11-مايو-2022
معرض ڤايوراما

ملصق المعرض

افتُتح يوم الأحد 8 مايو/أيار 2022 معرض ڤايوراما، وهو معرض لمشروعات فنية تستخدم تقنيات الواقع الافتراضي، ومستمر حتى يوم 21 مايو/ أيار 2022 في مساحة مدرار للفن المعاصر بمنطقة جاردن سيتي، وسط مدينة القاهرة بمصر. ويعتبر معرض ڤايوراما، أول معرض في مصر مخصص للأعمال الفنية بتقنيات الواقع الافتراضي، حسب ما صرّح القائمون على المشروع المدعوم بمنحة من السفارة الهولندية بالقاهرة ومؤسسة المورد الثقافي.

يحتوى معرض فايوراما على 6 مشاريع فنية مختلفة قام بها 6 فنانين مصريين مستخدمين تقنيات الواقع الافتراضي

 

يحتوى المعرض على 6 مشاريع فنية مختلفة قام بها 6 فنانين مصريين مستخدمين تقنيات الواقع الافتراضي، لا رابط يجمع بين المشروعات غير الارتكاز إلى فكرة "الديوراما" أو بشكل مبسط "التقاط لحظة من الزمان والمكان". يشرح معرض ڤايوراما في تقديمه للأعمال الفنية أن لدى "الديوراما" حضور قديم بالمتاحف، حيث كل أشكال المشاهد المذهلة، وأحيانًا المستحيل وصفها، ستظل موجودة كما هي في كل زيارة، ستظل الغزالة تؤكل من الأسد، وسيظل الديناصور يغرق بحفرة القطران، فالديوراما عبارة عن لحظات عالقة بالزمن مثل الناموسة المحنطة. ويمنح المعرض للجمهور فرصة تجربة "الديوراما" ولكن عبر الواقع الافتراضي، فبعكس الديوراما الحقيقية، ديوراما الواقع الافتراضي تسمح بالعبور داخل الحاجز الزجاجي إلى المشهد نفسه، حيث يمكن للشخص اختبار الشعور ومعايشته بدون تجربة ضغط السرد الطولي للقصة الذي ينزلق إلى الخاتمة.

قامت مساحة مدرار بنشر إعلان لدعوة مفتوحة لمن يرغب في المشاركة في مختبر ڤايوراما، للتدريب التقني والفني على مهارات وتقنيات الواقع الافتراضي، وانتهت الدعوة باختيار 6 مشاركين في المختبر الذي استمر لمدة 6 أسابيع بواقع 3 أيام عمل أسبوعيًا، تحت تدريب وإشراف مدير المختبر الفنان الهولندي دانيال إيرنست، الذي يعمل في مجال الرسوم الرقمية التفاعلية، ويعمل كمخرج ومنتج لأفلام الواقع الافتراضي، والذي تم دعوته إلى مصر خصيصًا لتدريب المشتركين وصقل مهاراتهم الفنية وتطوير مشاريعهم الخاصة.

ڤايوراما: أعمال فنية تعبث بالزمكان

"لاعب واحد، يلعب ضد النظام، ولا يفوز أبدًا" بهذه الكلمات تعرّف الفنانة السكندرية آية طارق مشروعها "بنك الحظ" Bank Of Fortune  حيث حوّلت تجربة لعبة بنك الحظ إلى الواقع الافتراضي، حيث دومًا ما يذهب اللاعبون إلى السجن، حسب قواعد اللعبة وأوامر الكروت.

أما في عمل "آبنوس" Abanos  أحد أبرز المشاريع  المقدمة، يقدّم فنان الوسائط المتعددة أحمد نادر، خريج كلية الفنون الجميلة، قصة جديدة تدعونا كي نكون في زمانها وفضائها، محاكاة لقصة سُردت وخُزِّنت في الذاكرة وتُستدعى لروايتها مرة أخرى، فتُوَلِد روايات مختلفة بناءً على العناصر الموجودة، قصة تسمح للمشاهد بالانغماس في عالم الحلم من خلال بناء وتفكيك بعض الرموز من الأساطير العربية.

ويقدّم الفنان محمد المغربي رؤية مغايرة للوعي البشري من خلال مشروعه "يوجد سايبورغ بالداخل" There Is A Cyborg Inside حيث يقول أن الوعي هو عملية يكون فيها العقل آلة حقيقية تولد الواقع ومن ثم تدركه، وبالتالي تخلق نظامًا مغلقًا، يرى المغربي من خلال عمله أننا مثل هذه الأنظمة مبرمجين لإعادة إنتاج أنفسنا، مجموعة من السايبورغ في الفضاء السيبراني البيولوجي.

واستمرارًا في التلاعب والعبث بالزمكان، يجسّد الفنان زياد أبو غالي في مشروعه "خلل ماتريوشكا" Matryoshka Glitch تلاعبًا بالمشاهدين حيث يركّز على كسر الحاجز بين الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي، حتى يختلط الأمر على المشاهدين، في أي بقعة من الزمان والمكان يقفون الآن؟

ورجوعًا إلى سردية الإنسان المهزوم، تعرض الفنانة ملك ياقوت في مشروعها "سكتش لتجربة حلم جمعي غامرة" Sketch For A Collective Dream Experience تجربة لحلم وشيك أو لعبة ذاكرة تعيد تنظيم الذكريات الجمعية المتعلقة بالقمع والمفاوضات السياسية والاقتصادية، صراع بين الخوف من الوحدة والتهديد بفقدان الهوية الفردية كنتيجة للاستيعاب.

