1. سياسة
  2. سياق متصل

مقاعد المغتربين تشعل الانقسام السياسي في لبنان

18 أكتوبر 2025
الانتخابات اللبنانية
سجال سياسي حول مقاعد المغتربين (Getty)
أغيد حجازي أغيد حجازي

يشهد لبنان منذ أسابيع سجالًا سياسيًا متصاعدًا حول قانون الانتخابات النيابية لعام 2017، وتحديدًا المادة 122 منه التي تنص على تخصيص ستة مقاعد للمغتربين اللبنانيين في القارات الست، على أن يبدأ تطبيقها في الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة عام 2026.

هذا النقاش، الذي بدا في ظاهره قانونيًا ودستوريًا، سرعان ما تحوّل إلى مواجهة سياسية حادة بين القوى الأساسية، إذ يخفي وراءه رهانات على موازين القوى داخل البرلمان المقبل، وتوجّهات ترتبط بتوزيع النفوذ الطائفي والمذهبي، وربما أيضًا بتأثيرات خارجية تمتد من واشنطن إلى الرياض.

خلفية قانونية

ينصّ قانون الانتخابات رقم 44/2017 على أن يُضاف إلى عدد أعضاء مجلس النواب ستة مقاعد مخصّصة للبنانيين المقيمين في الخارج، ليصبح عدد النواب 134، بحيث تُحذف لاحقًا من المقاعد الـ128 الداخلية في الدورة الانتخابية التالية.

إلا أنّ هذا البند جُمّد في انتخابات عام 2022 بقرار استثنائي، أتاح للمغتربين المشاركة في التصويت لكافة الدوائر الـ15 داخل لبنان، دون تخصيص المقاعد الستة.

واليوم، ومع اقتراب موعد الاستحقاق الجديد، عاد النقاش إلى الواجهة بقوة، ليكشف عن صراع سياسي يتجاوز النص القانوني نحو حسابات ميدانية وانتخابية جديدة، حيث ترى بعض القوى أنّ تطبيق المادة على حالها قد يقلّل من حجم التأثير الانتخابي للمغتربين، فيما تصرّ قوى أخرى على تطبيقها بوصفها استحقاقًا دستوريًا واجب التنفيذ يهدف إلى منع أي خللٍ في موازين القوى.

ينصّ قانون الانتخابات رقم 44/2017 على أن يُضاف إلى عدد أعضاء مجلس النواب ستة مقاعد مخصّصة للبنانيين المقيمين في الخارج، ليصبح عدد النواب 134

الخارجية تطرح تعديلًا انتخابيًا وبري يرفض المساس بالقانون الحالي

أرسل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع قانونٍ معجّل طالب بإدراجه على جدول أعمال أول جلسةٍ للحكومة، ويتضمّن إلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب، المتعلّقتين باقتراع اللبنانيين في الخارج. ويهدف المشروع إلى تمكين المغتربين من اختيار ممثليهم الـ128 في مجلس النواب، وفق دوائر قيدهم ومن أماكن إقامتهم في دول الانتشار.

في المقابل، أكّد وزير الداخلية والبلديات بسام الحجار التزام وزارته بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري خلال أيار/مايو 2026، قائلًا: "باشرنا التحضيرات لإنجازها وفقًا لأعلى معايير الشفافية والحياد والنزاهة"، مشدّدًا على أنّ "الالتزام بالمواعيد الدستورية ثابتٌ لا يخضع لأي مساومة".

أما مسؤول العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان، فاعتبر أنّ "الحديث عن إلغاء اقتراع اللبنانيين المنتشرين في الخارج يشكّل تراجعًا خطيرًا وخطوةً إلى الوراء، بعد أن شارك هؤلاء في انتخابات 2018 و2022 ضمن دوائرهم داخل لبنان". وأضاف أنّ "ما يُطرح تحت عنوان التسوية الجديدة، ليس سوى تسوية على حساب أصوات المنتشرين، إذ يُراد العودة إلى صيغةٍ تُلغى فيها دوائر المغتربين، وفي الوقت نفسه يُحرمون من حقّهم بالتصويت في دوائرهم الأصلية".

فيما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ "المسألة منتهية، والقانون الحالي لا يتقدّم عليه إلا القرآن والإنجيل"، في إشارة إلى عدم إجراء أيّ تعديلات على قانون الانتخابات المتعلّق باقتراع المغتربين.

تعديل القانون محاولة لتقويض الميثاقية

اعتبر الباحث في الشأن الانتخابي علي رضا ناصر الدين أنّ الجدل الدائر حول قانون الانتخابات يعود إلى أسباب سياسية عميقة تتجاوز النقاش الدستوري، معتبرًا أنّ بعض القوى، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية وحلفاؤه، تسعى إلى استغلال الظرف الحالي لمحاولة تحجيم الثنائي "حركة أمل وحزب الله" داخل البرلمان.

وأوضح ناصر الدين أنّ الهدف غير المعلن لهذه القوى هو انتزاع مقعد نيابي شيعي معارض للثنائي ليُصار إلى انتخابه لاحقًا رئيسًا لمجلس النواب، ما يشكّل خرقًا للميثاقية التي كرّست تمثيل الثنائي للمقاعد الشيعية كافة.

وأضاف أنّ هذا التوجّه يفتح الباب أمام تشريعات تمليها الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، من شأنها أن تجعل لبنان "رهينة لإملاءات خارجية".

