23-نوفمبر-2015

مقاعد الدراسة في قمينس تجمع شتات أطفال ليبيا (جوزيف عيد/أ.ف.ب)

آلام الطفل المهاجر قسْرًا من بنغازي إلى "قمينس"، لا تختلف عن جِراح الطفلة النازحة من "تاورغاء" إلى قمينس، كلاهما يعيش ذات الغربة داخل وطنهم. منذ عام 2011، تشهد معظم المدن في ليبيا حربًا فهجرها الأهالي ودمرت منازلهم، ومثلت مدن أخرى المأوى والملجأ ومنها "قمينس"، التي استقبلت أكثر من ألفين وثلاثمائة عائلة ليبية، وقمينس هي مدينة على ساحل خليج سرت، تبعد عن بنغازي بنحو خمسين كيلومترًا باتجاه الجنوب وتشتهر بشواطئها وازدهار الزراعة في السابق.

مثلت "قمينس" المأوى لأكثر من ألفين وثلاثمائة عائلة ليبية ومثلت مدرستها ملجأ لتلاميذ مدن قريبة ومجاورة أنهكتها الحرب

"منذ بداية الحرب وقمينس تستقبل النازحين من كل المدن إذ يلجأ إليها الكثيرون بسبب موقعها وكرم أهلها"، يقول محمد بوزيد، مدير الشؤون الاجتماعية في المدينة، لـ"الترا صوت". ثم يستدرك: "لكن للأسف تعاني المدينة اليوم بسبب توافد هذه الأسر من صعوبة في توفير مساكن لهم إضافة إلى احتياجاتهم الخاصة ومنها تعليم الأطفال خاصة".

بجانب الحائط، يجلس حمزة، طفل ليبي من مدينة بنغازي، على طرف مقعد خشبي مزدوج، فيما تتخذ وعد، طفلة ليبية من مدينة تاورغاء، من الطرف الآخر للمقعد مجلسًا لها. الطفلان في التاسعة من عمرهما، شاءت الأقدار أن تجمعهما مدينة واحدة، بعد تركهم مدينتهم الأصلية فارين من جحيم الحرب. حمزة إبراهيم ووعد أنور، تلميذان في الصف الرابع الابتدائي، عبّرا عن سعادتهما بعد أن توفرت لهما إمكانية الدراسة ولو في غير مدينتهما وبعيدًا عن أقرانهما.

يقول سعد المشيطي، مسؤول التعليم بالمدينة، لـ"الترا صوت": "كان علينا أن نوفر لهؤلاء الأطفال أقلامًا وكتبًا ليتعلموا ويبنوا مدنهم من جديد بعد انتهاء الحرب، تغلبنا على بعض الصعوبات التي واجهتنا ووفرنا مدرسة كاملة لتستقبل أكثر من 1060 طفلًا نازحًا". في هذا الإطار، أبدى أنور، والد التلميذة وعد، فرحه. يقول: "أنا سعيد جدًا، وعد ستعود إلى الدراسة، الأمر يبدو عاديًا لكن لمن أصابته لعنة الحرب، فالأمر مميز، أن تتعلم ابنتي وتجتمع مع صديقاتها وأطفال آخرين".

في زمن الحروب والنزاعات، الشقاء مشترك والجميع في "قمينس" يسعى للحصول على لحظات آمنة وتوفير الضروريات ولو بشيء من التأخير، لذلك لم تخفِ التلميذة وعد رفضها مغادرة "قمينس" والعودة إلى مدينتها "تاورغاء"، مبررة ذلك بخوفها من أصوات الانفجارات وإطلاق النار، وتضيف لـ"الترا صوت": "لا أشعر بالوحدة هنا"، أما التلميذ حمزة فيغمره شوق دائم لمدينته ومدرسته، ولأولاد عمه مصطفى وإبراهيم وآية. الطفلان يعيشان بذاكرة غربة واحدة ولكن تجمعهما سعادة واحدة أيضًا لتمتعهما بإمكانية الدراسة والتعليم على عكس الكثير من تلاميذ ليبيا.

اقرأ/ي أيضًا:

عودة مدرسية وجامعية متعثرة في ليبيا

أوباري.. تحدي الدراسة رغم الحرب