يشير محللون ومصادر مطلعة إلى أن السلطة الفلسطينية انخرطت في معركة خاسرة عبر حملتها الأمنية في مخيم جنين، والتي ستؤدي في نهاية المطاف إلى انهيارها.
وتحدث مسؤول كبير في حركة فتح لموقع "ميدل إيست آي" عن الحملة الأمنية المستمرة ضد مجموعات المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن مقتل 16 فلسطينيًا على الأقل حتى الآن، محكوم عليها بالفشل بغض النظر عن نتائجها.
وأوضح المسؤول، في تصريح للموقع البريطاني بشرط عدم الكشف عن هويته، أن السلطة الفلسطينية تواجه ضغوطًا للتخلي عن التوازن بين تلبية احتياجات إسرائيل الأمنية والحفاظ على شرعيتها أمام الشعب الفلسطيني.
الحملة الأمنية المستمرة ضد مجموعات المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن مقتل 16 فلسطينيًا على الأقل حتى الآن، محكوم عليها بالفشل
وأشار إلى أن هجوم السلطة الفلسطينية على جنين أدى إلى "التخلي فعليًا عن الحياد السلبي" تجاه القضية الفلسطينية، واختارت الاصطفاف إلى جانب إسرائيل للحفاظ على سلطتها.
وأضاف: "إذا نجحت السلطة في جنين، فإنها ستفقد مبرر وجودها بين الفلسطينيين، وإذا فشلت، فإنها ستفقد مبرر علاقاتها مع إسرائيل". وهذا يعني أن المعركة خاسرة في الحالتين.
قوات أمن السلطة الفلسطينية تواصل حملتها الأمنية في مخيم جنين بدعوى ملاحقة من تسميهم "الخارجين عن القانون".
اقرأ أكثر: https://t.co/ZqhBxAMMJq pic.twitter.com/O0G7VDLNOR— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 7, 2025
ومنذ الخامس من الشهر الماضي، تشن أجهزة أمن السلطة حملة أمنية واسعة النطاق في مخيم جنين، شملت محاصرته والاشتباك مع المقاومين داخله وإطلاق النار على المدنيين العزل. وقد قتلت قوات السلطة الفلسطينية ثمانية فلسطينيين على الأقل من سكان المخيم منذ بدء العملية، بينهم أب وابنه الأسبوع الماضي.
وتقول السلطة الفلسطينية إن الحملة تستهدف "الخارجين عن القانون وتهدف إلى استعادة الأمن والنظام"، رغم تأكيدات مجموعات المقاومة داخل المخيم أنها تتجنب الدخول في معارك مباشرة مع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
لكن فصائل فلسطينية في المخيم، بما في ذلك حركتا حماس وفتح، شددت على أن صبرها بدأ ينفذ في ظل إصرار السلطة على استمرار العملية الأمنية داخل المخيم. وتحدث ناشط سياسي مقيم في نابلس لـ"ميدل إيست آي"، مشيرًا إلى أن السلطة تدفع الفلسطينيين إلى حالة جديدة تجعل قتل الفلسطينيين لبعضهم البعض أمرًا مقبولًا.
شهرٌ على بدء السلطة الفلسطينية عمليّتها الأمنية في #مخيم_جنين.. 14 قتيلًا فلسطينيًا حتى الآن..https://t.co/ntEegsEPmy
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) January 3, 2025
وأضاف الناشط، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من انتقام أجهزة أمن السلطة، أن هذا يشكل سابقة خطيرة. وأوضح: "في الماضي، كان هناك انقسام سياسي، لكن كان من غير المقبول أن يقتل فلسطيني فلسطينيًا آخر. الآن أصبح سفك الدم الفلسطيني مشروعًا، وهذا ستكون له عواقب وخيمة في المستقبل".
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية، بقتلها لمواطنين فلسطينيين، تثبت للرأي العام أنها تتعاون مع الاحتلال، مما يزيد من الإحباط العام تجاهها، والذي شهد تراجعًا حادًا في شعبيتها خلال السنوات الأخيرة.
وحذر من أن السلطة ستصل في نهاية المطاف إلى نقطة الانهيار، خاصة مع الغضب المتزايد إزاء حملتها الوحشية ضد منتقديها في مخيم جنين. ولفت إلى أن الشعب في الضفة الغربية على وشك الانفجار.
بداية النهاية
بدوره، اعتبر جمال جمعة، وهو ناشط مناهض للاستيطان، أن أحد الأهداف الرئيسية لحملة السلطة الفلسطينية في جنين هو إثبات لإسرائيل والولايات المتحدة قدرتها على إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
نساء يحاولن طرد الأجهزة الأمنية بعد اقتحامهم وسيطرتهم على منزل أحد المواطنين في مخيم جنين pic.twitter.com/1MyGRNVLcY
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) December 15, 2024
وأضاف جمعة أن ما يحدث هو نتيجة لضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال: "لقد تم دفع السلطة الفلسطينية إلى الزاوية. إذا أرادت أن تلعب أي دور في غزة بعد الحرب، فإننا نريد أن نرى ما يمكنها القيام به أولًا في الضفة الغربية."
وبحسب المصدر الفتحاوي، فإن هذه الحملة من المرجح أن تفشل لسبب بسيط، وهو أن الاحتلال دائمًا ما يؤدي إلى ظهور المقاومة. وأوضح: "الإسرائيليون قتلوا نحو 350 فلسطينيًا في جنين خلال العامين الماضيين، ولكن كل يوم يظهر مقاتلون جدد.".
لذلك، هو لا يعتقد أن الوضع سيستمر كما هو عليه في جنين، وأن العملية ستفشل وستفقد السلطة شرعيتها. وختم بقوله: "هذه بداية النهاية للسلطة الفلسطينية".