في مشهد يعكس عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي المستمر منذ 422 يومًا، يجد الفلسطينيون أنفسهم عاجزين عن توفير الأكفان لتكريم شهدائهم.
ووسط استمرار الحصار والمجازر، يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية متفاقمة. ومع نفاد الأكفان وغياب الدعم، تُدفن كرامة الشهداء مع أجسادهم في بطانيات وأكياس، بينما ينتظر العالم أن يتحرك لوقف هذه المأساة الإنسانية.
ومع استمرار المجازر في مخيم جباليا وشمال القطاع، يتحدث منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة، بحسرة شديدة عن نفاد الأكفان، مناشدًا الدول العربية والإسلامية لتوفير هذه الاحتياجات الأساسية التي غدت حلمًا بعيد المنال، وذلك في حديث له مع موقع "ألترا فلسطين".
الدكتور منير البرش: "إذا كانت الدول العربية عاجزة عن وقف هذه المجازر، فلاا أقل من أن تبادر بإرسال الأكفان لإكرام الشهداء"
وبسبب نقص الأكفان، بات أهالي غزة يلجؤون إلى لف جثامين الشهداء بالبطانيات، أو وضعهم في أكياس بلاستيكية قبل مواراتهم الثرى. حتى ساحات المستشفيات تحولت إلى مقابر جماعية، حيث يصعب على الأهالي الوصول إلى المقابر بسبب الحصار والقصف المستمر.
وفي حديثه لـ"ألترا فلسطين"، قال البرش الذي اختار البقاء في شمال القطاع رغم خطورة الوضع: "إذا كانت الدول العربية عاجزة عن وقف هذه المجازر، فلا أقل من أن تبادر بإرسال الأكفان لإكرام الشهداء".
ووصف الدكتور منير البرش ما يحدث في غزة بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان"، فالاجتياح الإسرائيلي المتكرر لشمال غزة، وخاصة مخيم جباليا، أسفر عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة الآلاف بجروح، ويحدث كل ذلك في وقت يحاصر خلاله الاحتلال المستشفيات، ويستهدف الأطباء، ويمنع وصول الإمدادات الطبية والغذائية، وحتى الأكفان.
واستعرض "ألترا فلسطين" شهادة إبراهيم أصليح، وهو الذي يعمل في إحدى مغاسل الموتى في خانيونس، حيث تحدث بغصة عن نقص الأكفان في الجنوب أيضًا. يقول: "نشهد يوميًا تدفق جثامين الشهداء إلى المغاسل، لكننا نعاني من نقص كبير في الأكفان. اضطررنا إلى تكفين الشهداء بالبطانيات أو وضعهم في أكياس بلاستيكية. أي هوان هذا الذي تعيشه الأمة العربية والإسلامية؟".
فيما أطلقت جمعية "قيراطان الخيرية"، التي تشرف على مغاسل الموتى في غزة، مناشدة عاجلة لتوفير الأكفان والمواد الأساسية لتكريم الشهداء. وأكد مدير الجمعية، أحمد أبو عيد، أن الأزمة غير مسبوقة، حيث نفدت الأكفان في عدد كبير من المغاسل، بينما المتبقي منها على وشك النفاد. وأضاف: "نضطر أحيانًا إلى وضع أكثر من شهيد في كفن واحد بسبب الأزمة".
ويعمل أفراد مغاسل الموتى تحت ضغط كبير ووسط ظروف إنسانية مأساوية. ساعات العمل تمتد من الصباح الباكر حتى منتصف الليل، وسط نقص حاد في أدوات التعقيم والتنظيف وحتى الطعام. يقول أبو عيد لـ"ألترا فلسطين": "منذ تأسيس الجمعية، لم نواجه أيامًا أصعب من هذه الشهور. الوضع كارثي، ولابد من استجابة عاجلة".