22-مايو-2016

(Getty)

في الـ27 من آذار/مارس 2016، نزح محمّد الحمداني من قرية كرمردي، جنوب مدينة الموصل، باتّجاه قضاء مخمور المحرّر، هربًا من الاقتتال الدائر، لكنّه لم يجد مكانًا يأويه، وقال: "إنّ تنظيم داعش كاد يمنع خروجنا من القرية لو تأخّرنا يومين آخرين، لأنّه وجّه عناصره لقتل أيّ شخص يهرب من القرية إلى مكان آخر".

أعداد النازحين من الموصل وصلت مع وصول العمليّات العسكرية إلى مركز المحافظة إلى 4 ملايين ونصف نازح في عموم العراق منذ عام 2013

وأضاف في اتصال هاتفيّ مع "الترا صوت" من قرية بيبكة، الّتي تقع بين قضاء مخمور ومدينة أربيل: "منعتنا قوّات البيشمركة الكرديّة من دخول محافظة أربيل لأسباب لا نعرفها. البعض يصوّرنا إرهابيّين، وهذه ليست الحقيقة. نحن أناس بسطاء نُريد العيش بسلام لا أكثر".

اقرأ/ي أيضًا: كردستان العراق..العودة إلى الإدارتين حلًا

تلك الحكاية هي واحدة من حكايا آلاف النازحين. كما حصل كاتب التقرير على معلومات من منظّمات تساعد في إغاثة، النازحين وناشطين، تفيد بنزوح نحو 2000 شخص في اليوم الأوّل 24 آذار/مارس-3-2016، من بدء العمليّات العسكريّة، باتّجاه المدن والقرى القريبة، الّتي تخضع لسيطرة القوّات الحكوميّة العراقيّة، هربًا من الاقتتال.

وفي 28 آذار/مارس من عام 2016، أعلن عضو مفوضيّة حقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي ببيان صحافيّ عن "نزوح أكثر من 500 عائلة من مناطق جنوب الموصل، بسبب انطلاق العمليّات العسكريّة لتحرير المدينة من داعش".

أضاف البيان: "أكثر من 500 عائلة نزحت من قضاء مخمور والقيارة وكوديلة ومهانة وكرمردي جنوب الموصل، مع انطلاق عمليّات تحرير مدينة الموصل، وجرى نقل النازحين إلى أماكن أخرى خلف القوّات الأمنيّة، وقدّمت إليهم 300 خيمة ومساعدات غذائيّة وصحيّة".

وتابع: "محافظة نينوى سوف تشهد موجات نزوح كبيرة خلال الأيّام المقبلة، ممّا ينذر بحدوث كارثة إنسانيّة حقيقيّة بوجود أكثر من مليوني مدنيّ في هذه المحافظة".

ودعا القوّات الأمنيّة العراقيّة إلى "تكثيف جهودها لفتح ممرّات آمنة لإخراج المدنيّين من محافظة نينوى".

وطالب فاضل الغراوي وزارة الهجرة والمهجّرين العراقيّة والمنظّمات الدوليّة بـ"البدء بإنشاء معسكرات إيواء كبيرة في المناطق الآمنة قرب محافظة نينوى وتجهيزها بكلّ الموادّ الغذائيّة والصحيّة لاستقبال المدنيّين النازحين من مدينة الموصل".

اقرأ/ي أيضًا: حادث الطائرة المصرية..الإرهاب ليس مستبعدًا

وقال نائب رئيس لجنة المهجّرين في مجلس النوّاب العراقيّ حنين قدو خلال مقابلة مع "الترا صوت": "إنّ لجنة المهجّرين في مجلس النوّاب عقدت اجتماعًا مع وزارة الهجرة والمهجّرين للبحث في كيفيّة تقديم المساعدات إلى النازحين والتعاون مع الأجهزة الأمنيّة لتحديد الأماكن الّتي تأويهم، وهذا كلّه من مسؤوليّة وزارة الهجرة، بوصفها المؤسّسة التنفيذيّة المعنيّة".

