27-مايو-2019

الشاعر والمترجم محمد بيطاري

ألترا صوت - فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


محمد بيطاري شاعر ومترجم وكاتب فلسطيني سوري، من مواليد مخيم اليرموك. درسَ الأدب الإسباني في جامعة دمشق. يُدَرّس اللغة العربية في جامعة برشلونة المُستقلة. كتبَ في صحف ومواقع عربية مختلفة. صدرت له ترجمة ثلاث قصائد طويلة للشاعر التشيلي توماس كوهين في أنطولوجيا "حجرٌ لم يُقلب". كتب وأخرج النص المسرحي "تحت رمال الشاطئ" باللغة الإسبانية مع الكاتب والمخرج المسرحي الكتلاني مارك بيلانوفا. أصدرَ مؤخرًا كتاب "أنا الذي أنتم"، نسخة ثنائية اللغة كتلاني - عربي، ترجمة مارغاريدا كاستيلس كريبالس (مُختارات شعريّة لستّة شعراء من سوريا). حاضر في عدة جامعات إسبانية وكتلانية حول الشعر العربي.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

دائمًا أفكر في هذا الموضوع، إنّه يُعيدني إلى ماضٍ سرديّ. يومًا ما، سأعيد خَلْقه في نص مطوّل يمنَحُه حقّه الكامل والمشروع. كنتُ أعيش مع جدتي وجدي (من طرف الأم)، كنتُ صديق جدتي في مشاوريها، لشراء الهدايا، ومناسبات الأعياد. كنتُ في السادسة من العمر، وكان جدي قد تجاوز في حينها الـ 100 عام، وكان يطلب مني كل يوم قراءة الجريدة، هكذا بدأت القراءة بإتقان على يدي "شاهد العصر" كما أحب أن أسمّيه، كيف لا وهو من عايش حرب السفر برلك، والاحتلال البريطاني لفلسطين، وسايكس بيكو، والحرب العالمية الأولى والثانية... إلخ

في إحدى جولاتي مع جدتي التسعينية في "المسكيّة" في دمشق القديمة، سحرني غلاف كتابٍ، بزخارفه وخطوطه، عندما اقتربت وقرأت العنوان اكتشفت أنه "قصص الأنبياء" أردتُ اقتناءه، ولكنّ جدتي وضعت شرطَا لتشتريه لي، قالت لي إنّه عليّ الصوم في رمضان ذلك العام، وإن قمتُ بذلك فستهديني الكتاب. كان الرمضان الوحيد الذي صُمته في حياتي، فقط لأقتني الكتاب الذي باغتني بجماله.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

ربما، ستستغرب كثيرًا، إن قلت إن أهمّ كتاب قرأته هو جدّي!

  • من هو كاتبك المفضّل، ولماذا أصبح كذلك؟

لا أعتقد أنّ هناك كتابًا مفضّلًا لديّ، هذه الفكرة تشبه إلى حدٍ كبير الحياة. لا تستطيع أن تقول إنك تعيش أفضل أيامك في عمر الثلاثين، أو أنك عشتَ أفضل أيامك عندما كنت في العشرين، أو أنّك ستعيش أفضل أيامك في الأربعين. في الحقيقة الحياة فعل، وإن ترتكبها في كل يوم، فهذا يعني أنّك لا تعرف ما هو قادم، ما يزال عليك أن تعيش، بمعنى آخر إنّك لن تعرف أفضل أيامك وأنت لا زلت في مقتبل العمر. كذلك هي مسألة الكتاب المُفضل، ليس هناك كتاب مفضل، هناك كتب، وسيكون هناك أكثر، ما دمتُ أستطيع القراءة. لكنني أستطيع أن أتناول بعض العناوين كـ"كُتب مفضلة"، مثلًا: غرناطة لوركا، إيان جبسن، ترجمة حسين عبد المجيد زهرة، دار أزمنة (وقد كتب إيان جبسن مقدمة للطبعة التي صدرت بالعربية). مختارات من لوركا، ترجمة ناديا ظافر شعبان، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1981. النحت في الزمن لـ أندريه تاركوفسكي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ترجمة أمين الصالح، 2006. فن الشعر لـ الدكتور إحسان عباس، دار صادر ودار الشروق، 1996، رواية الجميلات النائمات لـ ياسوناري كاواباتا، ترجمة ماري طوق، دار الآداب للنشر والتوزيع، الطبعة الثانيّة 2006. ومن دون أدنى شك، كتاب ألف ليلة وليلة، هذا الكتاب الذي يجب أن يكون بيت كلّ من يرتكب الكتابة والقراءة، أو أحداهما. والكثير من الكتب التي هي مقربة منّي، بل وأعتبرها جزء مني.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

