21-فبراير-2020

بوستر المعرض

بعيدًا عن الفنّ المؤسّساتيّ أو الرسميّ، وفي مُحاولة جديدة وجادّة لإسقاط مفاهيم مكرّسة وثابتة تمهيدًا لابتكار أخرى جديدة مهمّتها التصدّي للخطاب الجامد الذي لا يقبل التحديث أو المراجعة، رغم عجزه الواضح في الوصول إلى الناس؛ تُعيد فعّالية "النوم مع العدو" تقديم نسخة جديدة منها تحت عنوان "ممنوع التهذيب"، بعد تجربتين سابقتين كُتب لهما النجاح بفعل المسافة الواسعة التي أخذتها الفعاّلية بعيدًا عن الذائقة المادّية السلطوية التي تُحاصر الفنّ، بل وتنصّب نفسّها حارسًا له وعليه أيضًا.

فنانون لبنانيون: ماذا يعني أن ننتج في أوقات الأزمات؟ أين نقف اليوم كفنّانين؟ وأين نتّجه في ضوء هذا التحوّل المفاجئ في البلاد؟

من جديد، تسعى الفعّالية الفنّية، إن جازت التسمية، عبر نسخة جديدة منها إلى مواصلة عملية كسرد الحدود بين الفنّان والمتلقّي. إنّها فرصة جديدة لتقليص المسافة بين الطرفين، وفتح العملية الفنّية للعامّة تمهيدًا ربّما لمحاولات أخرى تُنهي هيمنة الطريقة المادّية – التسويقية في التعامل مع الفنّ الحقيقي، وجعله نخبويًا بالمعنى الطبقي تمامًا من جهة، وتوجيهه إلى شريحة معيّنة من المتلقّين من جهةٍ أخرى. وهذه الحالة هي ما يسعى معرض "ممنوع التهذيب" إلى إنهائها من خلال جعل الفنّ أكثر التصاقًا بالناس.

اقرأ/ي أيضًا: مهرجان البستان.. نسخة استثنائية

انطلقت فعّاليات المعرض يوم الثلاثاء مم شباط/ فبراير الجاري، على أن يستمرّ لمدّة 21 يومًا، أي لـ 3 أسابيع، سيكون جمهور المعرض فيها على موعدٍ مع تجارب جديدة لجهة التنظيم، والأعمال الفنّية أيضًا. وعلى هامش المعرض، ستكون هناك محادثات مفتوحة حول الفنّ تفتح الباب على مصراعيه على جُملةٍ من الأسئلة تتركّز حول الفن وسخطه، وكيفية النهوض به، وانتزاعه من يد المادّية السلطوية ووضعه بين يدي العامّة كخطوة أولى من خطوات رحلة إنهاء حالة احتكاره من قبل فئة معيّنة.

وضمن هذا السياق، وعلى هامش النقاشات بين المُشاركين، يُحاول المعرض الإجابة على أسئلةٍ أخرى مثل: ماذا يعني أن ننتج في أوقات الأزمات؟ أين نقف اليوم كفنّانين؟ وأين نتّجه في ضوء هذا التحوّل المفاجئ في البلاد؟ يُجيب على هذه الأسئلة وغيرها مم فنّانين هم: آية كازون، وآني كوركدجيان، وبترام شلاش، وسمعان خوام، ولوما رباح، بالإضافة إلى شوقي يوسف، ومنصور الهبر، وغيلان الصفدي، وفادي الشمعة.

يُراهن القائمون على "ممنوع التهذيب" على هذا التنوّع لمنح قيمة إضافية للمعرض، لا سيما التنوّع في المشاريع المختلفة بين فنّانٍ وآخر أيضًا، فبينما تشغل آية كازون بتفكيك الجسد ضمن حدود اللوحة، نرى آني كوركدجيان منشغلة بالحرب واستعادة لحظاتها البائسة، بالإضافة إلى فهم العلاقة بين الجسد وبينها، الحرب، من خلال وضعهما معًا على طاولة التشريح، أي اللوحة.

هناك أيضًا الاشتغال على دراسة الفردانية والطاعة السياسية من خلال التصوير الفوتوغرافي والنحت، كما هو الحال عند بترام شلاش. بينما نجد سمعان خوام مكرّسًا فنّه لكشف التناقضات السياسية والظلم الاجتماعي. أمّا لوما رباح، فتنصرف إلى رسم المناظر الطبيعية سعيًا منها إلى الحفاظ على الذكريات والعواطف وكذا التراث، على الأقلّ بالنسبة لها. ناهيك عن الجمع بين الكلمات والصور لإنشاء مزيج فريد من الخط ضمن مساحة خاضعة لتأثيرات شرقية وشرق أوسطية، وهو ما يشتغل عليه شوقي يوسف.

تنصرف لوما رباح إلى رسم المناظر الطبيعية سعيًا منها إلى الحفاظ على الذكريات والعواطف

استكشاف النهج بين الواقع وعملية تصويره، بالإضافة إلى تفكيك العالم الميتافيزيقي من حوله، هو العنوان العريض لمشروع منصور الهبر الفنّي. أمّا فكرة إنتاج رسومات داخل سياقات إخبارية قريبة من الرسم بمفهومه التقليدي، ومن خلال صور الكرتون تحديدًا، فهي ما تشغل غيلان الصفدي الذي يختار صورًا تمسّ غالبًا قضايا اجتماعية أو سياسية.

اقرأ/ي أيضًا: معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب.. إقبالٌ كبير ولكن

ويلخّص بيان "ممنوع التهذيب" المشروع الفنّي لفادي الشمعة بقوله إنّه: "يعاني من جميع أعراض اضطراب الشخصية الحدية المزمنة الذي يتمتع بقدرة غير عادية على إحداث تغيير له وحالته الذهنية. لقد كان يرسم جوانبه العديدة منذ العشرينات من العمر على طول الطريق مع مجموعة عمل تطورية وفيرة ومعقدة للغاية. ترنيمة للحرية. في عمله طفولة مستمرة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

معرض "الاستقصاء المعماري: نهج مضاد".. الفن في ميدان حقوق الإنسان

أحمد محسن في رواية "السماء ليست لنا".. بيروت المحاصرة في حلب