31-يناير-2017

يتقاطع الطلاق مع قضايا الاستقلالية والحرية والمسؤولية (فاضل سنا/أ.ف.ب)

نساء شابات مستقلات، عاملات، وأمهات لأطفال صغار، عاملهن المشترك الافتخار بطلاقهن. قد يستغرب البعض بكون نساء من مجتمع محافظ يعتززن بإقدامهن على الطلاق، هذا الأخير الذي كان قبل سنوات غير بعيدة بمثابة وصمة عار لأسر محافظة، إلا أن هؤلاء النسوة تمردن على العادات، ولا يترددن أبدا باعتراف بطلاقهن أمام الجميع. في كل يوم تعج ردهات المحاكم، بأزواج من مختلف الأعمار، يطلبون الطلاق لأسباب لا يعرفها سواهم. تقول كريمة العبودي، معلمة شابة لا تتجاوز 26 سنة من عمرها، تطلقت حديثًا وهي أم لرضيع: "طلبت الطلاق بسبب مشاكل عديدة أبرزها الشجار طوال الوقت، لم نتزوج زواجًا تقليديًا، بل بعد علاقة حب وطيدة، لكننا لا نتفاهم، فبعد سنة من الزواج تغير كل شيء".

نساء شابات مستقلات، عاملات، وأمهات لأطفال صغار، عاملهن المشترك الافتخار بطلاقهن

لا تبدو ملامح الندم على كريمة، فيظهر أنها مرتاحة، بكامل أناقتها، فهي كما تقول تخلصت من مصاعب كانت تنغص حياتها. تتابع حديثها لـ"ألترا صوت": أفضل الطلاق على العيش تحت سقف واحد مع رجل لا يفهمني، أرفض فكرة أنه على المرأة أن تصبر لزلات الرجال، المرأة تطورت فلم تعد ضعيفة كما كانت". وتضيف كريمة بأنها تعمل معلمة في إحدى المدارس بضواحي مدينة شفشاون (شمال المغرب)، تتقاضى راتبًا يساعدها في الاعتماد على نفسها، لاسيما بوجود طفل صغير يحتاج إلى مصاريف هامة، وأسرة تتكون من أب وأم تظل كريمة مصدر إعالتهما الوحيد. لا تتردد كريمة في البوح عن طلاقها بين أفراد المجتمع، سواء أصدقائها أو معارفها، فهي كما تقول إن "نظرة المجتمع للمطلقة تغيرت، فالبعض من معارفها شجعها على قرار الطلاق، خصوصًا وأنها كانت دائمة الشجار مع زوجها السابق".

اقرأ/ي أيضًا: محاكم مغربية تمنع النساء من دخول قاعات المحكمة!

تعلق على هذا الأمر بنبرة هادئة: "الحياة تعاش مرة وحيدة، لهذا يجب علينا أن نتخذ قرارت سليمة ولصالح أطفالنا، أعلم أن طفلي محتاج لأبيه، لكننا لا نتفاهم أبدًا، وهذا يؤثر سلبًا على نفسيته، لهذا الطلاق يبقى حلًا مناسبًا". وتقول أمينة المرابط، وهي مختصة اجتماعية في حديث لها لـ"ألترا صوت" إن "نظرة المجتمع للنساء بدأت تتغير، فهن أصبحن قويات، ولا يعتمدن على أشقائهن أو آبائهن أو حتى أزواجهن لإعالتهن ماديًا، بل في الكثير من الأحيان ثمة نساء كثيرات يعلن أسر بكاملها".

