29-فبراير-2016

يجد أطفال بادية اليمن مطاردة الحيوانات وقتلها أمرًا ممتعًا (محمد حويس/أ.ف.ب)

منذ مئات السنين ولا يزال الاعتقاد بقتل أنواع من الحيوانات والطيور مترسخًا وبقوة في ذهن سكان البادية في اليمن. الأطفال يتدافعون في الوادي الصغير وفضاء القرية الريفية ودهاليزها والضحكات تتعالى منسجمين ليس مع ألعاب الفيديو أو الهواتف اللوحية، بل برشق الكلاب بالحجارة ومطاردة القطط والفئران والحرباء، معتمدين كل أنواع التعذيب التي تخطر على بالهم، والضحايا مجموعة من الحيوانات حاصرتها التقاليد في قوس التهم والشرور تسلية ولهوًا.

منذ مئات السنين ولا يزال الاعتقاد بقتل أنواع من الحيوانات والطيور مترسخًا وبقوة في ذهن سكان البادية في اليمن

عبد الله مسعد، أكثر ما يستهويه هو قتل طائر البومة لاعتقاد راسخ لديه، بحسب ما سمع من أقاربه وأصدقائه، أنها نذير شؤم وفي حال ما سمع شخص صوتها في هزع الليل فيعني ذلك أنها تنذر بموت قريب أو عزيز. من جانبه، يقول وليد ثابت لـ"الترا صوت": إن "هوايته تكمن في قتل القطط السوداء"، وعلل صنيعه بـ"أحاديث نبوية تبرز أن القطة السوداء شيطان أو جان"، لذلك فهو يعمل مع عدد من أصدقائه على اقتناص كل القطط السوداء.

اقرأ/ي أيضًا: اليمن.. محميات عدن الطبيعية مهددة!

أما الشاب رضوان حزام، أحد سكان محافظة إب، وسط اليمن، فيؤكد لـ"الترا صوت": "أعتقد أنه من الضروري قتل الحرباء لأنها أكلت عصا النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان في المسجد"، ويضيف: "نقوم أنا وأبناء قريتي بمطاردة أي حرباء في بيوتنا وبين الصخور والأشجار وأينما صادفناها لنقوم بقتلها وإذا ما تمكنا منها وقتلناها نخاطبها "أخرجي عصا النبي" لكي تخرج شيئًا من حلقها وهكذا نشعر أننا كسبنا الأجر".

أضحى الكثير من أبناء المناطق الريفية يؤمنون بهذه المعتقدات التي تبيح قتل الحيوانات من خلال أدلة استقوها من الدين، موقنين بالثواب الذي سيكسبونه من وراء قتلها، حسب تعبيرهم. يقول أحمد علي، "إن الرسول يقول: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحدأة والعقرب والفأر والكلب العقور"، ولذلك أخصص معظم وقتي للبحث عن هذه الحيوانات لقتلها في منطقتي بمديرية السياني في محافظة إب".

اقرأ/ي أيضًا: هنا اليمن.. بلاد الله الضيقة

ويذهب آخرون إلى قتل بعض الحيوانات انطلاقًا من فكرةٍ طبية، كما يبين عصام حمود لـ"الترا صوت". يقول عصام: "في ما يخص حيوان الفأر فهو يسبب مرض الطاعون"، وهذه المعلومة الطبية استقاها من جده. أما علي سعيد، ذو الثلاثين عامًا، فيقول، من جهته، إنه "قتل ما يقارب الثلاثين كلبًا في قريته والقرى المجاورة لها باعتبارها نجسة أولاً، ولأن الجن يمكن أن يتشبهوا بها ثانيًا". بينما يميل الشاب صلاح حامد إلى قتل الحراذين، "لأنها تعيش في شقوق الصخور والجبال وهي شياطين في الأصل"، حسب تعبيره.

وعلى الرغم من محاولة بعض المثقفين إقناع العامة من الناس في اليمن بكون هذه الأفكار ليست إلا مجموعة من الخرافات، لكن الإقناع صعب خاصة وقد تربى معظم شباب القرى والأرياف على هذه المعتقدات، وشاهدوا آباءهم وأجدادهم يمارسونها ويؤمنون بها. في هذا السياق، يقول الشيخ القاضي موسى عبد السلام لـ"الترا صوت": "إن كل هذه الممارسات ليست أكثر من خرافات وروايات كاذبة لا أساس لها من الدين أو الصحة، كما هناك آداب لقتل هذه الحيوانات في حال الضرورة وليس اعتباطيًا".

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن.. هنا تعز

الرفق بالحيوان في السودان، عظيم.. والإنسان؟