وأضاف: "أعداد النازحين من مدينة الموصل وصلت مع وصول العمليّات العسكريّة إلى مركز المحافظة إلى 4 ملايين ونصف نازح في عموم العراق منذ كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2013، الّذي شهد موجة النزوح الأولى من الأنبار".

والحال، إنّ عدد النازحين، بحسب بيان المفوضيّة العليا لشؤون اللاّجئين، وصل حتّى 15 آذار/مارس من عام 2016 إلى حوالي 3.3 ملايين نازح، وقال بيان المفوضيّة: "بغداد تصدّرت المحافظات المستضيفة للنازحين بنسبة 18.1%، بينما جاءت الأنبار ثاني محافظة مستضيفة للنازحين بنسبة 17.4%".

أضاف: "ما نسبته 96.7% من النازحين المقيمين في الأنبار هم نازحون داخليًّا من مناطقهم في الأنبار، بينما جاءت محافظة دهوك ثالث محافظة مستضيفة للنازحين بنسبة 12.1%، وتأتي كركوك رابع محافظة إذ تستضيف 11.3%".

وتابع: "نسبة 46.4% من النازحين يسكنون في بيوت مؤجّرة و24.3% تستضيفهم عوائل، و10.1% فقط يسكنون في المخيمات، ونسبة 18.8% من النازحين يسكنون في سكن غير ملائم كالمباني غير المكتملة والمدارس والمساجد والمستوطنات غير القانونيّة".

وقالت عضو مفوضيّة حقوق الإنسان بشرى العبيدي خلال مقابلة مع "الترا صوت": "ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين شخص سينزحون مع تقدّم القوّات الأمنيّة العراقيّة في الحرب ضدّ تنظيم داعش داخل محافظة نينوى، لكنّنا نخشى من تصرّفات سيّئة يقوم بها البعض (لم تحدّدهم) تجاه النازحين، تتمثّل بعمليّات الخطف والاعتقال والاتّهامات غير المبرّرة".

أضافت: "الحكومة العراقيّة لم تتعامل بشكل جديّ مع موجات النزوح السابقة من الأنبار وصلاح الدين والموصل، وتعاملت على نحو سيّئ مع نازحي الأنبار عندما احتجزتهم ومنعتهم من الدخول إلى بغداد، ونتوقّع أنّها لن تتعامل مع موجة النزوح الجديدة بشكل جيّد، إذ لم تضع خطّة لاستقبال موجة النزوح الجديدة".

من جهته، أشار رئيس حملة غوث لمساعدة النازحين أحمد آغا خلال اتصال هاتفيّ مع "الترا صوت" أثناء وجوده لإغاثة النازحين من مدينة الموصل إلى أنّ "حملته أوصلت 400 سلّة غذائيّة إلى النازحين من مدينة الموصل في 7 نيسان/أبريل من عام 2016، لكنّها لم تكن كافية، فهناك 2000 نازح، وهذا رقم كبير بحاجة إلى مساعدات أكبر".

أضاف: "إنّ النازحين يمرّون في أوضاع إنسانيّة صعبة تحتّم على الحكومة القيام بواجب أكبر تجاههم، خصوصًا أنّنا نتوقع أنّ يزداد عدد النازحين مع بدء العمليّات العسكريّة داخل محافظة نينوى، وقد يصل عددهم إلى 5 ملايين نازح في عموم العراق".

ومع فشل الحكومة بإغاثة النازحين منذ بدء عمليّات النزوح في كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2013 من محافظة الأنبار باتجاه إقليم كردستان العراق، وخفض الأمم المتّحدة مساعداتها الإنسانيّة بنسبة 80%، وتوقّع حدوث موجات جديدة، من المتوقّع حدوث كارثة إنسانيّة يصعب تلافيها مستقبلًا.

اقرأ/ي أيضًا: 

صلاح عبدالسلام..أوان الصمت المقلق

السيناريوهات الثلاثة لسقوط الطائرة المصرية