30-يونيو-2016

فتحي حسن/ مصر

1

كل الشبابيك مفتوحة، والشوارع خالية، ولا أحد يمشي خلفي..
كنت واقفًا على الرصيف و"بيكاسو" يستند إلى الجدار يلفُّ آخر سيجارة ماريجوانا. نظر للسيجارة وحزّمها بلسانه فضحكت، ومشيت أراقب ظلّي. كل الشبابيك مفتوحة والسرير بارد. حزمة من الضوء الخفيف وجثة مستلقية بجوار الباب. فتحت الثلاجة وسرقت بضعة أحلام من الرفّ العلوي. بعد ستين ساعة من الضحك والاكتئاب خرجت من قرص المنوِّم وشتمت العالم.

2

بينما أنا جالس في الحجرة أكلّم نفسي سمعت صوت طلقة رصاص فجريت إلى الباب أفتحه وأنا جالس في مكاني. كان ظلّي يراقبني على الكومودينو. مددت يدي كي أصل إلى كوب الماء البعيد.

تذكرت.. منذ قليل سمعت صوت طلقة رصاص فجريت إلى الباب أفتحه وأنا جالس في مكاني. انتظرت أن يمرُّ تحت البلكونة ويغنّي بصوته المخمور ذاك الشبح الذي يلبس جلبابًا مخططًا ويحتضن بين ذراعيه عودًا كهربائيًا. أول ما رآني ابتسم وقال لي: أين كنت؟

3

ونحن نشرب القهوة في المقهى الهادئ نسينا كل شيء وأجلسنا العالم بالخارج. كانت تمطر مطرًا خفيفًا، وولد جميل للغاية رمى إلينا بوردة وجرى كأنه على موعد مع ضوء البرق. ونحن دائمًا ما ننسى ظلّنا الذي يسرح بعيدًا، ودائما ما ننسى شيئًا في مكان يجمعنا ودائمًا لا تكتمل حلاوة الأمر، ونظلُّ نمشى في نفس الشوارع التي ضيّعتنا، ونقول الكلام ذاته، ونضحك بالمرارة ذاتها.. للأبد.

4

كانت أصابعي ترقص الباليه وهي تمشي في خط التليفون، وكنت أملِّس بيدي على صوتها بينما أسحب حرارة أنفاسها من السمّاعة. أحسست برعشة خفيفة تهزّ رجل السرير، ومن لحظتها قررت تكثيف مكالماتي وفعلاً كنت مضطرًا في كل مكالمة أن أغني لها أغنية عاطفية قديمة.

المهم أنني ولكي أقنعها بالدخول معي إلى مدينة الملاهي التي في آخر شارع من شوارع دماغي كان لا بد أن أغريها بالمراجيح، والآيس الكريم، والغرام المختبئ في منزل الرعب. جعلت نفسي قطارًا ومشيت أُصفِّر وسط زحام البالونات والأفكار، ومشينا بداخل المرآة السحرية وخُيِّل إلينا أننا لن نعود أبدًا. علّقنا ملامحنا القديمة على مسامير الذكرى، وعلقت في الهواء نظرات عيوننا. كنا ننظر إلى شيء يطير إلى أن وصلنا إلى المقهى، واقتعدنا الرصيف، نرسم عاشقين يحدّثان بعضهما في التليفون.

اقرأ/ي أيضًا:

ذاكرة مزدحمة

الموظ.. قصيدة إليزابيث بيشوب