27-نوفمبر-2017

الشاعر والناقد خضر الآغا

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


خضر الآغا شاعر وناقد من سوريا. يقيم في ألمانيا حاليًا. لديه العديد من الإصدارات: "أنوثة الإشارة" و"الجاهلي الذي أنا" (شعر)، و"البياض المهدور- مقدمة للشعر الجديد في سوريا" و"ما بعد الكتابة - نقد أيديولوجيا اللغة" (دراسات).


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

في البدايات، وعندما لم أكن أعرف بالضبط، أين أنا، وفي أي حقل ثقافي سأكون، وعندما بدأت بكتابة الشعر قرأتُ الشعر لأعرف ما هو وكيف يكتب. وعندما أردت كتابة مسرحية قرأت بعض المسرحيات لأعرف ما هو المسرح وكيف يكتب، وكذلك الأمر عندما أردت كتابة رواية فقرأت العديد من الروايات لأتعرف على الرواية وكيف تكتب، كذلك شاهدت العديد من اللوحات عندما فكرت أن أرسم... وهكذا. انطلاقًا من هنا أحببت تلك الأجواء وأحببت القراءة فدخلت فيها ولم أزل.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

هناك العديد من الكتاب أثّروا بي، على اختلاف مراحل حياتي واهتماماتي. أتذكر كثيرا كتاب "الكلمات والأشياء" لميشيل فوكو في مرحلة. و"السيرتان" لسليم بركات في مرحلة أخرى وهكذا... لكن يمكنني القول إن كتاب "أسطورة الأدب الرفيع" للكاتب العراقي علي الوردي كان حاسماً في توجهي الثقافي للبحث فيما يقوله النص خفية، لاكتشاف الأنساق المخفية في النص، لاكتشاف البعد الاجتماعي وليس فقط اللغوي... هذا الكتاب الذي أسّس، عربيًّا، لما يسمى "النقد الثقافي". هذا الكتاب هو العلامة الفارقة في توجهي حتى الآن.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

لا يوجد كاتب مفضل بالمعنى الحصريّ. أحب كتابات معينة لبعض الكتاب. بصفة خاصة الكتابات التي تعنى وتبحث عن الاجتماعي في الأدبي، والاجتماعي في الثقافي، والاجتماعي في اللغوي.. وبالتأكيد ذلك ناجم عن تأثير علي الوردي. وفي ذات السياق أحب الكثير من كتابات عبد الله الغذامي التي تمشي بقوة في النقد الثقافي.. وهكذا.

  • هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

نعم، أكتب ملاحظات كثيرة وأقوم بالتلخيص أحيانًا. القراءة بالنسبة لي فعل متعة وتعذيب في الآن معًا. إنها أشبه بالمهمة العظمى التي أشعر أنه ينبغي عليّ القيام بها على أكمل وجه أستطيعه.

  • هل تغيرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكترونيّ؟

الكتاب الإلكتروني حرمني أولًا من متعة كتابة الملاحظات على هوامش الكتاب، ومن متعة وضع خطوط كثيرة تحت الفقرات أو الافكار التي أجدها ضرورية لمناقشتها أو التأثر بها أو رفضها... لكن، مع هذا كان بديلًا قويًا لغلاء الكتاب وعدم القدرة على شرائه، ولعدم توفر بعض الكتب في المكتبات لأسباب ما: كأن تكون ممنوعة مثلًا، أو صعب الوصول إليها مثلًا.. في قصتنا المريعة في الهجرة وعدم إمكانية اقتناء كتب بلغتنا الأم شكل الكتاب الإلكتروني بديلًا وحلًا مهما لذلك. ولم تتغير، إثره، نظرتي للكتب.

القصة تكمن في حب القراءة والمواظبة عليها، وليس عن مصادرها.

  • حدّثنا عن مكتبتك؟

مكتبتي في سوريا. لدي كتب في كل مكان: في الصالون، في غرفة النوم، في المطبخ، في الشرفة: حتى في الشرفة لدي مكتبة. وأيضا في سقيفة البيت. تحاصرني الكتب وأحاصرها أيضًا. مكتبتي في سوريا هي مراحل حياتي الثقافية، أو بعض من هذه المراحل. كنت أعتني بها أكثر مما أعتني بجسدي. أراقبها وأراقب نموها كما لو كانت كائنا حيا. أو هي كائن حي في الحقيقة. أحن إليها ككل شيء أثير لي في سوريا.

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

أقرأ الآن نفسي كلاجئ، وأقرأ السوريين الآن بوصفهم لاجئين، وذلك عبر قراءتي لكتّاب لجؤوا ذات يوم وكتبوا عن تجاربهم. هناك كتاب لبرتولد بريشت، اسمه "حديث اللاجئ" كتاب صغير أقرؤه الآن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة محمد الأصفر

بورخيس وفلسفة اللغة في "مكتبة بابل"