02-يوليو-2018

الكاتب والباحث طارق عزيزة (تصميم ألترا صوت/ تصوير: حنا ورد)

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


طارق عزيزة كاتب وباحث من سوريا. متخصّص في شؤون الحركات الجهادية وفي دراسات الثّورة السورية. عملَ أستاذًا ومحاضرًا في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت. له عشرات الدراسات والمقالات المنشورة في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية عربية. من مؤلفاته: "جبهة النصرة لأهل الشام القاعدة في طبعتها السورية" (المجموعة السورية للدراسات والأبحاث 2013)، "العلمانية" (الرابطة السورية للمواطنة 2014).


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

استهوتني المطالعة منذ الطفولة. لا شكّ أن اهتمام الأهل لعب دورًا في تنمية هذه الهواية من خلال شراء كتب ومجلات الأطفال، إلا أنّ الميل والاهتمام الشخصي له الدور الأكبر على ما أظن. فمع آخر سنتين في المدرسة الابتدائية لم أعد أكتفي بالمطبوعات المخصصة للأطفال واليافعين، ولحسن الحظ كان هناك مجموعة كتب في مجالات مختلفة لدى والدي، ليست "مكتبة" تمامًا لكنّها كانت تفي بالغرض وبدأت أقرؤها تباعًا. ثم تطوّرت علاقتي مع عالم الكتب في المرحلتين الإعدادية والثانوية، إذ كنت من بين قلّة قليلة تواظب على الاستعارة من مكتبة المدرسة، والتي كانت تضم مجموعة غنية ومتنوعة، في الرواية والتاريخ والسياسة والسير الذاتية.. وفي الفترة نفسها بدأت أقتطع من مصروفي الشخصي لاقتناء الكتب. ثم اتّخذت العلاقة مع الكتب أشكالًا مختلفة، إذ باتت ركنًا أساسيًا في حياتي العملية.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

من الصعب الإجابة عن السؤال بدقّة، لأنّ إدراك ذلك التأثير أو تقييمه يختلف من مرحلة لأخرى، وربما يتغيّر بتغيّر طبيعة علاقتك مع الكتاب بل والغاية من القراءة نفسها. في كلّ الأحوال، تبقى في الذاكرة بعض العناوين التي يعود كلّ منها إلى حقل مختلف. من قراءاتي المبكّرة، لا أنسى تأثّري البالغ بمذكّرات نيكوس كزانتزاكس "تقرير إلى غريكو" مثلًا، أو رواية همنغواي "الشيخ والبحر"، ومثلها روايات حنا مينة، لا سيما وأنني ولدت ونشأت في مدينة اللاذقية على الساحل السوري. فيما بعد، أصبحت القراءات السياسية تشغل الحيّز الأكبر من اهتمامي، وكان لكتاب ياسين الحافظ "الهزيمة والأيديولوجية المهزومة" تأثير مهمّ في وعيي آنذاك.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

هم أكثر من كاتب، لكن سأتحفّظ عن ذكر الأحياء منهم كي لا يبدو في الأمر مجاملة فبعضهم أصدقاء شخصيّون، أو جمعتنا علاقة عمل. ومن الكتّاب الراحلين ربما يحتلّ جورج طرابيشي مرتبة الصدارة، ليس فقط لموسوعيته وعمق المحتوى الذي تضمه كتبه، لكن أيضًا لأسلوبه الجذّاب ولغته الغنية. وكثيرًا ما أستعين بمؤلّفاته كمراجع في بعض أعمالي، فضلًا عن تطوّر ملموس كنت أشعر أنّه يطرأ على لغتي في الكتابة بعد كل مرّة أعود فيها إلى قراءة كتبه.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

نعم أفعل، وهي عادة قديمة منذ قراءاتي الأولى، ويكاد لا يخلو كتابٌ قرأته من ملاحظات وتعليقات سلبية أو إيجابية، وحتى تدوين أسئلة استنكارية أو تصحيحات في حالات معيّنة، إضافة إلى نقل وتوثيق العديد من الاقتباسات التي تعجبني أو أرى أنّها قد تفيدني في العمل، وبخاصّة بعد أن دخلت عالم الكتابة عموماً، والبحثية منها بوجه خاص.

  • هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لنقل إنّ التغيّر لم يصب العلاقة بالكتب نفسها وإنما طريقة التعامل معها، بدءًا من كيفية الحصول عليها وانتهاءً بكيفية تدوين الملاحظات والتعليقات. ولست ممن يقيمون ذلك التمييز الحادّ بين الكتاب الورقي وشقيقه الإلكتروني، فالتعامل مع كلّ منهما له سلبياته وإيجابياته.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

هو حديث ذو شجون لأنّني فارقتها مضطرًّا، وهي التي جمعتها بعناية وجهد لسنوات طويلة، وأمضيت في عوالم كتبها أمتع اللحظات، وكانت معينًا وشريكًا في عملي، كما تنقّلت معي من مدينة لأخرى ومن بيت لآخر، والآن أنا في ألمانيا فيما بقيت هي حبيسة الصناديق في مكان ما من سوريا. رغم هذا كنت محظوظًا بالقدوم إلى هنا بالطائرة، وهو ما ساعدني على حمل ما استطعت حمله من كتب، وكذلك فعلت زوجتي عند التحاقها بي، وبهذا وضعنا حجر الزاوية لتأسيس مكتبة المنزل من جديد، والتي نمدّها بمزيد من العناوين عبر طلب الكتب من الإنترنت من وقت لآخر. وكذلك، شكّلت المكتبة الإلكترونية الضخمة التي بحوزتي تعويضًا كبيرًا، بل إنّ قسمًا من مكتبي الورقية أصبح عندي إلكترونيًا.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أنهيت قبل أيام قراءة رواية "الأعراف" للكاتب أنور السباعي، ثم انشغلت بإنجاز ورقة بحثيّة تطلّبت مني التنقل بين عدّة كتب في قراءة مجتزأة وإنتقائية لبعض الفصول، وهذا من السلبيات التي تفرضها ظروف العمل أحيانًا فتفسد متعة القراءة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة علي جازو

مكتبة بلال محمد شلش