نعم، أكتب ملاحظات وملخصات دائمًا، لدي ملاحظات كتبتها منذ أكثر من 15 عامًا، عندما كنتُ مراهقًا، هذه الملاحظات من القلّة القليلة التي أنقذتها من المحرقة التي حدثت في مخيم اليرموك. عندما يكون الكتاب شعرًا أتناول كلّ ما يعجبني من الكتاب، وأفرّغه في أوراقِ مربعة أو مستطيلة وأجمعها ببعض وأخرزها عندما أنتهي من قراءة الكتاب، وبعد ذلك أحفظها، وأرددها في تنزهاتي اليومية التي أستغلها للتفكير، وهي طريقة تدربت عليها عندما بلغت الـ 12 من العمر، ولم أتوقف عنها حتّى الآن.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

موجة الكتب الإلكترونية أثّرت عليّ من ناحيتين، لم تتغير علاقتي مع الكتاب، وحتى الآن لم أقرأ أيّ كتاب إلكتروني، حاولت، لكن لم أستطع. أفكر أن العلاقة مع الكتاب ليس فقط بلمسه، بل بجماله، بنوع الورق المُستخدم، التصميم وأهم من كلّ ذلك رائحة الكتاب. بشكل عام، لديّ علاقة خاصّة مع الروائح، رائحة المكتبة والكتاب هي الأكثر إثارة لدي، كتاب ليس له رائحة لا أستطيع أن أقرأه، قراءتي الإلكترونية هي للصحف العربية اليومية، وذلك لصعوبة اقتناءها في برشلونة، ولو كانت تباع أعداد اليوم لاشتريتها بدلًا من قراءتها إلكترونيًا.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

لدّي مكتبتان، في الحقيقة لا أعرف، حاولت أمي أن تنقذ من كتبي في مخيم اليرموك ما استطاعت أن تنقذه في عام 2013، وأخرجت ما يقارب الـ 300 كتاب، من مكتبة ضمت ما يقارب 600 كتاب، كانت الثروة الوحيدة بالنسبة. ووضعت أمي الـ 300 كتاب عند أحد أصدقائنا في حي الأمين، في عام 216 قبل أن تخرج مع سوريا، أرسلت لي ما تيسر، الكثير من العناوين لم تقبل شركة الشحن أن ترسلها، حتّى أنه كان على أمي أن تجهز قائمة بعناوين الكتب، لأنهم طلبوا منها موافقة أمنيّة من شركة الشحن، ولهذا الكثير من العناوين لم تستطع إدراجها، وما وصلني من المكتبة التي اقتنيتها في مخيم اليرموك كان أقل من 200 كتاب بقليل. الآن بعد ست سنوات من المنفى، لدي مكتبة تضم ما يقارب 600 كتاب متوزعة بين ثلاث لغات، العربية؛ اللغة التي صحوت من نومي وأنا أقرأها، الإسبانية؛ وهي اللغة الثانية التي أجيدها بشكل طلق كوني درست الآداب الإسبانية في جامعة دمشق، واللغة الكتلانيّة وقد تعلمتها حين انتقلت من مدريد إلى برشلونة في عام 2014، والآن أجيدها وأعرف آدابها وتاريخها، ودرست بها في جامعة برشلونة المركزية في قسم دراسات في اللغات الساميّة.

ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

الآن أقرأ في كتابين بشكل متوازٍ، الأول "الأساطير والطقوس الساميّة الغربية" للباحث والأكاديمي غريغوريو دل أُلمو ليتي. الكتاب الثاني لذات الباحث وهو بعنوان "الديانة الكنعانية حسب اللوغاريتمية الأوغاريتية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة رغد قاسم

مكتبة محمد غازي الأخرس