01-فبراير-2025
سوريون يحتفلون بسقوط النظام في ألمانيا

(Getty) سوريون يحتفلون بسقوط النظام في ألمانيا

تتجه ألمانيا نحو تبني نهج أشد صرامة في التعامل مع المهاجرين ومسألة الهجرة عمومًا. ورغم إسقاط البرلمان الألماني (البوندستاغ)، أمس الجمعة، مشروع قانون تقدّم به زعيم المعارضة، فريدريش ميرز، ودعمه حزب "البديل من أجل ألمانيا"، إلا أن ذلك لا يعني انتهاء هذه القضية التي تبدو، عشية الانتخابات البرلمانية، القضية رقم واحد بالنسبة إلى الناخب الألماني.

وفي إشارة إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترحيل المهاجرين جماعيًا، دعا كبار الساسة الألمان إلى العودة الجماعية للاجئين، بما في ذلك ميرز الذي وإن فشل في تمرير مشروع القانون الذي طرحه، لكنه عبّر عن السلوك الذي سيتبعه في التعامل مع المهاجرين على اعتبار أنه لا يزال، وفق استطلاعات الرأي، المرشح الأوفر حظًا للفوز بالمستشارية.

وكان ميرز قد تقدّم، الأربعاء الفائت، بمقترح إلى البرلمان الألماني، غير ملزم، ينص على فرض قيود حدودية صارمة ودائمة مع جميع الدول المجاورة لمنع تدفق اللاجئين إلى ألمانيا، ومنع دخول أي شخص لا يحمل وثائق قانونية، إضافةً إلى تنفيذ عمليات ترحيل يومية، بما في ذلك رحلات العودة المنظمة إلى سوريا.

بعد عقد على تطبيق سياسة 'الباب المفتوح' أمام اللاجئين السوريين، سارعت ألمانيا إلى تعليق طلبات اللجوء المفتوحة للسوريين بعد سقوط نظام الأسد

واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير، أن التحول في موقف وسياسات ألمانيا تجاه الهجرة، واللاجئين السوريين خصوصًا، يبدو مذهلًا. فبعد عقد على تطبيق سياسة "الباب المفتوح" أمام اللاجئين السوريين، سارعت ألمانيا، وعدة دول أوروبية، إلى تعليق طلبات اللجوء المفتوحة للسوريين بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الفائت.

وعلى العكس مما حدث قبل عقد، حين استجابت الحكومة الألمانية، بقيادة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، لما أسمته الصحيفة الأميركية "صرخة وطنية حاشدة" لاستقبال اللاجئين السوريين، أطلق قطاع واسع في المجتمع الألماني نداءً جديدًا يطالب بإعادتهم إلى بلدهم في أسرع وقت.

ويزعم الساسة الذين يطالبون بترحيل اللاجئين أنهم عرّضوا أمن ألمانيا للخطر، وأصبحوا عبئًا مجتمعيًا باهظًا. وادعى هؤلاء أن الحكومة الألمانية ستكون قادرة على توفير مبالغ مالية ضخمة إذا غادر السوريون.

في المقابل، يعارض كثيرون ترحيل السوريين من ألمانيا، معتبرين أن من شأن هذه الخطوة أن تنعكس سلبًا على الاقتصاد الألماني، وقد تكون بمثابة انتكاسة كبيرة في ظل حاجة البلاد الشديدة إلى الأيدي العاملة. فعلى الرغم من أن السوريين يشكلون أقل من 1 بالمئة من القوى العاملة في ألمانيا، لكنهم حاضرون بقوة في مختلف القطاعات الحيوية.

ويبلغ عدد السوريين في ألمانيا 972 ألف، بما في ذلك 712 ألفًا مسجلين في مكاتب الحماية وفقًا لمكتب الإحصاء الفيدرالي. وفي هذا السياق، قال ويدو جايس ثون، من المعهد الاقتصادي الألماني: "إذا غادر العمال السوريون المهرة، فلن ينهار النظام بأكمله. لكن آخر ما تحتاجه ألمانيا هو هجرة جماعية للعمال المهرة".

وتتركز مخاوف الألمان في القطاع الطبي بصورة رئيسية، إذ يبلغ عدد الأطباء السوريين العاملين في مجال الرعاية الصحية أكثر من 6 آلاف طبيب. وكانت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فايرز، قد أعلنت مؤخرًا أن: "مناطق بأكملها في قطاع الصحة سوف تنهار إذا غادر كل السوريين الذين يعملون هنا الآن بلدنا".

مع ذلك، تبدو هذه الحاجة ضئيلة التأثير أمام تصاعد موجة المشاعر المعادية للمهاجرين، خاصةً في أعقاب الهجوم على سوق عيد الميلاد في شهر كانون الأول/ديسمبر الفائت، وعملية الطعن التي وقعت في حديقة ألمانية خلال الأسبوع الماضي.  

يزعم الساسة الذين يطالبون بترحيل اللاجئين أنهم عرّضوا أمن ألمانيا للخطر، وأصبحوا عبئًا مجتمعيًا باهظًا

وتختلف وجهات نظر الأحزاب الألمانية بشأن عودة السوريين، لكن الأكثر تطرفًا بينها هو حزب "البديل من أجل ألمانيا"، الذي يطالب بترحيلهم في أسرع وقت ممكن. وكانت زعيمة الحزب، أليس فايدل، قد كتبت في منشور على منصة "إكس" عقب احتفال السوريين بسقوط نظام الأسد في الشوارع الألمانية، أنه: "من الواضح أن أي شخص في ألمانيا يحتفل بـ"سوريا الحرة" لم يعد لديه أي سبب للهروب. يجب أن يعودوا إلى سوريا على الفور".

وادعى يورغن براون، المتحدث باسم حزب "البديل من أجل ألمانيا" في مجال حقوق الإنسان، أنه يجب على جميع السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا بوصفهم لاجئين أن يعودوا إلى بلادهم في أسرع وقت. وطالب بإعادة مراجعة حالات لم الشمل، زاعمًا أنه من شأن هذه الخطوة أن تخفف العبء عن الاقتصاد الألماني.

وأنكر براون أن يكون السوريون يمتلكون أي نوع من المهارات المطلوبة في ألمانيا، قائلًا: "إن هؤلاء الأشخاص مؤهلون بشكل ضعيف في أي شكل من الأشكال تقريبًا إذا عملوا في أي مكان في ألمانيا"، بحسب قوله.