13-أغسطس-2024
نيكولاس مادورو

(GETTY) مفاوضات سرية بين مادورو والولايات المتحدة الأميركية

أكّدت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الإدارة الأميركية عرضت على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، في محادثات سرية، العفو عنه مقابل التنازل عن السلطة، وذلك في محاولة مدعومة بجهود المعارضة لتوثيق هزيمته بعد ظهور أدلة دامغة على أن الرجل القوي خسر انتخابات الشهر الماضي.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن 3 مسؤولين مطلعين على مداولات الإدارة الأميركية قولهم إن واشنطن ناقشت العفو عن مادورو وكبار مساعديه، وأكد أحد المسؤولين أن أميركا وضعت" "كل شيء على الطاولة" لإقناع مادورو بالرحيل.

وقال مصدر آخر للصحيفة إن الولايات المتحدة منفتحة على تقديم ضمانات بعدم ملاحقة شخصيات النظام وطلب تسليمها، بعد أن كانت وضعت مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو بتهمة التآمر مع حلفائه لإغراق الولايات المتحدة بالكوكايين.

المحادثات السرية الأميركية مع مادورو تمثّل وميض أمل للمعارضة السياسية الفنزويلية

وتمثل المحادثات السرية الأميركية مع مادورو وميض أمل للمعارضة السياسية الفنزويلية التي جمعت بدقة نتائج الناخبين التي أظهرت، حسب "وول ستريت جورنال"، أن مرشّحها الدبلوماسي السابق غير المعروف، إدموندو غونزاليس، هزم مادورو بأغلبية ساحقة في انتخابات 28 تموز/يوليو المنصرم.

وبات من شبه المرجح، حسب بعض المحللين، أن: "العمل الدولي هو الأفضل إن لم يكن السبيل الوحيد لإجبار مادورو على التنحي بعد 11 عامًا من الحكم الاستبدادي أدّت إلى انهيار اقتصادي وعزلة دبلوماسية ونزوح ما يقارب 8 ملايين فنزويلي".

سياسة الجزرة

في الوقت الذي يحرص فيها مادورو على تكرار طلبه من الولايات المتحدة بعدم: "التدخل في الشؤون الداخلية لفنزويلا، هذا كل ما أطلبه"، تعمل واشنطن على تجريد الرئيس الفنزويلي من كلّ أوراق قوته المحتملة. وفي هذا الصدد، دعت كلًا من البرازيل والمكسيك وكولومبيا - التي يديرها زعماء يساريون متعاطفون مع مادورو - إلى أن تتخذ موقفًا أكثر صرامةً للضغط عليه.

ولفت تقرير "وول ستريت جورنال" إلى أنّ مادورو: "لا يزال فاقدًا الثقة في واشنطن بغض النظر عمن يحكمها، علمًا أنّ فوز الرئيس السابق دونالد ترامب قد يؤدي إلى إحباط المحادثات إذا ما أحيا سياساته العدوانية تجاه مادورو عندما فرضت إدارته عقوباتٍ نفطية ودعمت حكومةً فنزويلية في الظل للإطاحة بالنظام".

ورفضت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي التعليق على المفاوضات الأميركية الفنزويلة، لكنها قالت إن الولايات المتحدة: "تدعم الجهود الدولية للمطالبة بالشفافية بشأن فرز الأصوات، وستحدد الخطوات التالية على أساس المصالح الأميركية". مضيفةً القول: "نحن ندرس مجموعةً من الخيارات لتحفيز مادورو والضغط عليه للاعتراف بنتائج الانتخابات".

وبحسب الخبير في الشأن الفنزويلي بالمجلس الأطلسي، جيف رمزي، فإنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن: "تركز على جزرةِ عرض رفع الاتهامات ".

وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن محاولة الولايات المتحدة تقديم خيار لإنقاذ ماء الوجه لمادورو تتفق مع إستراتيجية المعارضة الفنزويلية التي تفضل المفاوضات التي من شأنها أن تشمل ضمانات لقادة النظام والانتقال إلى حكومة غونزاليس.

