18-ديسمبر-2017

الشاعر علي وجيه

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


علي وجيه شاعر من العراق. ولد عام 1989 في بغداد. حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، ويدرس حاليًا اللغة العربية في الجامعة المستنصرية. أصدر عدّة كتب شعرية منها "منفائيل" (2008)، و"أصابعي تتكلم، جسمُكِ يستمع" (2010)، و"سرطان" (2013)، و"دفتر المغضوب عليهم والضالين" (2016)، مقيم في بغداد ويعمل في الإعلام الإلكتروني والمرئيّ.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

ولدت في بيت سيدة شابة، هي أمي، كانت تمتلك خصلتين من شأنها أن تجعلاني أتجه إلى الكتب، الأولى: أنها علّمتني القراءة والكتابة قبل عام من دخول المدرسة، وبذلك كنتُ مبكرًا بالاطلاع على "الكتب الخارجية" كما نصطلح عليها، والثاني الخوف عليَّ من اللعب في الشارع، لأن منطقة طفولتي كانت شعبيّةً جدًّا وشرسة قياسًا بي، أما حصولي على الكتاب الأول فكانت مناسبةً غريبة، ففي حين كان يبحث قليلون من جيلي عن مجلات "باتمان" و"تان تان" و"ميكي"، تعرفتُ على إحسان عبد القدوس في العاشرة من عمري، وبذلك بدأت رحلتي مع الكتب، وحتى الآن أشعرُ بالامتنان لهذا الكاتب العظيم الذي يشعر الآخرون بأنه "يخدش البرستيج" إن تمّ ذكره على أنه كاتبٌ مؤثر! هذا الرجل علّمني الكثير، وكان بوابتي الأولى نحو الكتاب، قبل أن يُسلمني لنجيب محفوظ، وزكريا تامر، وعلي أحمد باكثير، وعبد الستار ناصر، وغيرهم.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

كتبٌ عديدة تشعّ في الرأس حين أتذكرها، في طفولتي نضّجني، كما أشرتُ، إحسان عبد القدوس، ساعده في ذلك عبد الستار ناصر، هذان الكاتبان يُعرّفانك بالمجتمع الشرق – أوسطي قبل أن تصطدم به، وكانت أعمالهما هي التي تجعلني أعيش مع الجميع، العتّالين، العاهرات، ضبّاط الشرطة، الأطفال المسحوقين، البنات الجريحات، وأنا جالسٌ في منزلي.

في مرحلة طفولتي، كانت الرواية الضخمة "سنة أولى حب" لمصطفى أمين، هي الأشدّ تأثيرًا، كانت تبلغ 1000 صفحة تقريبًا من القطع الكبير، وقرأتها أكثر من 10 مرات، حتى أنني أكملتُ في إحدى سنوات دراستي بسببها. وفي هذه المرحلة لا أستطيع أن أرى تأثيرًا عليَّ في الكتب التي أقرؤها أكثر من أعمال عبد الفتاح كيليطو، وحنه آرندت، ومحمّد عابد الجابري، وديوان الجواهري، وحسب الشيخ جعفر بمجاميعه المتفرقة.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

ليس هناك من كاتب مفضل، لكنّ هناك كتّابًا برفوف مكتملة في مكتبتي، منذ أول كتاب لهم حتى آخر وأحدث كتاب، ملاحقة تجربتهم ونتاجهم هي من أواخر المُتع التي لم تنفد، ولأنني معنيٌّ بالشعر، كان هناك سعدي يوسف، يوسف الصائغ، حسب الشيخ جعفر، أدونيس، عيسى مخلوف، عباس بيضون، مروراً بمحمّد عابد الجابري وكيليطو ونصر حامد أبو زيد وسعيد الغانمي، أثق تماماً بأن الشاعر عليه أن يعرف عوالم أخرى خارج الشعر، وأن يعرف الشعر كما لو كان ابنه، كتّابٌ عديدون، لهم كتبٌ ترتفع إلى القمة وكتب أخرى اعتيادية، لكنها بالنهاية تُكمل صورته.

شخصيًا، ما زال سعدي يوسف، منذ أول كتاب له أصدره بداية الخمسينيات، حتى كتابه الأخير الذي أصدره قبل شهر "خريفٌ مكتمل"، هو العالم الشعريّ الأرحب الذي أحبّ التجوال فيه.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادةً؟ 

بالتأكيد، هناك قصاصات حولي في كل شيء، فضلًا عن الريفيو الذي أكتبه عن الكتب التي أحبها بعد كلّ كتاب أقرؤه، أحبُّ دائمًا أن يعرف أصدقائي الكتب الجديدة، والتي أحبّها، وهذا طبعٌ كان لديّ منذ فترة مبكرة من مراهقتي، واستمر حتى دخلتُ التلفزيون ببرامج ثقافية تُعنى بتقديم الكتب والحديث عنها مثل "الكشكول" و"الفهرست"، لكنني لا احبُّ تشويه متن الكتاب بملاحظاتي، أكتب دومًا في الكومبيوتر، أو دفاتر صغيرة كثيرة على مكتبي.

  • هل تغيرت علاقاتك مع الكتب بعد زمن الكتاب الإلكتروني؟

بالعكس، رغم انني أقرأ إلكترونيًا وبكثرة، لكن ملمس الكتاب الورقيّ، والذكرى الشخصية معه، ومع نسخته، وطريقة شرائه، خصوصًا وبعيدًا عن الجانب المعرفي، أنا مهتمٌّ بمكتبتي منذ طفولتي، حتى صارت ضخمة جدًا، فمكتبتي من المكتبات الشخصية القليلة التي ما زالت تحتوي على أول كتاب اشتريه في حياتي، وأول كتاب أقرؤه بحياتي، بشكلٍ عام الكتاب مُبارك إن كان في "آي باد"، أو من الرف، أو بطريقة الاستنساخ، أو مسموعًا.

  • حدّثا عن مكتبتك؟

مكتبتي تحتلّ غرفةً منفصلة في شقتي الصغيرة، تملأ الجدران كلّها، أحرصُ تمامًا على أن تكون مُتنوعة، لأنها ستخصّ أطفالي بعد سنوات قليلة، كانت مكتبتي حتى قبل سنوات قليلة مكتبة شعرية خالصة، لكنها اليوم تضمّ الشعر العراقي، والعربي، والمترجم، والسرد، والنقد، والدراسات التشكيلية والمعمارية، فضلًا عن السياسة والفكر والفلسفة، وبهذا التنوع وحده أستطيع أن أنوّع نصّي الذي أكتبه، في الشعر أو خارجه.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أعكف منذ فترة على قراءة ما نصطلح عليه بـ"سوائل" باومان، وهي سلسلة للفيلسوف البولوني زيجمونت باومان صدرت منها حتى الآن 6 أجزاء "الحياة السائلة، المراقبة السائلة، الشرّ السائل [صدر حديثًا]، الحداثة السائلة، الحب السائل، الأزمنة السائلة)، هذه وجهة نظر جديدة تجاه العالم، تُقرأ كاملةً.

هذا الرجل يفتحُ نوافذ إضافية في العقل!

 

اقرأ/ي أيضًا: