14-أبريل-2020

مصريون ينتظرون أمام مقر منظمة غير حكومية لاستلام مساعدات غذائية (محمد الشاهد/أ.ف.ب)

على الرغم من الحرب الشديدة التي شنها النظام المصري الحاكم على المجتمع المدني والأهلي للقضاء عليه، إلا أن النظام الضعيف والعاجز في مواجهة كارثة انتشار وباء فيروس كورونا، لم يجد بديلًا إلا من خلال هذا الجزء من المجتمع عبر مبادرات وجهود أهلية وشعبية، تنوعت واتسعت لتشمل العديد من نواحي مواجهة الكارثة.

على الرغم من الحرب التي شنها النظام المصري على المجتمع المدني والأهلي للقضاء عليه، إلا أن النظام الضعيف والعاجز في مواجهة وباء كورونا، لم يجد بديلًا إلا من خلال هذا الجزء من المجتمع

عقب تفشي وباء كورونا في العالم، وحصده عشرات آلاف الأرواح، اندلعت معه ما يشبه الحرب على المستلزمات الطبية، فبين دول حاولت مصادرة شحنات من المستلزمات تخص دولًا أخرى مثلما فعلت دولة التشيك في شحنة المستلزمات المرسلة من الصين إلى إيطاليا، وبين لجوء دول أخرى مثل الولايات المتحدة لإجراءات استثنائية تمثلت في تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي الذي خول إصدار أمر إلى شركات إنتاج السيارات جنرال موتورز وفورد بتصنيع أجهزة تنفس صناعية.

اقرأ/ي أيضًا: ما أهمية الإنسانيات في زمن كوفيد-19؟

في مصر، لجأت الحكومة إلى إنكار واقعها السيئ، فرغم النقص الحاد في المستلزمات الطبية الضرورية حتى لدى الفريق الطبي الذي أدى إلى وفاة 3 أطباء وإصابة 43 أخرين حتى الآن، قام النظام بإرسال شحنات من مستلزمات الوقاية إلى كل من الصين وإيطاليا في خطوة أثارت استغراب الناس وخاصة الطواقم الطبية التي لا تجد هذه المستلزمات في مستشفياتها.

يقول الدكتور كريم طارق، أحد الأطباء المصريين في حديث لـ"ألترا صوت": لدينا عجز شديد في المستلزمات الطبية الخاصة بالوقاية من الفيروس، خاصة كمامات من طراز N95، وعدد من الزملاء الأطباء توقف عن العمل حتى يحصل على كل المستلزمات الخاصة بالوقاية والتي تقول الوزارة إنها غير متوفرة، وفجأة وجدنا وزيرة الصحة تُهدي إيطاليا ومن قبلها الصين شحنات مستلزمات، فأين نحن من أولويات الوزارة والحكومة؟".

شركة مصر للغزل والنسيج بمدينة المحلة الكُبرى، إحدى شركات القطاع العام التي لطالما حاول النظام والأنظمة السابقة بيعها خلال برنامج الخصخصة، قامت بمبادرة منها بإنتاج ماكينات لتصنيع الكمامات والأقنعة المعقمة بأيدي المهندسين وعمال الصيانة بالشركة.

وقام العمال على الفور بالبدء في إنتاج الكمامات من خلال خط الإنتاج المصنع بالكامل بالمجهود الفردي والتطوعي، ليتم إنتاج 40 كمامة معقمة في الدقيقة، أي بمعدل 2400 كمامة في الساعة لتغذية مستشفيات ومصحات مصر، بعد أن أصبحت الكمامات سلعة نادرة في الصيدليات ومخازن الوزارة.

لكن النقص نفسه يشمل أجهزة التنفس الصناعي، الذي تحارب دول العالم للحصول على أكبر عدد منها، حيث إنها تعتبر المنقذ الوحيد لأصحاب الأعراض الشديدة من المصابين بالفيروس. فقد صرح الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا في مصر التابعة لرئاسة الحكومة، بأن لدى مصر ما يكفي من أجهزة تنفس صناعي، رغم وفاة أحد الأطباء، الدكتور أحمد اللواح، أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بكلية الطب جامعة الأزهر، والذي توفي إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، وانتشرت على وسائل التواصل استغاثته بعدم قدرته على الحصول على جهاز تنفس.

