28-أكتوبر-2022
تطورات متسارعة في حرب أوكرانيا (Getty)

تصعيد مستمر في جنوبي وشرقي أوكرانيا (Getty)

لم تتوقف حدة المعارك في جنوبג وشرقي أوكرانيا، فالتصعيد العسكري هو العنوان الأبرز لمسار تطورات الحرب. وفيما لا تزال الأنظار متوجهة نحو جبهة خيرسون جنوب البلاد في انتظار معركة حسم شرسة، اندلعت معارك عنيفة في الضواحي المحيطة بمدينة باخموت الواقعة في مقاطعة دونتيسك شرقي أوكرانيا. حيث تعتبر موسكو المدينة حاليًا الهدف الرئيسي لها. وعلى الرغم من استعصائها، إلا أن الوضع داخلها لا يزال خطيرًا، فقد شنت القوات الروسية هجمات متتالية عليها، كان آخرها الهجوم الذي قادته مجموعات من مرتزقة "فاغنر" داخل المدينة، إلا أن القوات الأوكرانية استطاعت صدهم وطردهم إلى خارج المنطقة.

فيما لا تزال الأنظار متوجهة نحو جبهة خيرسون جنوب البلاد في انتظار معركة حسم شرسة، اندلعت معارك عنيفة في الضواحي المحيطة بمدينة باخموت

في هذا السياق، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي، إن المدينة تشهد "معارك شرسة للغاية"، معتبرًا أن "الخطط الروسية مجنونة" وأن قوات بلاده "صامدة على كامل خطوط الجبهة". وتحدث الرئيس الأوكراني عن "أخبار سارة سترد قريبًا من الجبهة"، دون أن يكشف مزيدًا من التفاصيل.

وفي كييف شنت القوات الروسية هجومًا فجر الخميس استهدف منشآت البنية التحتية في المدينة، وأفاد حاكم  كييف أوليكسي كوليبا على تطبيق تلغرام بأن المنطقة تواجه عجزًا بمقدار 30% في الكهرباء بسبب الهجوم  الروسي ليلًا على شبكة الطاقة، وأدى إلى تعطيل عدد من المرافق الحيوية. كما قصفت القوات الروسية مدينة زاباروجيا، وقال القائم بأعمال عمدة المدينة أناتولي كورتيف إن "القوات الروسية قصفت المدينة مساء الأربعاء"، مشيرًا إلى أن القصف طال كذلك مناطق مجاورة، مما تسبب في نشوب حريق دون الإبلاغ عن وقوف إصابات.

في حين أشارت هيئة الأركان الأوكرانية بأنها لا تستبعد تفجير روسيا لمحطة زابوروجيا النووية، وإلقاء اللوم في الهجوم على أوكرانيا. وفي هذا الإطار، أجرت روسيا الأربعاء مناورات لقواتها النووية الإستراتيجية أشرف عليها الرئيس فلاديمير بوتين، لـ "محاكاة توجيه ضربة نووية ساحقة ردًا على أي هجوم نووي من العدو"، بحسب ما جاء في بيان للكرملين. وتابع البيان: "نُفذت المهام التي تم تحديدها خلال تدريب الردع الاستراتيجي بالكامل، وأصابت جميع الصواريخ أهدافها".

وجاءت هذه المناورات وسط السجال الكبير الدائر بين موسكو من جهة، وكييف والغرب من جهة أخرى بشأن ما تقول روسيا إنها "استعدادات حقيقية من جانب أوكرانيا لاستخدام قنبلة قذرة ضد الروس". وفيما تنفي كييف أي نية لاستخدام مثل هذا السلاح، يخشى حلفاؤها الغربيون أن تكون هذه الاتهامات ذريعة لموسكو لتصعيد النزاع، أو لاستخدامها السلاح النووي الذي هدد مسؤولوها مرارًا باللجوء إليه في حال تعرضت روسيا إلى تهديد كبير.

وفي سياق مرتبط بالصعوبات التي تواجهها القوات الروسية على الأرض في أوكرانيا، أفادت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية أن روسيا تحاول تجنيد أفرادًا من "القوات الخاصة" الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة وبريطانيا، وتخلت عنها خلال انسحابها من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد. وتنقل المجلة عن محللين بأن "القوات الخاصة" الأفغانية التي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية، والقوات الخاصة للحلفاء في أفغانستان لقرابة 20 عامًا، قد تُحدث الفارق الذي تحتاج إليه روسيا في أرض المعركة بأوكرانيا. 