وأشار ناصر الدين في حديثه لـ"الترا صوت" إلى أنّ القانون الحالي هو ثمرة تسوية استغرقت أربع سنوات من المفاوضات، وتمّ إقراره لتجنّب كسر أي طرف سياسي. لكنه يرى أن القوى الحليفة لواشنطن تسعى الآن إلى تعديله لإضعاف الثنائي وإدخال نواب من خارجهم، بما "يكسر التوازن الوطني".

وتطرّق ناصر الدين إلى خصوصية تصويت المغتربين اللبنانيين، موضحًا أنّ لبنان يُعدّ "حالة استثنائية" عالميًا، إذ قلّما يُسمح للمغتربين بالاقتراع لجميع نواب المجلس النيابي، مشيرًا إلى أنّ النموذج الفرنسي هو الأكثر شبهًا بالحالة اللبنانية، حيث خُصصت مقاعد محددة لتمثيل المغتربين في البرلمان، وهو ما استُوحي منه البند اللبناني.

لكنّ ناصر الدين يرى أنّ "حزب القوات اللبنانية وحلفاءه يريدون منح المغتربين حقّ التصويت في الدوائر الخمس عشرة كاملة، ما يمنحهم نفوذًا مضاعفًا في العملية الانتخابية، لاسيما أنّ وزارة الخارجية – الجهة المشرفة على الانتخابات في الخارج – تخضع عمليًا لنفوذهم السياسي.

تطرّق ناصر الدين إلى خصوصية تصويت المغتربين اللبنانيين، موضحًا أنّ لبنان يُعدّ "حالة استثنائية" عالميًا، إذ قلّما يُسمح للمغتربين بالاقتراع لجميع نواب المجلس النيابي

جلسة جديدة الثلاثاء بعد فقدان النصاب مرتين

وكان رئيس الحكومة نواف سلام قد أكد أن الحكومة "تحترم الاستحقاقات الدستورية لاستكمال تكوين السلطة، وأن لا مجال لتأجيل الانتخابات النيابية، ولسنا في وارد التقدُّم بمشروع قانون يقضي بالتمديد للبرلمان، لأن ما كُتب في هذا الخصوص قد كُتب ولا عودة عنه، ووزارة الداخلية ماضية في التحضير اللوجيستي والإداري لإنجازها، ولا أظن أن هناك عائقاً أمام إتمامها في موعدها".

يرى ناصر الدين أنّ "الإدارة الأميركية تسعى لإجراء الانتخابات في موعدها بهدف تغيير موازين القوى في لبنان عبر اختراق التمثيل الشيعي في دوائر محددة كجبيل والبقاع الغربي وزحلة"، وهو ما وصفه بأنه "جزء من هندسة سياسية خارجية لا تخدم المصلحة الوطنية".

واعتبر أنّ "مصير الانتخابات – سواء جرت في موعدها أو تأجلت – يبقى مرتبطًا بالإرادة الأميركية أكثر من كونه قرارًا لبنانيًا مستقلًا".

وختم ناصر الدين بالقول: إنّ "حزب القوات اللبنانية وحلفاءه يسعون إلى السماح للمغتربين بالاقتراع في الدوائر الـ15 كافة، أي لجميع النواب الـ128، لعدة أسباب؛ منها غياب تكافؤ الفرص بين القوى والأحزاب اللبنانية في الخارج، إذ تمتلك القوات وحلفاؤها حرية الحركة والتنظيم، بينما لا يستطيع الثنائي إقامة حملات انتخابية في الخارج بسبب العقوبات المفروضة عليهما، ولا حتى تعيين مندوبين في أقلام الاقتراع". كما أن وزارة الخارجية، الجهة المسؤولة عن إدارة الانتخابات في الخارج، "تخضع عمليًا لنفوذ القوات وحلفائها، ما يتيح لهم إدارة العملية الانتخابية بما يخدم مصالحهم".

من جهته، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية جديدة يوم الثلاثاء المقبل، بعد رفع الجلسة التشريعية مرّتين بسبب فقدان النصاب، وسط مشادات كلامية وسجالات سياسية حادّة وتبادل اتهامات بـ"تطيير" الاستحقاق الانتخابي. وانتهت الخلافات إلى انسحاب نواب حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية و"التغييريين" وعدد من المستقلين، اعتراضًا على عدم إدراج بند اقتراع المغتربين وتمسّكهم بضرورة إلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات بما يتيح للناخبين في الاغتراب الاقتراع لـ128 نائبًا، فيما يبقى الخلاف قائمًا حول آلية اقتراع المغتربين.

كلمات مفتاحية
مظاهرة في لندن

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

إيران

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية

جون هيرلي

نبرة أميركية حازمة في بيروت.. واشنطن "تحاصر" حزب الله ماليًا

تغيّرت نبرة واشنطن في بيروت، وباتت أكثر حدّة من ذي قبل

مظاهرة في لندن
سياق متصل

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

غلاف الكتاب (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
نشرة ثقافية

"النصّ التأريخي وترجمته" لسفيان عبد اللطيف: مقاربات في الفلسفة واللغة

صدور كتاب " "النصّ التأريخي وترجمته: مقاربات فلسفية ولغوية"

البرهان والسيسي
قول

سقوط الفاشر وتبدّل الحسابات المصرية: من الحياد المضبوط إلى الانخراط الإجباري

باتت رؤية مصر تجاه السودان محكومة بمعادلات أمنية حساسة (منصة إكس)

إيران
سياق متصل

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية