31-ديسمبر-2018

الشاعر عيسى الشيخ حسن

ألترا صوت – فريق التحرير

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


عيسى الشيخ حسن شاعر من سوريا، يقيم في الدوحة. صدر له المجموعات الشعرية الآتية: أناشيد مبللة بالحزن، يا جبال أوّبي معه، أمويّون في حلم عبّاسي، مرّوا عليّ، حمام كثيف. بالإضافة إلى مجموعة مشتركة مع جماعة قلق "كأنّ الريح".


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

القراءة فاكهة الفقراء، بها امتلكنا العالم، وفيها وجدنا مساحةً من الأمل والدعة. كانت "ألف ليلة وليلة" رفقة "حمزة البهلوان" و"الزير سالم" و"السندباد" مصادرنا الأولى لقراءة العالم. أتقنت القراءة الطليقة في الصفّ الثاني، حين أطلقني شيخ الكتّاب، وكأنّه أجازني لأقرأ كلّ ما يقع في يدي.

في تلك القرية البعيدة كان الكتاب عزيزًا، خلا مكتبة أبي (رفّ عليه أحد عشر كتابًا) وكتب السير الشعبية يتداولها الشباب الذين لم يكملوا تعليمهم، وهذا ما زاد ظمأ المعرفة، حتى التحقت بالمدرسة الإعدادية طرف المدينة، وقد ظفرت فيها بمكتبة كبيرة، كنت أحد روّادها ستّ سنوات (إعدادي وثانوي).

  • ما الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

تأثّرت بأكثر من كتاب، في بداية القراءة الجادّة تأثّرت بـ"جمهورية الصمت" لسارتر، ولكنّ "الحرافيش" لمحفوظ كان الأكثر تأثيرًا، وتأثيرًا سالبًا للأسف، وما زالت آثار الحرافيش أمامي، وأحسب أن محفوظًا قد قرأ الجينوم البشري قبل علماء البيولوجيا، وكتب روايته. ولا أنكر أثر ماركيز في مجموع رواياته "خريف البطريرك" و"مائة عام من العزلة" و"الحبّ في زمن الكوليرا".

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

نجيب محفوظ، تعرّفت إليه في الثانويّة مع "خان الخليلي" و"اللصّ والكلاب"، وقرأت بعدها مجموعة أخرى من رواياته من دون ترتيب، لكنّ "الحرافيش" في رأيي نقلت نجيب محفوظ من الروائي إلى الرّائي، رواية تقرأ التاريخ الإنسانيّ الهشّ، وفي فصلها الأخير بثّ محفوظ رؤيا مفزعة بسقوط دولة العلم بيد الأشرار أيضًا، وكأنّه لا خلاص. كانت الرواية إنذارًا بعدم الركون إلى محطّة أو تيّار. ومن هنا كنت مهتمًّا بمحفوظ، الرائي الذي لا يكذب قرّاءه، وكان مفتاحًا لروائيين قرأت لهم فيما بعد مثل ماركيز ثمّ كونديرا.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

كنت أقرأ لغرض المتعة، ولكن حين بدأت الكتابة الصحافية صرت أفعل شيئًا من هذا، وألوم نفسي أحيانًا، لفقدي عشرات التعبيرات المشرقة، التي أضاءت ليالي القراءة الطويلة، ومبعث ذلك كسل القارئ ليس إلّا، الآن لم يبق من قراءتي غير عبارات قليلة جدًّا.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

بحكم ملازمة جهاز الكومبيوتر ثم اللاب توب لطبيعة عملي، تسلّلت إليّ مئات الكتب، سارعت إلى حفظها، وقرأت بعضها "دروز بلغراد"، ولكن مكتبة البيت ماثلة أمامي يوميًّا، فأتصفّح كتابًا، وقد يأخذني أيّامًا من ضرّته الجديدة.

نعم، تأثّرت علاقتي بالكتاب الورقي والجريدة الورقية، على الرغم من أنّ شهيّة اقتناء الكتاب الورقي لم تتغيّر، بل زادت كثيرًا، وكثيرًا ما أفكّر في هذه المفارقة: أيّام نهم القراءة حين لم أكن أمتلك الكتب، وضعف الهمّة وفي بيتي نحو ألفي كتاب.

ولكنّ الأمر ليس سيّئًا تمامًا، فالقراءة عبر الوسيط الجديد، أكثر من أيّام قراءة المطبوع الورقي، وإن كانت هَروبًا من تلك القراءات العميقة.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

أوّل كتّاب في مكتبتي كان "مختارات من شعر بدويّ الجبل" وكنت في الصفّ العاشر، أهداني إيّاه مدرّس اللغة العربية، وبعد عامين ضممت إليه 12 كتابًا، في معرض كتاب في القامشلي، جمعت المال من تبرّعات العائلة، وحين توظّفت صار جزء كبير من الراتب يذهب لشراء الكتب، وحين غادرت البلاد إلى الدوحة كان في مكتبتي نحو 1200 كتاب.

في الدوحة، كوّنت مكتبة جديدة من تصفيات المكتبات الكبرى التي تحوّلت إلى متاجر، ومن الكتب القديمة في المدرسة التي أسقطتها المدرسة من قائمة كتبها بحكم القِدم، ومن إهداءات المؤلّفين من الأصدقاء. ومن زياراتي القليلة لدمشق والقاهرة (في 2004، كان معظم ما جلبته من القاهرة حقيبة كتب اشتريتها من سوق الأزبكية).

مكتبتي الآن تحتل جانبًا من غرفتين، وحاولت عبثًا تنظيمها، إلى أن وجدت الحال أفضل بالنسبة إلى الكتب والكتّاب، فما فائدة أن أنقل جرير من قرب إيزابيل الليندي، ليكون جانب الفرزدق؟ بالتأكيد سيشتمني، ويهجوني.

معظم كتبي يغطّي الجانب الأدبي، ولا أهتمّ بأمّهات الكتب ذوات المجلّدات، عدا كتب التاريخ التي اقتنيتها على مراحل.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

فرغت قبل يومين من "صيف مع العدوّ" لشهلا العجيلي، وبدأت قراءة "مخمل" لحزامة حبايب، وهما ظاهرتان في السرد العربي الجديد، وقد قرأت رواياتهما السابقة، وتستحقّان التوقّف عند تجربتهما الناضجة، ولا أبالغ أنّ فيهما إضافة إلى السرد العربي، والأنثوي بخاصّة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة أمل الرندي

مكتبة فاتنة الغرة