وبحسب التقديرات فإن تعداد تلك القوات يتراوح بين 20 ألفًا و30 ألفًا، هرب قسم منهم إلى دول الجوار، في حين بقي قسم آخر في أفغانستان، لكنهم متوارون عن الأنظار، خوفًا من مطاردة قوات طالبان لهم، وخشيتهم من الاعتقال أو القتل. وتقول المجلة إن هؤلاء الجنود عاطلون ويائسون، وهذا يجعلهم أهدافًا سهلة لجهات تعمل على تجنيد الأفراد الذين يملكون مؤهلات عسكرية.

وبحسب مصادر أمنية أفغانية مرتبطة بالحكومة السابقة، فإن موسكو "تعي تمامًا عقلية عصبة الأخوة الخاصة بالمقاتلين ذوي المهارات الكبيرة". وتحدث مسؤول أمني أفغاني بارز سابق، طلب عدم الكشف عن هويته، بأن "دمجهم ضمن صفوف الجيش الروسي سيغير قواعد اللعبة في ساحة المعركة في أوكرانيا، نظرًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواجه صعوبات في تجنيد الأفراد لخوض حربه المتعثرة، فضلًا عن أن هناك تقارير تشير إلى أنه يستخدم ميليشيا "فاغنر" لضم السجناء".

وأضاف مسؤول آخر كان ضابطًا في صفوف "القوات الخاصة" الأفغانية، أنه يعتقد أن مجموعة "فاغنر" هي التي تقف وراء تجنيد روسيا "للقوات 'الخاصة" الأفغانية. وتابع "إنني أقول لكم، جهة التجنيد هي مجموعة فاغنر، إنهم يحشدون الأشخاص من جميع الأنحاء، الكيان الوحيد الذي يجند قوات أجنبية من أجل روسيا هي مجموعة فاغنر، وليس جيشها، إنه ليس افتراضًا، بل حقيقة معروفة". 

هذا وأكد بعض العناصر من القوات الخاصة السابقين بأنهم تلقوا اتصالات عبر تطبيقي "واتساب" و"سيجنال" تقدم عروضًا للانضمام إلى ما وصفه الخبراء، بـ"الفيلق الأجنبي الروسي للقتال في أوكرانيا". وتسببت الأخبار عن محاولات التجنيد الروسية في دق ناقوس الخطر بين دوائر قوات الأمن  الأفغانية السابقة، وقوات الجيش السابقة، حيث تقول تلك الدوائر إن "ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل من القوات الخاصة قد يسهل إقناعهم بالعرض الروسي". فقد أشار مصدر عسكري افغاني آخر أن هؤلاء الجنود "ليس لهم بلد، ولا وظائف، ولا مستقبل، ليس لديهم أي شيء يخسرونه".

 وأضاف أن الأمر" ليس صعبًا، إنهم في انتظار عمل مقابل 3 إلى 4 دولارات في اليوم في باكستان وأفغانستان، أو 10 دولارات في تركيا، فإذا جاءت فاغنر أو أي جهة أخرى إليهم، وقدمت لكل فرد منهم 1000 دولار ليعودوا مقاتلين مرة أخرى، فلن يرفضوا، وإذا وجدت شخصًا لتجنده، يستطيع أن يجلب نصف وحدته السابقة للانضمام، لأنهم مثل الإخوة، وقريبًا ستكون لديك فصيلة عسكرية كاملة". 

أشارت هيئة الأركان الأوكرانية بأنها لا تستبعد تفجير روسيا لمحطة زابوروجيا النووية، وإلقاء اللوم في الهجوم على أوكرانيا

وهو ما اعترف به قائد سابق في "القوات الخاصة الأفغانية" حين قال بأنه ساعد عددًا من زملائه السابقين للتواصل مع مكتب تجنيد في طهران، وأوضح القائد أن "المجندين يسافرون من أفغانستان إلى إيران، ثم إلى روسيا، ولكن لم يتضح ما يحدث بعد ذلك". وتابع "عندما يقبلون عرض روسيا، تُغلق هواتف أفراد القوات الخاصة، إنهم يعملون في سرية كبيرة".