24-مارس-2018

سمم سكريبال بتسميمه علاقات موسكو الأوروبية (AP)

تسعى رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، لحشد موقف أوروبي داعم لبلادها في مواجهة موسكو، عقب أزمة تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته. المفارقة العجيبة في هذه القضية أن ماي نفسها كانت على رأس حملة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما تبذل قصارى جهدها اليوم لمزيد من التضامن الأوروبي. المزيد من تفاصيل في ترجمة هذا التقرير بتصرف عن النسخة الدولية من صحيفة الغارديان البريطانية وفي تعقيب الترا صوت على القضية:  


 هناك ما لا يقل عن 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ستأمر المسؤولين الروس بالمغادرة، مع وجود توقعات بارتفاع عدد الدول التي تستجيب لدعوة المملكة المتحدة باتخاذ رد فعل خلال الأسابيع القليلة القادمة. إذ سيتم طرد عملاء مخابرات ودبلوماسيين روس من عدد من دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل ردًا على استخدام غاز الأعصاب في سالزبوري، فيما وصفه إيمانويل ماكرون بأنه "هجوم على السيادة الأوروبية".

بعد استماتتها  للانفصال عن الاتحاد الأوروبي واستغلال الأمر انتخابيًا تعود تيريزا ماي لاستجداء التضامن الأوروبي في مواجهة موسكو

"ما حدث في بريطانيا سابق من نوعه بكل تأكيد"، وذلك حسب تصريح للرئيس الفرنسي للصحفيين في نهاية قمة اتفق فيها زعماء الاتحاد الأوروبي بالإجماع على أن هناك "احتمال كبير" أن تكون موسكو مسؤولة عن الهجوم. وأضاف "إنه اعتداء على أمن وسيادة حليف، هو اليوم عضو في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يتطلب رد فعل". وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إنها وافقت على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات، بعد استدعاء سفير الاتحاد الأوروبي في موسكو في وقت مبكر من الجمعة.

اقرأ/ي أيضًا: 8 من أبرز محاولات الاغتيال الروسية بالسم

وقد صرح ماكرون بأن عمل المنظمة سيكون "مفيدًا، لكنه لن يغير نظرتنا للأمور". بينما قال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، إن الروس انحدروا إلى مستوى لن يصل إليه الاتحاد الأوروبي أبدًا، لكن الأمر متروك للقادة ليفعلوا ما بوسعهم لتوضيح استنكار أوروبا. في حين  اعترف رئيس الوزراء البولندي السابق بأنه كانت هناك مصالح ومواقف مختلفة تجاه روسيا بين الدول الأعضاء، وبأنه لن تتخذ جميع الدول رد فعل ضد الكرملين، لكنه قال إن استجابة الاتحاد غير مسبوقة.

كانت فرنسا وألمانيا من بين أوائل الدول التي دعمت المملكة المتحدة ولا تتوقع أن تغير التحقيقات التي يقوم بها الخبراء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من قرارهما

يقول توسك "من الصعب جدًا اتخاذ رد فعل مناسب لممارسة شبيهة بهجوم غاز الأعصاب. لن نحظى أبدًا بفرصة حقيقية للرد بشكل ملائم لأننا نختلف كليًا عن مرتكبي هذا الهجوم، إذا كنت تعرف ما أعنيه".

ويؤكد "لهذا السبب ركزت أمس على ما أعتبره أهم أهدافنا السياسية. وهو إبقاء المجتمع بأكمله متحدًا قدر المستطاع في هذه اللحظة والوضع شديد المأساوية، وقد حققنا هذا الهدف. ونتيجةً لقرارنا أمس، أتوقع أن يتخذ عدد من الدول الأعضاء إجراءات إضافية ضد روسيا الاثنين المقبل. لن تكون هذه آخر إجراءاتنا". مضيفًا "في هذه الظروف الصعبة، يسعدني بشكل خاص أنه على الرغم من مفاوضات البريكسيت الصعبة، أظهر الاتحاد الأوروبي إجماعًا واتحادًا لا لبس فيه مع المملكة المتحدة في مواجهة هذا الهجوم".

أكدت تيريزا ماي في معرض حديثها عن اجتماع القادة في بروكسل، أن الأدلة الجديدة التي قُدمت إلى الدول الأعضاء الأخرى السبع والعشرين، قد شجعتهم على تأييد تحليل المملكة المتحدة للحادث في وقت سابق من هذا الشهر، ما جعل الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا، يصارعان من أجل حياتيهما. وتقول "لقد كنا نتشارك في كافة الأنحاء، نتشارك قنوات الاستخبارات مع زملائنا بقدر ما نستطيع".

أعادت أزمة تسميم سكريبال النقاش الأوروبي إلى دائرة ماذا يريد الأعضاء من الاتحاد الأوروبي وكيف؟

تتمتع إيطاليا تقليديًا بعلاقات أكثر دفئًا مع موسكو من معظم دول الاتحاد الأوروبي، لكن ساندرو غوزي، وزير الدولة للشؤون الأوروبية، قال إنه لم يكن هناك تردد من جانب إيطاليا "بمجرد أن صارت الأمور أكثر وضوحًا، بفضل المعلومات التي حصلنا عليها من رئيسة الوزراء البريطانية".

اقرأ/ي أيضًا: حرب "روسيا اليوم" في لندن.. ورطة إعلام الكرملين في الأطلسي!

وقال إن سحب سفير الاتحاد الأوروبي "ليس له عواقب سياسية أو اقتصادية فورية"، لكنه يأمل أن هذا الإجراء "سيساعد الروس على اتخاذ موقف بناء أكثر". ويضيف أن الموقف أبرز "مفارقة البريكسيت" من "الوعي المتنامي في لندن بالحاجة إلى تطوير نهج مشترك، آمل أن يتحول إلى شراكة قوية بعد البريكسيت في الأمن والدفاع والشؤون الخارجية". بينما تشمل الدول الأعضاء التي يُعتقد أنها تستعد للإطاحة بالدبلوماسيين: فرنسا وألمانيا وبولندا وأيرلندا وهولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبلغاريا وجمهورية التشيك والدنمارك.

وردًا على ذلك، اتهم سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، المملكة المتحدة بمحاولة جعل "الأزمة مع روسيا عميقة قدر الإمكان". وقال للصحفيين في زيارة له إلى هانوي، إن لندن "تحاول بشكل محموم إجبار حلفائها على اتخاذ خطوات صدامية"، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الروسية نوفوستي.

أخيرًا، ظهرت هذه الأزمة لتضع تيريزا ماي ومصداقيتها السياسية في ميزان العلاقات الأوروبية والمصالح البريطانية، خاصة أنها مارست كل ما أمكنها لجعل البريكست برنامجًا انتخابيًا في ظل تهالك خطاب المحافظين واستعاراته الشعبوية التي تعد الناخب بما لا يمكن تحصيله. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

التأقلم البريطاني مع جرائم السعودية.. احتياطات "بريكست"!

7 حجج وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي