11-يناير-2017

قوات من جهاز مكافحة الإرهاب في حي الكرمة بالموصل (أحمد الروبيعي/أ.ف.ب)

منذ انطلاقها في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي عام 2016، تتعرض عملية "قادمون يا نينوى" العسكرية لتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم "داعش" الذي سيطر عليها عام 2014، إلى تساؤلات الإعلام والخبراء الأمنيين بشأن الجدول الزمني لانتهائها.

جميع الجداول الزمنية والوعود التي أطلقتها الحكومة العراقية والتحالف الدولي لتحرير الموصل، تحطمت أمام صخرة الواقع اليومي للمعارك

وعلى الرغم من أن المؤسسات العسكرية الأجنبية والعراقية توقعت أن يطول أمد المعركة لأسابيع أو لأشهر معدودة، وفقًا للخطّة المعدّة لتحرير المدينة التي يقسمها نهر دجلة إلى ساحلين أيمن وأيسر، إلا أن جميع الجداول الزمنية والوعود التي أطلقتها الحكومة العراقيّة، والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، تحطّمت أمام صخرة الواقع اليومي للمعارك.

اقرأ/ي أيضًا: هل ينجح داعش في استنزاف قوات التحالف في الموصل؟

وعلى الرغم من تعثرها طوال الأشهر الماضية، إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت تقدمًا كبيرًا للقوات الأمنية العراقيّة في الساحل الأيسر للموصل على تنظيم "داعش".

وعانت معركة الموصل توقفًا لمرّات عدّة، وتراجعًا في بعض الأحيان، فضلًا عن إجراء تغييرات على الخطط العسكرية المتبعة في العملية الأمنية لاستعادة ثاني أكبر مدينة في العراق بعدد السكّان.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي، مساء الثلاثاء، في المؤتمر الصحفي الأسبوعي عن "انهيار كبير" في صفوف تنظيم داعش بالموصل، لافتًا إلى أن الأمر لا يتوقّف على مدينة الموصل فحسب، وإنما الانهيار في صفوف التنظيم المتطرّف شمل قضاء الحويجة في محافظة صلاح الدين، والذي يشكّل منطلقًا لعمليات "داعش" في محافظتي كركوك وصلاح الدين.

ولحق تصريح العبادي إعلان قيادة عمليات "قادمون يا نينوى"، عن السيطرة على بنايات الاتصالات والاستثمار والكهرباء والأمن الداخلي في الساحل الأيسر من الموصل، فضلًا عن مناطق واسعة من الساحل الذي يعد منطلقًا إلى الساحل الأيمن ذات الكثافة السكانية، والذي يتخذ فيه "داعش" المدنيين دروعًا بشريّة.

وقد استطاعت القوات الأمنية العراقية، بغطاء طائرات التحالف الدولي، من الوصول إلى جنوب الموصل على ضفاف نهر دجلة في مطلع الأسبوع، بيد أن النصف الغربي من المدينة ما زال يخضع بشكل كامل لسيطرة تنظيم "داعش".

ويأتي التقدم في الساحل الأيسر من مدينة الموصل بعد أن أرسلت بغداد تعزيزات عسكرية من قوات الجيش والشرطة الاتحادية لتمكين قوات مكافحة الإرهاب، الجهاز العسكري الأكثر كفاءة في العراق، من التقدم لتحرير الأحياء المتبقية شرقي الموصل.

ويبدو أن تنظيم "داعش" أخذ يتقبّل خسارته في الساحل الأيسر من الموصل الذي تقول القوات الأمنية العراقيّة أنها سيطرت على نحو 80% من مساحته، وهو الأمر الذي دفعه إلى تفجير جسرين، على نهر دجلة، يقومان بربط شطري مدينة الموصل لمنع القوات العراقية المسلحة من استخدامهما في العبور إلى الساحل الأيمن للمدينة.

وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي تعليقًا على تفجير الجسور في خطّاب موجّه إلى سكّان الموصل "تفجير (داعش) للجسور لن يمنعنا من تحريرها (المدينة)".

اقرأ/ي أيضًا: داعش يطيل معركة الموصل..استراتيجية نقل العمليات

ولطالما أكدت الحكومة العراقية أن ما أخّر تحرير المدينة هو الحفاظ على أرواح المدنيين، وخشية من نزوحهم بأعداد كبيرة، حيث لا تتوفّر الكثير من مراكز إيواء النازحين، لكن التقدّم السريع للقوات الأمنية جعل المدنيين وسط نارين.

مثير للانتباه، أن تصريحات القادة الأمنيين العراقيين أصبحت تقتصر فقط على السقف الزمني للعمليات في الجانب الأيسر من الموصل 

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نحو 700 شخص نقلوا إلى مستشفيات في مدن واقعة في مناطق تسيطر عليها القوات الكردية التابعة لإقليم كردستان خارج الموصل الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن أكثر من 817 شخصًا احتاجوا إلى علاج بالمستشفيات في الأسبوع الذي سبقه.

وتحدّث مكتب الأمم المتحدة عن "الإصابات بالصدمة"، وقال إنها "ما زالت مرتفعة بشدة خاصة في المناطق القريبة من خطوط القتال".

وحتى الآن، لا يوجد موعد محدد أو سقف زمني لانتهاء العمليات العسكرية في الموصل غير التي أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والتي حدّدها بمدة ثلاثة أشهر، إلا أن العبادي سبق وأن أعلن أن الموصل ستحرّر بالكامل مع نهاية عام 2016، وقد تراجع عن تصريحه فيما بعد.

ونفى قائد عمليات فرقة مكافحة الإرهاب في الموصل، الفريق عبدالوهاب الساعدي، أن يكون هناك أي سقف زمني لانتهاء العمليات العسكرية في الموصل، وقال: "لا يوجد أحد من الجانب العراقي صرح بسقف زمني للعمليات، ودائمًا التضارب في التصريحات يأتي من جانب التحالف فهو من قد يعطي بعض التوقيتات".

وأشار الساعدي، إلى أن مركز مدينة الموصل ليس بالعملية العسكرية الكبيرة، لافتًا إلى أن "الجزيرة والأقبية المحيطة وتلعفر وسنجار والجزيرة الموجودة بين الموصل والأنبار هذه تحتاج إلى وقت".

ومثير للانتباه، أن تصريحات القادة الأمنيين العراقيين قد اقتصرت على السقف الزمني للعمليات في الجانب الأيسر من الموصل، وقال قائد عمليات نينوى نجم الجبوري، إن "طموح" القوات المشتركة الانتهاء من دخول بقية أحياء الساحل الأيسر خلال الأيام القليلة المقبلة"، فيما قال رئيس جهاز مكافحة الإرهاب طالب شغاتي: "سنعلن خلال الأيام المقبلة تحرير هذا الجانب (الأيسر) بالكامل".

هذا وشهدت الموصل حركة نزوح مدنيين غير هينة خلال الشهرين المنصرمين، وسط تقصير عام في احتواء أزمة النزوح القسري وإساءات متكررة بحق النازحين وعوائلهم، ولم يغب الحديث عن التعذيب العشوائي والاختفاء القسري كما عهدت ممارسات مليشيا الحشد الشعبي الطائفية.

اقرأ/ي أيضًا:

 درس الفلوجة في معركة الموصل..الطائفية سيدة الحشد

معركة الموصل..اليوم الأول في معركة طويلة