وفي العمل الفني السادس والأخير، "وهكذا حملنا لحمنا" And So We Carried Our Flesh تسلط الفنانة دينا جريديني الضوء على أهمية الجسد، حيث تعتبر أن الجسد الشخصي هو "الوجود في العالم".

مدير المختبر: الواقع الافتراضي أداة للخلق

يقول المدير الإداري للمختبر تيودور أمجد لـ"ألترا صوت" إن الواقع الافتراضي ليس فقط وسيلة للعرض بل أداة للخلق، فلم يكتفوا بحجز لقطة من الزمن بل تعمدوا خلق اللقطة في زمان ومكان خاص بها. يضيف أمجد أنهم يعملون على المشروع منذ أكثر من عام كامل، ويشير إلى فرادة التجربة في مصر، حيث يعتبر فايوراما أول معرض كامل للواقع الافتراضي في مصر، فضلًا عن أن جميع الفنانين القائمين بالأعمال الفنية والمشاركين في المعرض هم من المصريين الذين قدّموا تجاربهم الخاصة للجمهور، ومن المميز أيضًا أنها التجربة الأولى لجميع الفنانين في الأعمال الفنية المستخدمة لتقنيات الواقع الافتراضي.

في  "سكتش لتجربة حلم جمعي غامرة"، تقدم ملك ياقوت تجربة الصراع بين الخوف من الوحدة والتهديد بفقدان الهوية الفردية كنتيجة للاستيعاب

واجه فريق العمل بعض الصعوبات في مرحلة الإعداد، حسب ما يقول تيودور أمجد، خاصة في مرحلة البحث عن مدربين مصريين في المختبر بجانب المدرب والفنان الهولندي دانيال إيرنست "هناك فنانون مصريون جيدون في استخدام البرامج التقنية وتقديم أعمالًا جماهيرية كالإعلانات، وآخرون لديهم حس فني عالي، لكن وجدنا صعوبة في إيجاد شخص مزيج بين النوعين، فنان له حس ورؤية، وبنفس الوقت يجيد استخدام التقنيات الحديثة ويعرف طرق توظيفها جيدًا لإنتاج أعمال جماهيرية". كما أن الاستقرار على الهولندي إيرنست تطلب منهم مجهودًا كبيرًا في البحث "بذلنا مجهودًا كبيرًا في البحث عن مدرب مناسب للمختبر، بحيث يكون تقنيًا وبنفس الوقت فنانًا، واجهنا صعوبة أيضًا في إيجاد ضيوف مصريين يتحدثون للمتدربين في المختبر، الضيفان اللذان دعوناهما أجنبيان، أتمنى إذا قمنا بعمل مشروع مستقبلي أن يشارك فيه أحد الفنانين المصريين خريجي المختبر، أن يكون أحدهم مدرب ثانِ بجانب المدرب الأجنبي أو على الأقل ضيفًا متحدثًا للمتدربين".

ويشرح أمجد معنى فايوراما أنه مزيج بين الدايوراما والواقع الافتراضي VR ، يقول أمجد "الدايوراما حاجة أشبه بصندوق الدنيا، لقطة من الزمن محجوزة وملتقطة داخل هذا المكعب للأبد. الدايوراما في الواقع الافتراضي مختلفة شوية، الوقت فيها مختلف، مركزين في كل الأعمال على فكرة عدم وجود بداية ونهاية للمشروع، أنت داخل لقطة من الزمن تحدث مرارًا وتكرارًا".

زياد أبو غالي:  نحيا بواقع داخل واقع داخل واقع

يقول الفنان البصري زياد أبو غالي، أحد المشاركين بالمعرض بعمل فني بعنوان "خلل ماتريوشكا" وهو شاب مصري يدرس الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية بالقاهرة، أنه منذ زمن بعيد وهو مغرم بفكرة المحاكاة Simulation، أن هناك عالم آخر يشبه ذلك الذي نحياه، ربما نحن أنفسنا نوجد في محاكاة لواقع آخر "المشروع بتاعي عن الواقع بتاعنا ضد الواقع الافتراضي، هل الواقع الافتراضي حقيقي؟ العالم بتاعنا ممكن يكون واقع افتراضي.. مثلًا، حاليًا يوجد الميتافيرس، الناس بتقول لأ مش حقيقي، طب ما ممكن نكون احنا أنفسنا مش حقيقيين! المشروع بتاعي بيخليك في نفس المكان اللي أنت فيه، لما بتلبس النضارة بتلاقي نفسك في نفس الغرفة بالظبط، وكل حاجة في مكانها، لكن هتلاقي في غليتش Glitch (خلل برمجي) بيحصل في الصورة وفي المكان، اسم المشروع (خلل ماتريوشكا) اللي هي العروسة الروسي، واحدة داخل واحدة داخل واحدة، احنا كمان واقع داخل واقع داخل واقع، واحنا عايشين في واحد منهم".

يضيف أبو غالي أنه كان يعمل على المشروع الخاص به منذ فترة طويلة، ووجد أن أفضل وسيلة لعرض فكرته من خلال الواقع الافتراضي، بيد أنه لم يمتلك الأدوات التقنية اللازمة، ولم يكن يعلم ماذا يفعل بالضبط، حتى تعرف على مختبر فايوراما وقام بالتقديم، وبعد القبول في المختبر عمل على تطوير الفكرة بمساعدة الفنان الهولندي دانيال إيرنست، كما تدرب تقنيًا على استخدام البرامج المطلوبة، التي استخدم بعضها للمرة الأولى.