13-أبريل-2022
تمتد علاقة فيكتور ميدفيدشوك مع بوتين لعشرين عامًا (Getty)

تمتد علاقة فيكتور ميدفيدشوك مع بوتين لعشرين عامًا (Getty)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتقال رجل الأعمال الأوكراني ورئيس المجلس السياسي لحزب "منصة المعارضة- من أجل الحياة" المعارض فيكتور ميدفيدشوك، الذي يعتبر أحد أبرز المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصديقه الشخصي. وكتب زيلينسكي على قناته في تلغرام "تم تنفيذ عملية خاصة بفضل أجهزة الأمن الأوكرانية"، وأرفق صورة لميدفيدشوك وهو مقيد اليدين ويرتدي زيًا عسكريًا أوكرانيًا، لافتًا إلى أنه سيتم الكشف عن تفاصيل العملية لاحقًا.

أعلن الرئيس الأوكراني اعتقال رجل الأعمال الأوكراني ورئيس المجلس السياسي لحزب "منصة المعارضة- من أجل الحياة" فيكتور ميدفيدشوك

 يذكر أنه بعد الإعلان عن الأحكام العرفية أصدر المجلس القومي الأوكراني قرارًا في 20 آذار/مارس الماضي بتعليق أنشطة عدد من الأحزاب السياسية الأوكرانية بتهمة ارتباطها مع روسيا. ومن بين تلك الأحزاب "منصة المعارضة- من أجل الحياة" التي يقودها ميدفيدشوك والذي وضعته السلطات الأوكرانية قيد الإقامة الجبرية، لكنه استطاع الفرار بعد ثلاثة أيام من بدء عملية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، وبقي مكان تواجده مجهولًا لحين الإعلان عن اعتقاله.

يشار إلى أنه جرى تداول اسم ميدفيدشوك باعتباره واحدًا من خمسة سياسيين أوكرانيين تمّ تجنيدهم للمشاركة في إقامة حكم موالي لموسكو بعد قيام روسيا بغزو أوكرانيا. وتوقّعت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن يكون ميدفيدشوك أحد أبرز السياسيين الأوكرانيين المقرّبين من بوتين للعب دور مهم خلال عملية الغزو الروسي لأوكرانيا.

كما رجحت مصادر رسمية أمريكية في تصريحها لمجلّة نيوزويك الأمريكية وقتها أنه في حال نجاح الهجوم العسكري الروسي في السيطرة على العاصمة كييف وإسقاط النظام، فإن بوتين قد ينصّب صديقه المقرب فيكتور ميدفيدشوك على رأس النظام الجديد. ويوصف فيكتور ميدفيدشوك بأنه رجل بوتين في أوكرانيا ومن الشخصيات التي لها تأثير على الساحة السياسة الأوكرانية، فهو عضو في البرلمان الأوكراني ورجل أعمال ويمتلك شبكة إعلامية كبيرة مكونة من عدَّة قنوات إعلامية توصف بولائها لموسكو. هذا بالإضافة إلى شبكة من الاستثمارات في أوكرانيا وروسيا في ميدان المحروقات. وقد قدَّرت مجلة فوربس ثروته في العام 2021 بــ 620 مليون دولار.

وتعود العلاقة بين ميدفيدشوك وبوتين إلى بدايات استلام الأخير لمقاليد الحكم في روسيا عام 2000، إذ كان ميدفيدشوك حينها يشغل منصب مدير مكتب الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما، عندما كانت العلاقة بين أوكرانيا وروسيا تشهد وفاقًا وتفاهمًا، وكانت أوكرانيا تستفيد من الغاز الروسي بأسعار مدعمة بالإضافة للقروض الروسية الميسَّرة لدعم الاقتصاد الأوكراني.

بعد ذلك، توطَّدت العلاقة بين الرجلين إثر احتجاجات ساحة "الميدان" عام 2014 والتي أدت لسقوط نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ومغادرته البلاد، وصعود نظام جديد موالٍ للغرب. حينها ظهرت حاجة روسيا إلى قوى حليفة في المشهد السياسي الأوكراني المستجد، وقد أدى ميدفيدشوك هذه المهمة على أكمل وجه من خلال حزبه الذي أضحى أول قوة معارضة داخل البرلمان، بالإضافة إلى قنواته التلفزيونية الناقدة للحكومة وذات الخط التحريري الداعم لروسيا.

