وافقت الدول الثرية المشاركة في قمة المناخ "كوب 29" التي تستضيفها العاصمة الأذربيجانية باكو على رفع المساعدات المالية المناخية للدول النامية إلى مبلغ يترواح إلى 300 مليار دولار سنويًا، وذلك بعد مفاوضات كادت تصل إلى طريق مسدود، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وشهد أمس الجمعة مفاوضات حثيثة توسط فيها المسؤولون الأذربيجيانيون في اجتماع مغلق مع رؤساء ووزراء دول الصين والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية والبرازيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، حيثُ دارت النقاشات حول نقاط الخلاف الرئيسية المتمثلة بتمويل المناخ بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وفقًا لما ذكرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
ووفقًا للوكالة الفرنسية، من المقرر أن تطرح الرئاسة الأذربيجانية، اليوم السبت، مقترح التسوية النهائي، قبل طرحه للتصويت عليه من قبل وفود الدول المشاركة، وذلك بعد 24 ساعة من انتهاء المؤتمر الذي استمر لمدة 15 يومًا، حيثُ تقرر تمديد المفاوضات بهدف التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف.
دارت في النقاشات القمة المناخية "كوب 29" حول نقاط الخلاف الرئيسية المتمثلة بتمويل المناخ بعيدًا عن الوقود الأحفوري
وكانت الدول الكبرى الثرية، بما في ذلك الولايات المتحدة والتكتل الأوروبي، قد اقترحت زيادة التزاماتها المالية المخصصة للعمل المناخي للدول النامية بـ100 مليار دولار سنويًا لتصل إلى 250 مليارًا بحلول العام 2035. لكن الوكالة الفرنسية نقلت عن مصدرين في القمة المناخية أن الاتحاد الأوروبي أيّد زيادة المبلغ إلى 300 مليار سنويًا، وفق ما أكد مصدران داخل الوفود لوكالة فرانس برس.
وتصطدم أهداف الاتحاد الأوروبي التي تسعى للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، بمعارضة الدول المنتجة للنفط، وبحسب الوكالة الفرنسية، فإن المجموعة العربية حذّرت من عدم قبولها أي نص أو بند يستهدف "الوقود الأحفوري". ودفع هذا التشدد بشأن "الوقود الأحفوري" برئيس تحالف مجموعة الدول النامية "77 + الصين"، أدونيا أيباري، إلى القول إن: "الدول النامية تعيش حاليًا في الظلام"، فيما أعرب وزير البيئة السيراليوني، جيووه عبد الله، عن شعوره بعدم "التفاؤل".
من جانبها، اعتبرت الدول الإفريقية أن المبلغ المقترح "غير مقبول"، مرجعة ذلك إلى الكوارث البيئية التي تعصف بها، وحاجتها إلى الاستثمار في الطاقة المنخفضة لانبعاثات الكربون، بينما هاجمت الدول الصغيرة "ازدراء" الدول الثرية لـ"شعوبها الضعيفة"، مقدرة حاجتها إلى مبلغ يترواح من 500 حتى 1.3 تريليون دولار سنويًا، لتستطيع التخلص من الوقود الأحفوري والتكيّف مع ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع المبلغ إلى 350 مليارًا بحلول العام 2035، وهو الرقم الذي أشارت إليه وزير البيئة البرازيلية، مارينا سيلفا، عند عودتها من قمة الـ20 في ريو دي جانيرو، مضيفة أنه "في السابق، لم يكن لدينا أي أساس للمناقشة والتفاوض، لكن اليوم أصبح لدينا أساس"، معتبرة أن "المفاوضات الحقيقية بدأت الآن".
وبحسب الوكالة الفرنسية، تضع مسودة الاتفاق هدفًا يتمثل يجمع مبلغ يصل إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا بحلول 2035، تذهب جميعها للدول النامية. وعلى الرغم من تأكيد وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أنه ينبغي على أوروبا "تحمّل مسؤولياتها"، إلا أنها أضافت بأنه على القارة العجوز أن "تقدم وعودًا يمكنها الوفاء بها".
ويرى الخبير المناخي، ألدن ميير، أن "الدول الفقيرة لن تكون سعيدة بالرقم الجديد، سواء كان 300 أو 350"، مضيفًا أن لا أحد من الدول المشاركة يريد تعليق "كوب29"، على أن يعود لاستئنافه في وقت لاحق، مشيرًا إلى أن ذلك "سيتطلب العمل لخمسة أشهر أخرى في ظل هذه الرئاسة"، في إشارة إلى أذربيجان التي ترأس القمة الحالية.
قبل تنصيب #ترامب.. قوافل المهاجرين تتجه صوب الحدود الأميركية سيرًا على الأقدام.
اقرأ التقرير: https://t.co/9cI03B3erJ pic.twitter.com/FWAvgb3qPx
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 22, 2024
من جانبها، قالت "ذا غارديان" إنها علمت من مصادرها أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اتصل بعواصم الدول الثرية المشاركة في القمة المناخية يطلب منهم زيارة المبلغ المقترح لتمويل الدول النامية، مضيفة أن اليابان وسويسرا ونيوزيلندا كانت من بين الدول التي عارضت أن يصل التمويل إلى 300 مليار دولار سنويًا.
وأضافت أن العديد من الوزراء الذين كانوا مشاركين في "كوب 29" زعموا أن التوصل إلى اتفاق خلال هذا العام قد يكون أسهل، مشيرة إلى أنهم أعادوا ذلك إلى تولي الرئيس المُنتخب، دونالد ترامب، مهامه رسميًا في البيت الأبيض، وهو ما قد يؤثر على نتائج الانتخابات في الدول الأخرى التي قد تؤدي إلى عودة اليمين الشعبوي إلى الحكم، بما في ذلك ألمانيا وكندا، وهما من الدول لا تريد الالتزام بما لا يكمنها الوفاء به.
وكانت أكثر من 300 منظمة غير حكومية قد دعت الدول النامية والصين إلى مغادرة المؤتمر إذا لم تزد الدول الغنية التزاماتها المالية، وأضافت في رسالة مشتركة مؤكدة أن "عدم التوصل إلى اتفاق في باكو أفضل من التوصل إلى اتفاق سيّئ".