14-مارس-2022
Abed Alrazak Diab

الصحافي والكاتب عبد الرزاق دياب

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


عبد الرزاق دياب شاعر وكاتب وصحافي من سوريا. ولد في دمشق عام 1968 لعائلة من الجولان المحتل. حاصل على إجازة في الإعلام من جامعة دمشق. كتب في الصحافة السورية، ويكتب حاليًا في عدد من الصحف والمواقع العربية. يقيم في القاهرة.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

أنا من ذلك الجيل الذي سحبته مكتبة نائية في ريف دمشق، حيث يمكنك أن تستتبدل ألغاز المغامرين الخمسة لمحمود سالم متى شئت بلغز جديد، ويمكنك أن تبحر في عوالم مصرية لفتية يبحثون عن اللصوص والمجرمين، فتكتشف معهم تفاصيل التاريخ المصري وجغرافيته.

مراهقتي كانت مع رجوع الشيخ إلى صباه، حيث الجنس أحد أضلاع الثالوث المحرم الذي سيأخذك إلى ممنوعات السياسة عند بو علي ياسين، ولقاء سريع في ذروة المراهقة سيدفعك لإدمان كاسيت سري لمظفرالنواب حتى تنتشي بقصيدة صادمة لمحمود درويش.

هذا الخليط في ثمانينات سوريا المحكومة بالممنوع الذي فرضه البعث الحاكم أنتج نخبة مذعورة من مصادرة كتاب مغلف بجريدة محلية، خشية اعتقال بسبب عنوان مباشر لحيدر حيدر وغالب هلسا والصادق النيهوم وعبد الرحمن منيف أو رياض الصالح الحسين، وهذا ما سيقودني فيما بعد لمطاردة الشعر في مرحلة غزيرة الإنتاج لفايز خضور ونزيه أبو عفش وشوقي بغدادي.

ومن ثم كانت الصحافة طريقًا جديدًا لخسارة الكتاب كرفيق وحيد، ولغة وسطى ستأخذ مني محاولتي أواسط التسعينات لنشر أول مجموعة شعرية تحت عنوان "حوارية الاشتهاء الأخير"، التي انتهت مخطوطًا في مكتبتي حتى اللحظة.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

الرواية والشعر منعطفان في تحولات القراءة عندي فلا يمكنك أن تمر سريعًا على غابرييل غارسيا ماركيز دون أن تقع في ورطة أدب أمريكا اللاتينية وكتابها جورج أمادو وايزابيل الليندي وباولو كويلهو، ومن ثم يصادرك خورخي لويس بورخيس، والأدهى أن تكون في لحظة ما قريبًا من المترجم الساحر صالح علماني (بالرغم من اختلاف الرؤى بعد الثورة السورية)، وأما القصيدة فلها ساحر وحيد هو محمود درويش وصديق كتبت له النجاة من الحياة بمجموعته الوحيدة كورتاج هو الطبيب المرحوم إياد شاهين.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

أقرأ اليوم بعد أن أقلعت عن إدمان أسماء بعينها، والقاهرة التي أقيم فيها منذ سنوات منحتني فرصة الخروج إلى فضاء أرحب، حيث الكتاب سهل المنال ورخيص الثمن، وستجد هنا متعة امتلاك ثروة من العناوين المتناقضة والفجة أحيانًا، الصفراء التي تشبه مجلة جنسية أو فنية، لكنك تتوقف عند أسماء مصرية وعربية خارج أضواء معارض الكتب ودور النشر الشهيرة.

العربي-التلفزيون

كاتبي المفضل هو الذي يباغتني من أول سطر أو إهداء حتى لو كان مغمورًا.. لكنني كما أسلفت أشعر بالامتنان لأنني عشت زمن ماركيز وأمادو وبورخيس وعبد الرحمن منيف ومحمود درويش.. أما ماركيز فقد شممت في كلماته روائح زهور ومدن بعيدة وغريبة وأفشى أسرار ونقائص معتوهي العالم.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

نعم.. أدمنت لفترة طويلة انتقاء أكثر العبارات فيما أقرأ، وهذا يسري حتى على الجمل المباغتة لدرويش والماغوط وكتاب زوايا الرأي في الصحف، مثل جورج خوري الذي بهرني بعناوين مقالاته الغاضبة التي نشرها في كتاب تحت نفس العنوان، وضاع من مكتبتي بدمشق بعد أن استعاره صديق من هواة سرقة الكتب. الآن أستفيد من اختصارات سريعة لما أقرأ في تضمين مقالاتي وتحقيقاتي الصحفية بعد أن سرقتني الصحافة من الأدب.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

ما زلت أبحث عن النسخة الورقية لأي كتاب، لكن ظروف النشر والمدن الجديدة جعلت من الإلكتروني بديلًا لا بدّ منه، فأنا قارئ كلاسيكي يبحث عن ما هو أبعد من رؤية الكلمات.

ما يميز الكتاب الإلكتروني أنه متوافر وقت ما تشاء، وتمتلك ثمنه المرتفع، ومعه تعب العيون الذي سيجبرك على التوقف في لحظة لا تحبها، ولكن لا مشكلة إن كان هو الخيار الوحيد.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

لم أمتلك مكتبة حقيقية إلا لسنوات قليلة أجهزت عليها الحرب في سوريا، وهي حاليًا موزعة عند أكثر من صديق وبيت، ولكن هوسها حاضر في أي مكان أستقرفيه لوقت ولو كان قصيرًا.. حاليًا لديّ مكتبة متواضعة في منزلي بالقاهرة وبعض الكتب المتناثرة في اسطنبول.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أقرأ حاليًا رواية هدم للكاتب الدنماركي توم كريستينسن، حيث تتقاطع أحداثها وتاريخها مع صراع نعيشه نحن الذين جئنا في زمن المتغيرات القاسية لنعيد ترتيب مفاهيمنا وقيمنا وحياتنا. بالتوازي أعود لعناوين قديمة كنت قد حصلت عليها من مكتبات الشوارع القاهرية في استذكار لعبارات ساهمت في تعزيز قاموسي اللغوي والروحي.

 

اقرأ/ي أيضًا:
مكتبة يارا وهبي