وبفضل شبكاته الإعلامية وعلاقاته السياسية وإدارته أعمالًا مشتركة مع الرئيس الروسي، أصبح ميدفيدشوك الصديق المقرب لبوتين ويُمضي معه العطل الصيفية ويظهر معه في العديد من المناسبات الرياضية. كما أصبح بوتين الأب الروحي لابنة ميدفيدشوك، ولا ينفي رجل الأعمال الأوكراني تلك العلاقة القوية مع زعيم الكرملين بل يُقرُّ بأنه استغل هذه العلاقة التي تمتد إلى 20 عامًا في نشاطه السياسي في أوكرانيا وتوسيع قاعدته الشعبية لدى الأوكرانيين الموالين لموسكو.

وبعد قيام روسيا بضمّ شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014 فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على ميدفيدشوك على خلفية مشاركته في الأمر، حيث كان يقود آنذاك منظمة ضالعة في إجراءات وسياسات "تقوّض العملية الديمقراطية، والمؤسسات الديمقراطية في أوكرانيا" بحسب التصريحات الأمريكية.

وعندما اندلع الصراع بين الحكومة الأوكرانية والانفصاليين المُوالين لروسيا في شرق أوكرانيا، وجد المسؤولون في كييف أن ميدفيدشوك هو قناة اتصال جيدة مع الكرملين، ويمكنه إيصال رسائل إلى المسؤولين الروس والمساعدة في مفاوضات تبادل السجناء مع الانفصاليين. لكن بعد تولى الرئيس الحالي فولوديمير زيلينسكي مقاليد الحكم ضيقت حكومة كييف على أنشطة ميدفيدشوك وشنت حملة على إمبراطورتيه الإعلامية من خلال منع قنواته الفضائية "نيوز وان" و112 أوكرانيا" و'زيك نيوز" من البث، بتهمة تلقي التمويل من روسيا. كما اتهمت الناطقة باسم الرئاسة الأوكرانية يوليا مينديل تلك القنوات بأنها "أصبحت أدوات حرب ضد أوكرانيا، لذلك جرى حجبهم حفاظًا على الأمن القومي".

وقد أيدت السفارة الأمريكية في كييف تلك الخطوة، وقالت في بيانها إن "الولايات المتحدة تدعم الجهود الرامية إلى التصدي لنفوذ روسيا الشرير التي بذلتها أوكرانيا  صونًا لسيادتها وسلامتها الإقليمية وبناءً على التشريعات الأوكرانية".

وبعدها جاء الدور على شركات ميدفيدشوك الاقتصادية. فجمدت السلطات الأوكرانية مجموعة من أصول تلك الشركات أهمها الشركة التي تشرف على خط الغاز الذي يوصل بترول روسيا إلى أوروبا والذي يمتلكه ميدفيدشوك، وهو ما كان يهدف إلى قطع تمويل أنشطته السياسية من خلال كتلة "من أجل أوكرانيا" البرلمانية المعارضة والموالية لروسيا داخل البرلمان. لينتقل الأمر إلى استهداف ميدفيدشوك بشكل شخصي، حيث وقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في شباط/فبراير 2021 مرسومًا يتّهم فيه ميدفيدشوك بتمويل الإرهاب، وقام بتجميد أمواله وجرى وضعه تحت الإقامة الجبرية.

في أيار/مايو 2021 وجّهت النيابة الأوكرانية اتهامات إلى ميدفيدشوك بالخيانة العظمى ووضعته قيد الإقامة الجبرية

في أيار/مايو 2021 وجّهت النيابة الأوكرانية اتهامات إلى ميدفيدشوك بالخيانة العظمى ووضعته قيد الإقامة الجبرية، بتهمة نقل بيانات سرية حول وحدة عسكرية سرية من القوات المسلحة الأوكرانية إلى روسيا تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 15 عامًا. ووصف الرئيس الروسي آنداك تلك الإجراءات المتخذة بحق صديقه بأنها "إقصاء للساحة السياسية، وأن تلك القرارات من شأنها أن تحوّل أوكرانيا إلى نقيضة ومعادية لروسيا"، وتوعد بالرد على الخطوات التي اتخذتها السلطات الأوكرانية.