تصريحات الدكتور حسني وتصريحات حكومية أخرى، دفعت المسؤولين عن مستشفى 25 يناير الخيري للتراجع عن إعلان سابق لهم بالتبرع بمبلغ 5 ملايين جنيه وتخصيصها لشراء أجهزة تنفس صناعي يتم وضعها تحت تصرف وزارة الصحة حتى انتهاء الأزمة، إلا أن إدارة المستشفى أوضحت أن جهودها الأخرى المتمثلة في تعقيم المنشآت والمباني الحكومية مستمرة، كما جدد المستشفى دعوته للوزارة باستعداده أن يكون تحت تصرف الحكومة لاستخدامه كمكان لعزل المصابين بالفيروس.

مبادرة أخرى قامت بها مجموعة من الخبراء والباحثين والناشطين في المجتمع المدني، وهي مبادرة تصنيع 5 آلاف جهاز تنفس صناعي، والتي أطلقوا عليها اسم مبادرة "تنفس" لسد العجز في تلك الأجهزة في المستشفيات المصرية، عن طريق تنفيذ تصميم الجهاز الذي أتاحته شركة ميدترونيك الأمريكية للأجهزة الطبية للمشاع لمن يريد إنتاجه في ظل هذه الأزمة.

وقال هشام عوف، المنسق العام للمبادرة، في حديث لـ "ألترا صوت"، إن المبادرة عبارة عن جهود مشتركة لعدد من الفاعلين السياسيين والعلميين في مصر، وإن المستشار العلمي لها هو الجامعة البريطانية في مصر، والمستشار التطبيقي هو نقابة المهندسين، بينما المستشار الصناعي هو دكتور هاني السلاموني، خبير التنمية المستدامة في الأمم المتحدة، والمستشار القانوني لها هو دكتور جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق.

كما يضيف أن المبادرة تنقسم إلى قسمين، أولهما دراسة التصميمات التي أتاحتها شركة ميدترونيك العالمية وتنتهي بإنتاج نموذج تجريبي (Prototype)، والمرحلة الثانية وتأتي بعد اختبار النموذج التجريبي ويتم خلالها إنتاج 10 أجهزة لاعتماد واختبار وزارة الصحة، وبعدها يتم الإنتاج على نطاق واسع.

اقرأ/ي أيضًا: نعومي كلاين: فيروس كورونا يمثل الحالة الأمثل لرأسمالية الكوارث

ويوضح عوف بأن الفريق الفني للمبادرة قام بالفعل بفحص ودراسة التصميمات وقوائم المكونات التي أتاحتها الشركة العالمية بدقة، وقام بدراسة مدى توافر تلك المكونات في السوق المحلية والعالمية وأسماء الموردين والأسعار، وأنهم تقدموا لإحدى الجهات الحكومية بطلب استكمال المشروع تحت مظلتهم وباستخدام الإمكانيات التكنولوجية والصناعية لمصانعهم وهم في انتظار الرد، وذلك إيمانًا منهم بأهمية دور الدولة وأحقيتها في امتلاك هذه التكنولوجيا.

طبيب مصري لـ"ألترا صوت": لدينا عجز شديد في المستلزمات الطبية الخاصة بالوقاية من الفيروس، وعدد من الأطباء توقف عن العمل حتى يحصل على كل مستلزمات الوقاية

وأوضح عوف بأن سعر الجهاز الواحد في السوق يبلغ قرابة 170 ألف جنيه (11 ألف دولار تقريبًا) بينما تُقدر المبادرة تكلفة إنتاجه بين 30 إلى 50 ألف جنيه فقط.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إنفوغراف: كيف تفرّق بين أعراض كورونا والفيروسات الأخرى؟

إنفوغراف.. دليلك للوقاية من فيروس كورونا الجديد