيمة الثقافة والاطلاع، أمام قيمة المتعة، ثم فيما بعد لم يعد للكتاب في حياتي أي معنى سوى المتعة، أنا أقرأ لاستمتع فقط. أما ما أناله من معارف تدعم موقفي في الحياة العملية ومهنتي كصحافي، فأشكر فيها المتعة على ذلك. قلما تجد متعة لها فائدة أخرى، ليت التدخين وشرب الكحول، وأكل الطعام اللذيذ، يحمل قيمًا أخرى غير لحظية، ليتها غير مضرّة على الأقل، كالقراءة ومشاهدة السينما.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

وفقًا لطبيعة ذلك الأثر، المسخ مثلًا لكافكا أثّر بي ليشجعني على حب الكتب غير الضخمة، والتي يمكن أن تحمل عبر كبرى بالحياة، الخيميائي لباولو كويلو جعلني أكره العبر أصلًا. وداعًا للسلاح لهمنغواي علمتني الصبر على الروايات الطويلة نسبيًا، الحرب والسلم لتولستوي علمتني أنه من حقي تجاوز بعض الصفحات، بمعنى أقرأ الصفحة 15 ثم أنتقل إلى الصفحة 22، لم لا؟ ليس هناك أحد يرقبني خلال القراءة، وأشعر بالملل قليلًا، لم لا أتجاوز بعض الصفحات التي أشعر أنها مملة؟ روايات كثيرة عملتني أن لا أجرّب في القراءة، بمعنى ألا أغامر وأقرأ قبل أن أسال أحد القراء ممن أثق برأيهم نسبيًا، هل استمتعم في قراءة هذا العنوان أو ذاك؟ ثم وبعد التأكد على الأقل من أنني لن أخسر شيئًا، أقوم بالمبادرة وبدء القراءة. وهو ما جعلني تقريبًا جاهلًا بمحتوى عشرات الكتب خاصة العربية - على اعتبار أن نسب الرديء المترجم أقل – والتي هناك شبه إجماع ممن أثق برأيهم بأنها غير ممتعة. لا أريد ذكر عناوينها، بعضها مشهور جدًا، ولكتاب مشهورين جدًا. لم أقرأ لهم في حياتي. لأن أصدقاء لي شعروا بالملل أثناء قراءتهم.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

هو السؤال الأصعب، إن الفلترة صعبة جدًا.. أحب احتراف ساراماغو، لا أستطيع أن أجد تعبيرًا أشمل من ذلك، كوميديا أخاذة إن شاء تمرير مقاطع ذات وقع كوميدي في رواياته، وعي فلسفي فكري شامل.. سرد لا يوصف. أحب سرد موراكامي، وتخييله، ولا معقوله. وطريقة قتله للشخصيات (تتبع طريقها إلى الموت). أحب أغلب الأعمال في الواقعية السحرية في أدب أمريكا اللاتينية.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

أبدًا لا أفعل ذلك، أكتفي عند إنهائي لأي كتابة بإعادته إلى المكتبة، أو إلى من استعرته منه (أستعير الكتب وأعيدها ولا أؤمن بسرقتها أبدًا)، ثم آخذ كتابًا جديدًا.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

نهائيًا لم تتغير، لم اقرأ حتى اليوم أي كتاب الكتروني، ما أقرؤه عبر شاشة الكومبيوتر أو الموبايل هي مقالات في المواقع والصحف، وأخبار وما إلى ذلك مما يتطلبه عملي، أما الكتب فأنا أقرأ الكتاب المطبوع التقليدي، ولا أملك نظرية ثابتة في ما إذا كان المطبوع أفضل بسبب رائحة الورق وما إلى ذلك من العلاقة مع الكتاب الفيزيائي، وإنما بالفعل أفضّل الورقي لأني معتاد عليه وأرتاح معه كثيرًا، وبالتأكيد أرى أن انتشار الكتاب الالكتروني جيد في سياق الحفاظ على البيئة وتوفير استخدام الورق وتكاليف الانتشار وغيرها. لكن طالما الكتاب الورقي متوفر سأظل مداومًا عليه حسب ما أتوقع.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

مكتبتي صغيرة جدًا، أحاول عدم الاحتفاظ بكتب لن أستخدمها (مع ذلك أحتفظ أحيانًا)، بسبب أن التنقل يصعب معه نقل الكتب، خاصة بين بلد وآخر، عندما انتقلت من سوريا إلى لبنان لم أحمل معي إلا الكتاب الذي كنت أقرؤه، وكذلك عندما انتقلت من لبنان إلى تركيا، واليوم أعاني من عدم استقرار واضح تخفّ معه محتويات المكتبة بالتأكيد، بل وتتعاظم القدرة على التخلي عن الكتب بإهدائها لمن يعجب بها أو يخرجها من مكانها محاولًا تصفح المكتبة. لا أجد في ذلك أي مشكلة في الحقيقة، فطالما قرأت الكتاب لا يهمني إن احتفظت به أو لا، في الحقيقة كثير من الكتب التي قرأتها هي بحوزة أصدقاء لي اليوم. لكن هناك حيّز مهم في مكتبتي لا أستطيع التخلي عنه، مرتبط بالقواميس وكتب اللغات، وهي مهمة في سياق اهتمامي بالترجمة، وقيامي بدراسة اللغتين الإنجليزية والتركية، وتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.

 

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أقرأ رواية "من قتل بالومينو موليرو؟" لماريو بارغاس يوسا، وأعيش متعة كبيرة بين صفحات هذا الكتاب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة محمد طلبة رضوان

مكتبة بلال فضل