وكانت المعارضة الفنزويلية قد استعدت شهورًا لتوثيق ونشر حصيلة الأصوات، وقد قرّرت أن أفضل فرصة لديهم لتوثيق النصر هي الحصول على فرزٍ ورقي لبطاقات الاقتراع التي تصدرها كل آلة تصويت فنزويلية، وهي متاحة قانونيًا للجمهور.

ومع انتهاء التصويت، لاحظ العاملون في مراكز الاقتراع فوز غونزاليس في كل محطة تلو الأخرى، حتى في حي كراكاس المسمى "23 يناير"، وهو معقل الحركة اليسارية الراديكالية التي حكمت لمدة ربع قرن، وقال أحد العاملين في مراكز الاقتراع: "لم نصدق ذلك".

وقدّمت المعارضة الفنزويلية، حسب "وول ستريت جورنال"، طوفانًا من الأدلة على فوزها، حيث أرسل مراقبو الاقتراع النتائج إلكترونيًا إلى المعارضة، واحتفظوا بنسخٍ مادية ونشروا العديد منها على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من تمكن حلفاء النظام والجيش من طرد بعض مراقبي الاقتراع المعارضين والاستيلاء على أوراق الاقتراع في بعض المراكز، إلّا أنّ ذلك لم يكن كافيًا "لوقف طوفان الأدلة".

يشار إلى أن نظام مادورو التزم لفترة طويلة نسبيًا من انتهاء التصويت بالصمت، وذلك على الرغم من أن نظام التصويت الإلكتروني الحديث في البلاد مصمّمٌ لإخراج النتائج بعد دقائق من إغلاق صناديق الاقتراع. ولم يعلن إلفيس أموروسو، رئيس مجلس الانتخابات المقرب من مادورو، فوز الرئيس إلا بعد منتصف الليل، ودون أن يذكر أي دليلٍ.

شنّ مادورو حملة قمع ضد معارضيه، فيما تعهد نظامه بالتحقيق مع زعيمة المعارضة ماتشادو، ومنافسه في الانتخابات غونزاليس

يشار إلى أنّ نتائج المعارضة أظهرت أن غونزاليس فاز بعددٍ أكبر بكثير من الأصوات في كل ولاية فنزويلية، وبنحو 300 من 330 مقاطعة.

وقالت جيني لينكولن، التي أشرفت على جهود مركز كارتر لمراقبة الانتخابات، إن أموروسو لم يقدم نتائج كل محطة على حدة كما يقتضي القانون الانتخابي.

وقامت المعارضة برقمنة هذه البيانات ونشرها على موقعٍ إلكتروني يمكن لأي فنزويلي الوصول إليه. وقالت زعيمة المعارضة، ماريا ماتشادو، في تصريح لصحيفة "وول ستريت جورنال": "لقد تمكنا من إظهار الحقيقة للعالم وما حدث في فنزويلا".

مادورو متشبّث بالحكم

وصف مادورو الستيني استراتيجية المعارضة بالانقلاب. وعلى خلفية هذا الموقف شن حملة قمع واسعة، مع تعهد من طرف نظامه بالتحقيق مع زعيمة المعارضة ماتشادو ومنافسه في الانتخابات غونزاليس. وأعلنت سلطات فنزويلا، على لسان مادورو، أن أكثر من 2400 "منشق" ومحتج تم اعتقالهم، محذّرًا من أنه: "لن يكون هناك تسامح".

وبحسب "وول ستريت جورنال"، فقد هاجمت قوات الحرس الوطني و"عصابات النظام شبه العسكرية" المحتجين، فيما فر الناشطون المناهضون للحكومة إلى كولومبيا. وقالت منظمة حقوق الإنسان (بروفيا) إن 24 شخصًا لقوا حتفهم.

وترى ماتشادو أنّ التغيير يمكن أن يأتي إذا تمكنت المعارضة من إبقاء أنصارها في الشوارع، ولكن عمدة كراكاس السابق، الذي كان مقربًا من النظام، قال إن هناك عواقب لأولئك الذين يعارضون مادورو. مضيفًا: "هذه لحظةٌ يجب أن نحافظ فيها على هدوئنا، وأن نتحلى بالأعصاب الفولاذية" على حدّ تعبيره.