13-أبريل-2025
الفاشر

قوات الدعم السريع تسعى للسيطرة على الفاشر بأي ثمن (رويترز)

كشفت "منسقية مقاومة الفاشر"، صباح اليوم الأحد، أنّ حصيلة ضحايا هجمات قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر تجاوزت أكثر من 320 قتيلًا ومصابًا، جلّهم في مخيّم زمزم ومخيم أبو شوك للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان.

يشار إلى أنّ مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تشهد منذ أيار/مايو من العام 2024 مواجهات ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقد تمكنت قوات الدعم السريع من فرض حصارٍ على مدينة الفاشر، في ظل تحذيرات دولية من تبعات الحصار على المدنيين والنازحين، لا سيما أنّ مدينة الفاشر تعدّ مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

ويرى المراقبون للشأن السوداني أن قوات الدعم السريع تسعى، بأي ثمنٍ، إلى السيطرة على مدينة الفاشر، بهدف الاستحواذ الكامل على إقليم دارفور، الذي تُسيطر على أربع ولايات من ولاياته الخمس.

وتسري قناعة بين قطاعات سودانية واسعة، أنّ قوات الدعم السريع تنتظر السيطرة على الفاشر لإعلان حكومتها الموازية ومن ثمّ البدء في تنفيذ مشروعٍ انفصالي جديد في مناطق سيطرتها.

تنتظر قوات الدعم السريع السيطرة على الفاشر لإعلان حكومتها الموازية ومن ثمّ البدء في تنفيذ مشروعٍ انفصالي جديد في مناطق سيطرتها في إقليم دارفور

ولذلك يحرص الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه على الدفاع، بشكلٍ مستميت، عن الفاشر التي تعد آخر مركز للقوات المسلحة السودانية في دارفور.

وفي هذا السياق، اعتبر  أركو مني مناوي، حاكم إقليم دارفور، ورئيس جيش حركة تحرير السودان، أنّ "الوقت قد حان للتحرك فورًا لفك الحصار عن مدينة الفاشر، ومحلية أم كدادة، بولاية شمال دارفور".

ودعا مناوي، اليوم الأحد، في منشورٍ على منصات التواصل الاجتماعي، إلى ضرورة الاستجابة لنداء الفاشر، قائلًا إنه ظل يناشد العالم يوجه نداءاته "إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وسأستمر في  مناشدتهم بحكم المسؤولية"، مضيفًا: "أما الآن أوجه ندائي لكم حان الوقت للتحرك فورًا لنفك الحصار عن مدينة الفاشر ومحلية أم كدادة، لنستجمع قوتنا وإرادتنا ولنظهر للعالم أن لدينا القدرة على تغيير واقعنا، دعونا نعمل معًا من أجل تحرير وطننا، ولنستذكر كل من فقدناهم فهم أحياء في قلوبنا".

وتابع حاكم إقليم دارفور قائلًا: "فلنجعل الأرض التي غمرتها الدماء وطننا للأمل والسلام، وألف تحية وتقدير لشبابنا المناضل في معسكر زمزم وأبو شوك والفاشر".

وكانت مصادر سودانية قد تحدثت عن إعداد الجيش السوداني خطة لتحرير الفاشر، معتبرةً أنه سيكون مسرح المعركة القادمة بعد معركة الخرطوم التي تمكن فيها الجيش والقوات المشتركة، من طرد قوات الدعم السريع.

وأمس السبت، أفاد الإعلام العسكري أنّ "الجيش والقوات المساندة له تمكنا من صد هجوم عنيف لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم"، مضيفًا أنّ "المعركة أسفرت عن سقوط 50 قتيلًا في صفوف القوات المهاجمة".

قوات الدعم السريع تكثف القصف على الفاشر

كثفت قوات الدعم السريع، طيلة الأيام الثلاثة الماضية، من قصفها وهجماتها على الفاشر، بما في ذلك مخيمات اللجوء والمستشفيات، الأمر الذي رفع حصيلة الضحايا من القتلى والجرحى إلى المئات.

