03-سبتمبر-2019

يريد النظام السوري ترويج سردية الاستقرار في بلد مدمر (تويتر)

افتتح  النظام السوري الدورة 61 من معرض دمشق الدولي ،الممتد من 28 أب/أغسطس وحتى 6 أيلول/سبتمبر، والحدث الاقتصادي الرئيسي في البلاد قبل الحرب في سوريا، في طوفان من الأصوات والأضواء وعلى خشبة المسرح، حيث عزفت فرق موسيقية وقدم العديد من الراقصين الشعبيين وصلاتهم، كما قدمت جوقات الجيش استعراضاتها في صورة بدت كما لو كانت الحرب فيها مجرد ذكرى بعيدة، في الوقت الذي لا يزال وقف إطلاق النار هشًا في إدلب.

يحاول النظام أن يظهر بأن إعادة إعمار سوريا جارية. رغم انهيار الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% بين عامي 2010 و2016، وانهيار الإنتاج الصناعي والزراعي وفقًا للأمم المتحدة

توقف الحدث الذي كان يعتبر واحدًا من أهم الفعاليات الاقتصادية في الشرق الأوسط في حينه، والذي توقف في عام 2011 في أعقاب الثورة السورية، رغم محاولة النظام إعادة إنتاجه في عام 2017. ووفقًا للأرقام الرسمية، تشارك في هذه الدورة 1700 شركة من 38 دولة، ويمثل هذا الرقم بالنسبة للنظام الإعلان الأكثر أهمية، فكما هي العادة لا يوفر النظام السوري فرصة في سياق محاولته إعادة تسويق نفسه على الساحة الدولية وسط ضجة إعلامية كبيرة من قبل وسائل الإعلام التابعة للنظام، رغم أن عدد الدول المشاركة في الفعالية قد نقص عن الدورة الأولى مثلًا، أي 48 دولة.

اقرأ/ي أيضًا: معرض مكتبة الأسد.. رسائل النظام السوري الهزلية

وهم الاستقرار

تضمن القسم السوري من المعرض، عرض للمنتجات الغذائية ومختلف المواد التي أصبح من غير المتاح غالبًا للمواطن السوري الحصول عليها بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب. في الوقت الذي يحاول النظام أن يظهر بأن إعادة إعمار سوريا جارية. رغم انهيار الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% بين عامي 2010 و2016، وانهيار الإنتاج الصناعي والزراعي وفقًا للأمم المتحدة، حيث يعيش الآن ثمانية من كل عشرة سوريين تحت خط الفقر.

ومع ذلك طرحت حكومة بشار الأسد في هذه الطبعة الحادية والستين شعار "من دمشق إلى العالم" في محاولة للقول إن سوريا لم تعد معزولة على الساحة الدولية، فيما يبدو أنه تصور للنظام عن خارطة العالم. فقد اقتصر الحضور على الدول الداعمة للنظام السوري مثل كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وروسيا البيضاء والجزائر والبرازيل وسلطنة عمان بالإضافة إلى الجيران كلبنان والعراق، ولكن الحدث الذي استحق احتفاءً لافتًا من قبل النظام كان في حضور دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن قامت بفتح سفارتها في دمشق في أواخر العام الماضي، بعد قطع العلاقات في عام 2012.

تجدر الإشارة إلى أن الهند والصين، اللتين جذبتهما سوق إعادة الإعمار المقدرة بين 200 و400 مليار دولار، حاضرتان بشكل بارز. لكن الأوزان الثقيلة الحقيقة تظل في الأطراف الراعية للنظام: روسيا وإيران. حيث وصل وفد من 100 رجل أعمال من طهران. يلخص هذا التمثيل قبضة البلدين على الاقتصاد السوري، ففي مقابل الحصول على مساعدات عسكرية، استطاع الروس استغلال الموارد الطبيعية بينما اشترى الإيرانيون مناطق كاملة من العاصمة دمشق.

اليمين الفرنسي حاضر أيضًا

تزامن المعرض مع وصول وفد حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف وعلى رأسه تياري مارياني الأسبوع الماضي، رغم تحذير الدبلوماسية الأمريكية على موقع تويتر، قائلة إن "أي شخص يتعامل مع النظام أو معاونيه معرض لإمكانية فرض عقوبات أمريكية"، كما أن الخارجية الفرنسية  تؤكد أن "أي شركة فرنسية يجب أن تحترم العقوبات الأوروبية التي تم تجديدها في 17 أيار/مايو" تحت طائلة تعريض نفسها للمحاكمة. إلا أن قوى اليمين الفرنسي لم ترغب في تفويت فرصة حضور المعرض كتعبير عن إرادة إعادة تأهيل بشار الأسد. حيث يحاول هذا الوفد من البرلمانيين الأوروبيين المحسوبين على التجمع الوطني، منحه المنصة والفرصة لذلك.

اقرأ/ي أيضًا: أبو شاور وأبو خالد.. في القصر الجمهوري

وشارك الوفد يوم الأربعاء في حفل الافتتاح قبل لقاء رأس النظام السوري بشار الأسد. وقال عضو البرلمان الأوروبي نيكولاس باي: "ناقشنا معه رغبتنا في رفع العقوبات الأوروبية واستئناف العلاقات الدبلوماسية". وقال بشار الأسد لمارياني: "نحن مستعدون لاستئناف الحوار مع فرنسا التي يربطنا بها تاريخ مشترك ومصالح مشتركة في محاربة الإرهاب".

قدمت جوقات جيش النظام السوري استعراضاتها في معرض دمشق الدولي، في صورة بدت كما لو كانت الحرب فيها مجرد ذكرى بعيدة، في الوقت الذي لا يزال وقف إطلاق النار هشًا في إدلب

ورغم محاولة النظام الاستثمار السياسي في معرض دمشق الدولي منذ العام 2017 وتأكيده بأن قدرته على تنظيم المعرض، دليل على تعافيه الأمني واستعادته مفاصل الحياة الاقتصادية وعودة الحياة الطبيعية إلى سوريا، فإن ذلك لا يعكس سوى درجة الأوهام التي يسوقها النظام لمناصريه، سواء من الداخل أو الخارج لاسيما تحت ظل الأزمات المعيشية، وغياب أي أثر ممكن للاتفاقيات المتوقع إبرامها على هامش المعرض نتيجة استمرار العقوبات الأمريكية، آخذين بالاعتبار الوضع العسكري الهش في إدلب. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد صبحي الذي كنت أحبه

معرض دمشق الدولي.. تجميل إجرام الأسد بفنانين انتهت صلاحيتهم