05-فبراير-2018

الشاعر حسين بن حمزة

يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.


حسين بن حمزة  شاعر وصحافي من سوريا، ولد في مدينة الحسكة. بدأ النشر في الصحافة السورية منذ الثمانينيات. انتقل إلى بيروت وعمل في الصحافة اللبنانية منذ عام 1995 حتى 2016. أصدر ديوانه الأول "رجل نائم في ثياب الأحد" (دار الجديد، بيروت 1997). يعيش حاليًا في ألمانيا.


  • ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟

ولدتُ في بيت كانت فيه مكتبة. كان أخي الأكبر شاعرًا ويدرس الأدب العربي في الجامعة. كانت الكتب حولنا دائمًا. كتب أدبية ومعاجم ومراجع تراثية غالبًا، إلى جانب مؤلفات حديثة. قراءة الكتب غير المدرسية بدأت مبكرًا، وصنعت تلك الغبطة التي لا يمكن وصفها، والتي ستتحول مع الأيام إلى نوع من المزاج الخاص. مزاجٌ سيجعلك "أجنبيًا" بين أقرانك في نفس العمر، وتصبح الكتب سببًا في غربة ممتعة تتسع وتتعمق بلا توقف.

  • ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟

لا أستطيع تحديد كتاب والقول إنه الأكثر تأثيرًا. هناك دومًا هذا النوع من الكتب المؤثرة والمؤلفين الذين تظن أنهم فكّروا بك وهم يؤلفون كتبهم. هناك شعراء وروائيون ونقاد وفلاسفة مفضّلون. هناك كتب عربية وترجمات مفضلة. في فترة ما كانت الرواية الروسية، من ينسى تأثيرات دوستويفسكي وتشيخوف وغوغول؟ ثم كانت الرواية اليابانية بأسماء فريدة مثل كاواباتا وميشيما، ولاحقًا كوبو آبي وكينزا بورو أوي، وقبلها أدب أميركا اللاتينية، ماركيز وخوان رولفو ويوسا وكوردون. وهناك طبعًا كونديرا الذي لا يمكن أن تتجاهل تخريبه الثمين لقراءاتك ذاتها. هناك بول أوستر وسالنجر وهنري ميللر، وهناك لوحده كتاب "إسطنبول" لأورهان باموق. يمكنني القول إن هؤلاء هم كتّابي المفضلون، ولكنهم ليسوا الوحيدين. أحيانًا قصيرة قصيرة للإيطالي دينو بوتزاتي يدوم تأثيرها لسنوات، أو رواية لأغوتا كريستوف تأسرك طويلًا في عوالمها الثمينة، وأحيانًا قصيدة هايكو هشة وصغيرة ونحيلة تدوّخك إلى الأبد!

من العرب، يمكن أن أسمّي، كأمثلة فقط، روايات غالب هلسا وحسن داوود وقصص يوسف إدريس، وأشعار توفيق صايغ والماغوط وعباس بيضون وسركون بولص وبسام حجار (وترجماته).

يخطرلي أنني أنتمي إلى حقبة كان القرّاء يقرؤون فيها ما يُقرأ وما لا يُقرأ، من الجريدة إلى الكتاب إلى سلاسل الألغاز إلى مجرد ورقة قديمة ومجعلكة يلفّ بها بائع الموالح 50 غرامًا من البزورات. القراءة نفسها هي ممارسة  تتغير باستمرار. هذا لا يعني أن بعض الكتب تفقد أو يتضاءل تأثيرها مع الوقت فقط، بل يعني أنك أنت أيضًا كقارئ  تتغير.

  • من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟

يمكن سحب الإجابة السابقة على هذا السؤال أيضًا. يمكن طبعًا أن أسمي كتّابًا مفضلين وليس واحدًا فقط، ولكني أجد ذلك صعبًا ومحيرًا، ولكن إذا كنت سأسمّي كاتبًا مفضّلًا، على سبيل المثال، فربما أختار غابرييل غارسيا ماركيز الذي أفكر أحيانًا أنه كان ينبغي أن يُمنح جائزة نوبل لعدة سنوات متتالية، كما يحدث للاعبي كرة القدم الموهوبين حين يفوزون بجائزة أفضل لاعب في العالم أكثر من مرة!

  •  هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟

لم أكتب يومًا ملخصات أو ملاحظات أو أحكامًا منفصلة حول الكتب التي أقرأها. قد أفعل ما يشبه ذلك أثناء قرأءة كتاب أو ديوان بنيّة الكتابة عنه، ولكن حتى هذا يحدث بخربشات مختزلة على هوامش صفحات الكتاب نفسه. في السابق كانت لدي عادة أن أضع خطوطًا تحت فقرات أو استعارات أو جمل أحبها في الكتب. ثم تأتي تلك المتعة السرية حين تعود لتصفّح تلك الكتب وتعثر على تلك الخطوط، ولا تعرف بالضبط لماذا وضعتها، وبماذا كنت تشعر في تلك اللحظات.

  • هل تغيّرت علاقاتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟

لم تتغير علاقتي بالكتب بعد رواج الكتاب الإلكتروني، وذلك لسبب بسيط وهو أني تجاهلت حتى اليوم القراءة على الكومبيوتر أو التابليت. قد اضْطَرُ أحيانًا لفعل ذلك لسبب وجيه وطارئ، ولكني أفعل ذلك كواجب إجباري. الكتب هي الكتب، ولم أعتدْ بعد على شيء آخر غير هذا الوصف. ومع أني حاليًا أعيش بلا مكتبة ورقية تقريبًا إلا أنني لم أستسلم للقراءة الإلكترونية بعد. ربما ما زلت أتغذّى على ما قرأتُه سابقًا، وربما لا تزال قراءاتي القديمة تخدمني!

  • حدثنا عن مكتبتك؟

كانت لدي مكتبة أينما عشت. في مسقط الرأس، في حلب حيث درست في الجامعة، وفي دمشق ثم بيروت. آخر مكتبة تخليت عنها قسرًا قبل أن أترك لبنان بشكل نهائي. وعزائي أن صديقًا وضعها كاملةً في ركن من حانته البيروتية في شارع الحمرا الذي أحبه.
مكتبتي غالبًا ما كانت موازية لمزاجي الشخصي في القراءة، ولذلك كان طبيعيًا أن أتبرع بعشرات الكتب وأصفّي بعضها الآخر حين كانت تتراكم كتب لا تعنيني أو لا أجد لها مكانًا داخل ذائقتي .

  • ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟

حاليًا ليس هناك كتاب محدد أقرأه. أنهيت منذ فترة رواية لحسن داوود، وديوانًا لزاهر الغافري وآخر لمريم شريف. عدتُ إلى التفكير بفكرة النشر التي تخليت عنها منذ أكثر من سنة، تنتظرني عدة كتب وتحقيقات ومخططات طبعًا، ولكني لا أجد وقتًا مناسبًا أو كافيًا. هذه الاستجابة لكتابة شيء عن الكتب هي استجابة لفكرة العودة للكتابة والنشر. وهي فكرة ليست سهلة ومطواعة لشخص كسول مثلي اعتبر التأجيل والصمت والانزواء بين نصوصه الأجمل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مكتبة نعمة خالد

مكتبة زوينة آل تويّه