واعتبر بيانٌ صادر عن "منسقية مقاومة الفاشر" أنّ الوضع الإنساني في مخيم زمزم حاليًا "يفوق الوصف، مع توقف جميع المستشفيات، وقتل جميع المتطوعين والكادر الطبي المتواجد فيه"، وأضاف البيان أنّ "عدد الوفيات في تزايد، حيث يموت 5 مصابين كل ساعة لعدم وجود رعاية طبية ولا طاقم طبي ولا حتى مسعف".

وكانت شبكة أطباء السودان قد أفادت في بيانٍ أنّ قوةً تابعة للدعم السريع قامت خلال يومين: "بتصفية 10 من الكوادر الطبية، بينهم مدير مستشفى أم كدادة، بولاية شمال دارفور، و9 آخرين من الكوادر الطبية العاملة بمعسكر زمزم للنازحين، عقب الهجوم الذي نفذته الدعم السريع الجمعة".

شبكة أطباء السودان: قوة تابعة للدعم السريع قامت خلال يومين بتصفية 10 من الكوادر الطبية

بدورها، أكّدت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور أنّ "مخيم أبو شوك للنازحين تحول مساء السبت من جحيم الحرب إلى ساحة مأساة جديدة بعد أن أقدمت قوات الدعم السريع على استهدافه بالقصف المدفعي أثناء صلاة المغرب ما أدى إلى استشهاد عدد من النازحين".

وتجدد القصف على مخيم زمزم الذي يضم نحو نصف مليون نازح، في وقتٍ متأخر من مساء السبت، وقد حمّلت منسقية النازحين، قوات الدعم السريع "كامل المسؤولية عن هذا الاستهداف المتكرر للمدنيين العزل وطالبها بوقف فوري لأعمال القصف والاعتداء"، موجّهةً نداءها إلى إلى المنظمات الدولية والإقليمية "للتدخل الفوري وتقديم المساعدات، وفتح ممرات آمنة لإنقاذ آلاف الأرواح البريئة التي تُباد بصمت مؤلم".

في المقابل، اكتفى البيان الصادر عن قوات الدعم السريع بالقول إنها "تؤكد التزامها بحماية المدنيين، وحرصها على احترام القانون الدولي والإنساني"، دون أن تردّ على الاتهامات الموجهة لها بتصفية الكوادر الطبية ومهاجمة مناطق تجمع المدنيين النازحين.

إدانات دولية

دعت الأمم المتحدة إلى الوقف الفوري للهجمات على مخيم زمزم ومخيم أبو شوك في الفاشر، وسبق للمنظمة الأممية أن طالبت بفك الحصار عن الفاشر والسماح للمدنيين بتلقي المساعدات والخروج من نطاق الحصار المفروض عليهم.

بدورها، قالت منظمة الصحة العالمية، في بيان أمس السبت، إن "الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الصحي تُعد انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، ويجب أن تتوقف"، وأضافت "نشعر بالذعر إزاء الهجوم المؤسف على مخيم زمزم، الذي أودى بحياة عاملين في المجال الصحي أثناء تأديتهم مهامهم".

كما نشر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بيانًا قال فيه: "تتوالى التقارير المروعة بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، حيث أودت هجمات عشوائية شنتها قوات الدعم السريع بحياة مدنيين، بمن فيهم عمال إغاثة"، مضيفًا: "يضفي هذا أهميةً مُلحةً على مؤتمر السودان المُقرر عقده الثلاثاء في العاصمة البريطانية لندن مع الشركاء الدوليين"، مشددًا على ضرورة "التزام جميع الأطراف بحماية المدنيين".

ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقد أدّت الحرب إلى سقوط ما لا يقل عن 20 ألف قتيل وجريح، ونزوح 15 مليون سوداني من منازلهم ومدنهم نحو جهات داخل السودان وخارجه، بحسب معطيات أممية ومحلية.