كل هذه العوامل، وفقًا لأمينة ساعدت المرأة أن تطلب الطلاق دون تردد، فهي قادرة على تحمل مسؤوليتها لوحدها، لاسيما بعد رفض الزوج تحمل نفقة أبنائه بعد الطلاق، بالرغم من المساطر القانونية الواضحة في هذا الأمر". لا توجد أرقام دقيقة ورسمية تخص الطلاق خلال السنة الماضية، إلا أن نسبة الطلاق تبدو مرتفعة بين النساء والرجال الشباب، تقول أمينة "لم يعد الطلاق ذلك "البعبع" الذي يخيف أسر محافظة، فكلنا نعلم أنه في الماضي كانت هناك نساء يعشن حياة مريرة مع أزواجهن، من تعنيف وضرب وإهانة، وأحيانًا عدم التوافق الجنسي بين الزوجين، لكن مع ذلك لا يستطعن الطلاق بسبب موقف أسرهن الصارم، ولأنهن ضعيفات ماديًا لا يستطعن مواجهة الأمر ببسالة".

 برغم من وجود نساء قادرات على الطلاق، لكن في المقابل يوجد نساء مغربيات مازلن غير قادرات على اتخاذ قرار الطلاق بسهولة في مدن مغربية عدة، تعلق أمينة على هذا الموضوع: "واقع الطلاق ليس سهلًا على الكثير من النساء، لاسيما وإن لم تكن المرأة متعلمة، أو قادرة على تحمل نفقاتها لوحدها، أو مع وجود أبناء، فالطلاق يظل صعبًا عليهم".

تحقق نساء مغربيات بسبب طلاقهن حريتهن واستقلاليتهن ويكملن نجاحاتهن خارج تصنيف الذكورية

بالرغم من أن قرار الطلاق يبقى الحل الأخير الذي يلجأ إليه الزوجان، إلا أنه يظل حلا ملائمًا في بعض الحالات. تقول كريمة العبودي "إن الطلاق ناتج عن سبب سوء تقدير الزوجين للحياة الزوجية أو بسبب إقدام العديد من الفتيات على الزواج كهروب من شبح العنوسة، فضلًا عن عوامل أخرى".

بعد ست سنوات من الزواج، لم تتردد إيمان منصور أن تتقدم بطلب الطلاق، خصوصًا وأن الأسرة تسمح لها بذلك تمامًا مثل الرجل بشروع في مسطرة الطلاق الذي يدعى بالمغرب "الشقاق"، دون أن تطلب نفقتها الخاصة لأنها وفقًا لحديثها ليست في حاجة إلى أن تحصل على نفقتها الخاصة، لكن في المقابل لن تتنازل عن نفقة أطفالها.

إيمان إطار بنكي، سيدة في الثلاثينات من عمرها وأمًّا لطفلتين طلبت الطلاق لأن زوجها متسلط، فهي تقول لـ"ألترا صوت": "الطلاق يبقى مناسبًا، وأنا أحمد الله، أن القوانين في المغرب تظل منصفة، فأنا أعمل، وأكسب رزقي في ظروف مريحة، ولست في حاجة إلى أي أحد في أن يصرف علي، دائمًا ما أقول إنني سيدة متحررة من أية وصاية". إيمان سعيدة بإقدامها على الطلاق، فوفقًا لحديثها أن الزواج تسبب لها في أمراض نفسية، لا سيما مع تعنيف زوجها المستمر لها، لهذا يبقى قرار الطلاق حلا ملائمًا لها ولأطفالها أيضا، فهي تقول: "الأطفال يحتاجون إلى أم قوية وسعيدة، لهذا الطلاق بالنسبة لي حل مناسب جدًا". تتابع إيمان حديثها : "أنا أم لطفلتين، أحاول أن أرسخ فيهن فكرة أن المرأة يجب عليها أن تكون متعلمة جيدًا لتحصل على عمل يجعلها مصدر قوة، فالاستقلال المادي هو بمثابة سلاح للمرأة، لهذا يجب على النساء أن يكن مستقلات ماديًا لمواجهة مصاعب الحياة".

اقرأ/ي أيضًا:

جامعات المغرب.. تاريخ موسوم بالدماء

المغرب.. إعلام يهين المرأة