13-فبراير-2025
المعارك في السودان

تصاعدت وتيرة الاشتباكات في السودان (رويترز)

ارتفعت وتيرة الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشكلٍ ملحوظ اليوم الخميس 13 شباط/فبراير، وذلك بعد أيام شهدت هدوءًا نسبيًا في جبهات القتال. ودارت معارك اليوم أساسًا في العاصمة الخرطوم، إضافةً إلى تعرض مخيم زمزم للنازحين لهجومٍ دموي نفّذته قوات الدعم السريع، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، الأمر الذي فاقم الأوضاع الإنسانية في المخيم سوءًا.

يشار إلى أن الجيش السوداني يسعى إلى التقدم نحو العاصمة الخرطوم من الجنوب والشرق، عبر محور جياد وصولًا إلى الباقير والمدخل الغربي لجسر سوبا. وكان الجيش قد أعلن سيطرته أمس الأربعاء على مدينة جياد، التي تعد عماد الصناعة في السودان. أما محور التقدم الثاني فيتمثل في شرق النيل، وصولًا إلى المدخل الشرقي لجسر سوبا، الذي شهد اليوم اشتباكات عنيفة.

معارك الخرطوم: الطريق الشاق نحو القصر الرئاسي

بعد استعادة السيطرة على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، وضع الجيش السوداني نصب عينيه استعادة رمزٍ سيادي آخر، وهو القصر الرئاسي، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023.

رفَض الجيش السوداني مقترحًا إماراتيا بوقف إطلاق النار 

وقد شهدت المناطق القريبة من القصر مواجهاتٍ دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، ونالت قاعة الصداقة، التي لا تبعد عن القصر سوى كيلومترين، نصيب الأسد من عمليات القصف والتخريب. فأمس الأربعاء، أفاد موقع الترا سودان، نقلًا عن حسابات موالية للجيش السوداني، بأن "قوات الدعم السريع قامت بإحراق قاعة الصداقة"، وتهدف قوات الدعم السريع من خلال هذا الإجراء، حسب محللين، إلى "التغطية على انسحاب منسوبيها من استهداف القناصة والمسيرات، عقب التقدم الكبير الذي أحرزه الجيش في المناطق المجاورة".

يشار إلى أن مبنى قاعة الصداقة يقع في موقع استراتيجي مهم عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، مقابل جزيرة توتي، ما منح القاعة حضورًا مميزًا في مدينة الخرطوم. كما أنها "تشغل موقعًا بارزًا في قلب منطقة سياحية واجتماعية حيوية بالخرطوم، حيث يجاورها من الشرق فندق كورنثيا الخرطوم (المعروف سابقًا بفندق برج الفاتح)، بينما يقع غربها متحف السودان القومي وحدائق 6 أبريل وفندق كورال الخرطوم (هيلتون سابقًا) وجسر النيل الأبيض المؤدي إلى أم درمان.

أما في الشمال، فتطل القاعة على مرسى عبّارة جزيرة توتي، وفي جنوبها تقع عدة مكاتب لشركات وبعثات دبلوماسية أجنبية". كانت هذه المنطقة برمتها مسرحًا لأشد الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، نظرًا لأهميتها السيادية والاستراتيجية.

معارك شرق الخرطوم:

احتدمت المعارك اليوم الخميس بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني قرب جسر سوبا شرق العاصمة الخرطوم. وبحسب متابعين سودانيين، فإن عبور قوات الجيش للجسر بات وشيكًا، في ظل تراجع قوات الدعم السريع ومغادرة مجموعات كبيرة من القوات المساندة لها، المعروفة بـ"الفزع الأهلي".

يشار في هذا السياق إلى أن الجيش السوداني رفض مقترحًا تقدمت به الإمارات العربية المتحدة لإقرار هدنة طيلة شهر رمضان، حيث قال مسؤول عسكري سوداني لوكالة "رويترز"، إن مقترح وقف إطلاق النار الإماراتي "مرفوض".

مخيم زمزم للنازحين وتفاقم المأساة:

شنّت قوات الدعم السريع هجومًا على مخيم زمزم للنازحين القريب من مدينة الفاشر الخاضعة لسيطرة الجيش، وأوقع الهجوم، حسب مصادر سودانية رسمية، عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.

وفي بيان أدان الواقعة، قالت وزارة الخارجية السودانية إن الهجوم هو "امتداد لحملة إبادة جماعية تستهدف غالبية سكان دارفور". وأشار بيان الخارجية السودانية إلى أن ما أسماها "الميليشيا الإرهابية، المدعومة من جهة إقليمية، كثّفت اعتداءاتها خلال اليومين الماضيين، بعد أكثر من شهرين من القصف المدفعي المستمر على المعسكر".

وأكد بيان الخارجية السودانية أن الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع اليوم "أسفر عن مقتل أعداد كبيرة من النازحين، مع استهداف خاص لمجموعات قبلية محددة، ومنع الفارين من مغادرة المعسكر، في تكرار لما شهدته الجنينة وأردمتا في حزيران/يونيو 2023".

بدورها، أكدت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين بالسودان أن مخيم زمزم للنازحين جنوبي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، "تعرض لهجوم من قبل قوات الدعم السريع، بدأ منذ يوم الاثنين وما زال مستمرًا".

وأضاف بيان المنسقية أن "الهجوم على المخيم أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح"، واصفًا ما حدث في مخيم زمزم بـ**"الجريمة البشعة والانتهاك الصارخ لكل القوانين والأعراف الدولية".