الترا صوت - فريق التحرير
بخلاف الدعم الجماهيري الواسع لحرب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 ينقسم الشارع الروسي بشكل واضح حول الحرب الحالية ضد أوكرانيا التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي، حيث رفضت أحزاب المعارضة وقطاع كبير من الشعب الروسي قرار الحرب.
بخلاف الدعم الجماهيري الواسع لحرب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 ينقسم الشارع الروسي بشكل واضح حول الحرب الحالية ضد أوكرانيا التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي
وعبّر هؤلاء عن رفضهم لغزو أوكرانيا بالنزول إلى الشارع وتدشين حملة إلكترونية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية بالتدوين عبر هاشتاغ #لا_للحرب، الذي رُفع أيضًا كشعار في الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في شوارع عدة مدن روسية، جابهتها الشرطة بالقمع وحملة اعتقالات واسعة النطاق طالت حسب منظمة "أو في دي-إنفو" غير الحكومية، نحو 1400 شخص من معارضي قرار الحرب، وسُجّلت معظم حالات الاعتقالات في مدينتيْ موسكو والعاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ.
لمعرفة آخر التطوّرات لحظّة بلحظة، يمكن الآن متابعة البث المباشر لقناة التلفزيون العربي/أخبار على يوتيوب
معارضة الحرب.. هواجس كبيرة خوفًا من التداعيات
استيقظ الروس صباح الخميس على أنباء بدء الحرب، وكحالة من الصدمة والخوف من تداعياتها اصطف الآلاف منهم في طوابير طويلة أمام المصارف وأمام ماكينات سحب الأموال خوفًا من حدوث أزمة سيولة، ووسط تراجع سعر صرف العملة الروسية إلى أدنى مستوى تاريخي لها، لامس عتبة الـ90 روبلاً للدولار الواحد في التعاملات الصباحية أمس الجمعة، وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا، والتي شملت قطاعات البنوك والطاقة.
وتجلّت حالة الخوف من الحرب في نزول العديد من الروس في أكثر من 50 مدينة روسية في مظاهرات واحتجاجات ضد الحرب. وفي هذا الصدد قال عضو المجلس الإقليمي لحزب "يابلوكو" الليبرالي المعارض في موسكو، أليكسي كرابوخين، إنّ الغزو الروسي لأوكرانيا، وما قد يترتب عليه من عقوبات غربية غير مسبوقة، يهدد وجود الدولة الروسية من أساسه.
وكان كرابوخين أدلى بتصريحات لصحيفة "العربي الجديد" قال فيها إن قرار الحرب الذي اتخذه بوتين"كارثة وسابقة لغزو بلد كامل في أوروبا في القرن الـ21، وقد تكون بداية للعد التنازلي لنهاية روسيا كدولة، حيث إن العقوبات الغربية القاسية المرتقبة قد تستنزف الاقتصاد الروسي في ظرف بضع سنوات".
مضيفًا القول أيضًا: "قد يؤدي استنزاف الاقتصاد الروسي إلى تفكك البلاد بالمعنى الحرفي للكلمة، حيث إن هناك أقاليم، مثل جمهوريتي تتارستان والشيشان، يتم ردع النزعة الانفصالية فيها بدعم مالي هائل من الميزانية الفدرالية، وهذه الإمكانية قد لا تعود متوفرة في السنوات المقبلة. ومع ذلك، هناك احتمال أكثر تفاؤلًا، وهو تغيير النظام الحاكم نتيجة لانقسامات داخل النخب الروسية أو خروج تظاهرات حاشدة ستطالب بتغيير السلطة في ظل استمرار إفقار السكان".
وتوقع المعارض الروسي أن تشمل تداعيات الحرب المزيد من التضييق على الحريات وعلى المعارضة ونشاطاتها بشكل خاص، مؤكدًا في هذا الصدد "أنه شخصيًا قد تلقى في الأيام الأخيرة اتصالين هاتفيين من الشرطة التي طلبت منه عدم المشاركة في الاحتجاجات واقترحت عقد مقابلة معه".
وكانت السلطات الروسية قد استبقت غزو أوكرانيا بحملة قمع واسعة النطاق في العام الماضي، شملت سجن أبرز المعارضين الروس، مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، أليكسي نافالني، وملاحقة أنصاره، وتصنيف أغلب وسائل الإعلام المستقلة كـ"عميلة للخارج"، وغيرها من الإجراءات. إلا أن ذلك لم يمنع عددًا من الشخصيات الروسية المؤثرة من الانضمام إلى حملة التنديد بغزو أوكرانيا، ومن بينها رئيس تحرير صحيفة "نوفايا غازيتا" ذات التوجهات الليبرالية المعارضة، دميتري موراتوف، الذي حصل على جائزة نوبل للسلام في العام الماضي.
وفي كلمة مسجلة عبر موقع "يوتيوب" حظيت بأكثر من ربع مليون مشاهدة بعد أقل من يوم على نشرها، أعرب موراتوف عن شعوره بالعار بسبب بدء روسيا حربًا مع أوكرانيا بأمر من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، معلنًا عن إصدار النسخة الجديدة من الجريدة باللغتين الروسية والأوكرانية في آن معًا تضامنًا مع الدولة المجاورة.
في الأثناء أيضا وقّع أكثر من 250 صحافيًا وخبيرًا في شؤون السياسة الخارجية، بيان تنديد بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مؤكدين أن "الحرب لم تكن وسيلة لتسوية الخلافات، ولن تكون أبدًا، ولا مبرر لها".
لجأت الشرطة الروسية إلى استخدام العنف لتفريق المظاهرات المطالبة بوقف الحرب
ولجأت الشرطة الروسية إلى استخدام العنف لتفريق المظاهرات المطالبة بوقف الحرب، وفي هذا الصدد أفادت منظمة "أو في دي-إنفو" غير الحكومية، أنّه تم اعتقال نحو 1400 شخص في العديد من المدن الروسية خلال تظاهرات مناهضة للحرب في أوكرانيا، وذكرت المنظمة أنّ ما لا يقل عن 1391 شخصًا تم اعتقالهم في 51 مدينة، بينهم 719 في موسكو و342 في سانت بطرسبورغ، كما جرى توقيف العشرات من المتظاهرين في ساحة بوشكين بوسط موسكو في ظل انتشار كثيف لعناصر الشرطة.