07-أبريل-2019

الشاعر والكاتب محمد سعيد

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


محمد سعيد شاعر وكاتب من سوريا، من مواليد منبج 1978. صدرت له نصوص أدبية بعنوان "عاريًا في حوض السمك"، وروايته الأولى "صعاليك هيرابوليس" عن "هاشيت أنطوان". حاصل على منحة Jean-Jacques Rousseau للتفرغ الإبداعي عام 2017 عن مؤسسة Akademie Schloss Solitude الألمانية. مقيم حاليًا في مدينة غازي عنتاب في تركيا.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

لا أعتقد أن الموضوع كان صدفة، فأنا ابن عائلة "ماركسية"، إن جاز التعبير، وهي تعتبر القراءة شيئًا أساسيًا في الحياة، بالإضافة لوجود مكتبة كبيرة في البيت فيها جميع أنواع الكتب والروايات. أذكر مرّة أن أحد أخوتي رآني مع صديق طفولتي نلعب ورق الشدّة، وبّخنا يومها ثم ذهب وأحضر لنا بعض القصص وطلب منّا قراءتها بدلًا عن اللعب بهذه اللعبة، من يومها أصبحت قراءة القصص ومجلات الأطفال عادة شبه يومية، وصرنا نتسابق أنا وصديقي في قراءة أكبر عدد ممكن من القصص والروايات، وبما أنني كنت من النوع الذي لا تستهويه كثيرًا الألعاب التي يمارسها الأولاد في الحي، صارت القراءة بالنسبة لي عالمًا موازيًا أعيش فيه أغلب الوقت، قرأت أغلب الكتب المتوفرة في مكتبة البيت، ثم لاحقًا بدأت باستعارة وشراء الكتب التي تناسب ذائقتي ومزاجي.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

قرأت الأدب الروسي في عمر مبكر من حياتي، بالإضافة لبعض الأدبيات الماركسية، وكان لهما التأثير الاكبر في تكوين شخصيتي ونظرتي لهذا العالم. كما لا يمكنني أن أنسى تأثير كتاب "ألف ليلة وليلة"، فهو الكتاب الذي فتح الباب لمخيلتي التي لم تعد تعرف سقفًا ولا حدودًا مع حكايات السندباد وعلي بابا وعلاء الدين والمصباح السحري وغيرها.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

في كل مرحلة عشتها كان هناك كاتب مفضل، شيء له علاقة بالتجربة والذائقة التي كانت تتراكم مع كل كتاب جديد، في طفولتي كنت أظن الأدب هو الأدب الروسي فقط لعدم توفر غيره في المكتبة، لهذا كنت معجبًا بماياكوفسكي وتشيخوف ودوستويفسكي، قبل أن أكتشف ماركيز وكونديرا ويوسا ليصبحوا من كتابي المفضلين، بمرحلة ما بعدها أحببت الماغوط وكان ديوانه "غرفة بملايين الجدران" لا يفارقني، جاء بعدها محمود درويش وظلّ هو الكاتب المفضل لفترة طويلة، الآن لم يعد يعجبني الماغوط على الإطلاق، كما أن درويش يعجبني ببعض القصائد وأحن لإعادة قراءتها أو سماعها بصوته، في هذه الفترة أعتبر البرتغالي أفونسو كروش هو كاتبي المفضل، قرأت كل ما ترجم من رواياته إلى العربية، سحرني بأسلوبه وحداثته، هو الذي جعلني أندم على قراءة الكثير من الروايات العربية "السميكة" والمليئة بالحشو.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

لا أبدًا، لم أتعلم هذه العادة، لم يكن لدي في يوم من الأيام دفتر لأكتب عليه ملاحظاتي وتعليقاتي عن الكتب التي أقرؤها، وأنا حريص بشدة على عدم إزعاج الكتاب الذي بين يدي حتى بطريقة فتحه وتقليب صفحاته، لطالما استيقظت من النوم معكر المزاج بسبب أنني غفوت وبيدي الكتاب، وعندي مشكلة مع الكتاب الذي خطّ عليه الآخرون ملاحظاتهم أو إشاراتهم، كنت أرى –وما زلت- أنها تفقدني جزء من المتعة التي يقدمها لي الكتاب وتشوش على تركيزي.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

بالتأكيد تغيرت، الأمر لم يكن خيارًا بالنسبة لي، كنت أحب الكتاب الورقي وهذا هو شكل الكتاب الذي تعودت عليه منذ تعلمي القراءة بعيدًا عن الرومانسية التي تتحدث عن ملمس الورق ورائحته، لكن بعد خروجي من سوريا لم يعد الكتاب متاحًا ومتوفرًا دائمًا لهذا كان الكتاب الإلكتروني هو الحل، لا أنكر أني عانيت في بداية الأمر ووجدت صعوبة في التعاطي مع شكل الكتاب الجديد وطريقة تقليب صفحاته إلكترونيًا، لكن مع مرور الوقت، ومع الرضوخ لشروط الواقع الجديد، صار الأمر معاكسًا، بدأت أجد صعوبة في قراءة الكتاب الورقي.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

مثل جميع السوريين، أغلبنا ترك مكتبته مع بقية أشيائه ورحل. بالنسبة لي تركت مكتبة كبيرة في بيتي، قسم كبير منها ورثته من عائلتي، والقسم الآخر من المكتبة عملت على تجميعه طيلة خمسة وعشرين سنة. كنت أتفاخر بوجود هذه المكتبة الكبيرة لدي أمام الجميع، هناك مجموعة كبيرة من الكتب التي اقتنيتها من بيروت خلال عملي هناك وكانت ممنوعة عندنا في سوريا، وبعضها لم يسمح لي الوقت بقراءتها حتى! بعد خروجي بفترة سمعت أن من سكن البيت من بعدي قام بحرقها، وتدفأ على نارها وتخلص منها، وذلك خوفًا من اكتشاف وجود هذه المكتبة التي تحوي كتبًا "علمانية" تحرّض على الكفر، حسب رأي من كانوا يحكمون المدينة حينها. لست حزينًا جدًا لما جرى لمكتبتي، خساراتنا كثيرة ومنها هذه المكتبة، والحزن أصبح ترفًا لا نملكه دائمًا، الآن مكتبتي موجودة داخل كمبيوتري المحمول، ولم يعد لدي هاجس ورغبة بامتلاك الكتب الورقية أو التفاخر بها كما السابق.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

حالياً أقرأ رواية "الصرصار" للكاتب راوي الحاج.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة ماناش باتاشارجي

مكتبة فرانك بايس