27-أبريل-2017

جاءت الغارة الإسرائيلية المرجحة تزامنًا مع لقاء ليبرمان - لافروف (جالا ماري/ أ.ف.ب)

تعرض موقع عسكري يقع جنوب غرب مطار دمشق الدولي، يعد مقرًا لحزب الله اللبناني، وعدد من الميليشيات المدعومة إيرانيًا، فجر اليوم الخميس، لضربات صاروخية استهدفت مخازن وقود ومستودعات للأسلحة، قال النظام السوري إنها ناجمة عن غارة جوية إسرائيلية، مُستهدفة قواعد عسكرية لحزب الله ومستودع ذخيرة، فيما اكتفت إسرائيل بالصمت دون تبنٍّ رسمي للحادث.

وعلى بعد 25 كيلومتر جنوب شرق العاصمة دمشق، وقع انفجار عنيف في مستودعات للذخيرة والوقود تابعة لحزب الله، الذي يملك انتشارًا لعناصره في مطار دمشق الدولي ومحيطه. ويُرجح أن يكون الانفجار ناجمًا عن ضربات جوية أو صواريخ بعيدة المدى أطلقت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ إنّ النظام السورية وقناة المنار الذراع الإعلامي لحزب الله اللبناني، أرجعا مصدرها للجيش الإسرائيلي، الذي لم ينف ولم يؤكد بدوره، بل ترك باب التأويل مفتوحًا، في الحين الذي يحل فيه وزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، في موسكو بضيافة سيرغي لافروف.

امتنع الجيش الإسرائيلي عن تبني أو نفي صلته بالهجوم الصاروخي على مطار دمشق

بالإضافة إلى أنّه في حديث مع إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، تبنى وزير الاستخبارات يسرائيل كاتز، بشكل شبه رسمي، مسؤولية تل أبيب عن الانفجارات التي ضربت محيط مطار دمشق الدولي، معللًا ذلك بأن الضربة تتماهى مع سياستهم التي تحاول "منع إيران من تهريب الأسلحة المتطورة لحزب الله عبر سوريا"،  مستدركًا بعدها بالقول: "بطبيعة الحال لا أود الاستطراد في هذا الشأن".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا سرّب "حزب الله" صور عرضه العسكري في القصير؟

وقبل يوم واحد من تنفيذ الضربات الجوية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، انتهز كاتز فرصة زيارته للولايات المتحدة التي تهدف لعقد اجتماعات مع مسؤولين في البيت الأبيض، للتأكيد على أن تل أبيب تسعى للتفاهم مع واشنطن على "عدم السماح لإيران بنشر قوات عسكرية بشكل دائم في سوريا".

هذا ويشهد جنوب شرق دمشق تواجدًا مكثفًا لعناصر حزب الله اللبناني، الذي يشارك الميليشيات الطائفية العراقية التابعة لما يعرف بالحشد الشعبي، حماية مطار دمشق الدولي.

كما أن قوات الأسد استطاعت عبر الدعم غير المحدود من إيران التي تمول نحو 50 مليشيا من جنسيات مختلفة في سوريا، على تأمين مساحات واسعة في محيط مطار دمشق الدولي، وأقرب بلدة تتواجد فيها قوات المعارضة، وهي النشابية، تبعد عنه ما يقرب من 20 كيلومتر، وتتبع لمنطقة الغوطة الشرقية المحاصرة منذ سنوات، فيما تخضع البلدات في جنوب دمشق لحصار خانق، وسط محاولات لإفراغها من سكانها، تماشيًا مع سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي المفروضة على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في محيط العاصمة.

ليست الغارة الإسرائيلية الأولى على سوريا.. بعلم موسكو!

وتأتي هذه الضربات بعد نحو شهر وعشرة أيام على شن مقاتلات إسرائيلية، غارة جوية قرب مدينة القصير في ريف حمص الشرقي، استهدفت شحنة أسلحة متطورة كانت قادمة من داخل الأراضي اللبنانية، حاولت دفاعات النظام السوري التصدي لها، لكنها لم تستطع أن تمنعها من تدمير الشحنة، إذ قتل على إثرها القيادي البارز في حزب الله بديع حمية.

ومنذ تشكيل فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، وإعلان حزب الله وإيران دعمهما رسميًا لرئيس النظام السوري بشار الأسد، نفذت إسرائيل 20 غارة جوية على الأقل، كان أولها في 30 كانون الثاني/يناير عام 2013، عندما قصفت موقعًا عسكريًا قرب العاصمة دمشق، قالت إنه يشتبه باحتوائه على أسلحة كيميائية.

قصف إسرائيلي لمستودع أسلحة بدمشق في 2013 (Getty)

إلا أن الغارة الأكثر إثارة كانت نهاية عام 2015، عندما شنت مقاتلات إسرائيلية غارة جوية على مبنى سكني في بلدة جرمانا، جنوبي دمشق، استهدفت اجتماعًا لقياديين من حزب الله والميليشيات الإيرانية، أسفرت حينها عن مقتل القيادي في الحزب سمير القنطار، وعدد آخر من القياديين البارزين لم يفصح عن أسمائهم.

دروس إسرائيلية لإيران.. في سوريا

وأعرب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أكثر من مناسبة عن قلق تل أبيب من تنامي النفوذ الإيراني على الشريط الحدودي قرب هضبة الجولان المحتل، الذي يثير المخاوف الإسرائيلية من تعزيز البنى التحتية العسكرية الإيرانية في المنطقة، بعد أن منح الأسد الضوء الأخضر لـ"الحرس الثوري الإيراني" بالانتشار في مختلف المناطق السورية.

وتسعى إيران لفتح ممر آمن عبر حدودها الغربية مع العراق تجاه سوريا، عن طريق بادية الشام، وصولًا إلى لبنان الذي يعتبر تحت وصايتها نتيجة تزايد نفوذ حزب الله داخله، وتبعية قراراته لحكومة طهران، بعد أن تحول لقوة عسكرية يفوق في أنظمة أسلحته قدرات الجيش اللبناني، مستفيدًة من ادعاء الحرب على "الإرهاب" في السير نحو تحقيق هذا المخطط.

اقرأ/ي أيضًا: اقتراب داعش من الجولان.. تذكرة إسرائيل المجانية

وعلى الرغم من الترويج لمحاولة تصدي دفاعات النظام السوري للمقاتلات الإسرائيلية في الغارة التي شنت على ريف حمص الشرقي، إلى أنها تغيير من جانب الأسد في قواعد الاشتباك، إلا أن الغارة الحالية تؤكد فرضية أن الدفاعات الجوية أطلقت بأوامر من وزارة الدفاع الروسية وقتها، التي تنتشر قواتها بشكل واسع في المنطقة، كونها قريبة من حقول الغاز الطبيعي بريف حمص، وهو ما يعزز القول بعدم إرادة الأسد بفتح جبهة مع الجانب الإسرائيلي بأي حال، حرصًا على عدم إثارة الحليف الروسي، واستفادة من الرضا الإسرائيلي عن بقاءه في السلطة.

​ تتفق كل من تل أبيب وموسكو على الابقاء على الأسد وكبح توسع أذرع إيران في سوريا

لكن الأكثر وضوحًا من خلال الغارة التي نفذت فجر اليوم، أن إسرائيل تتجنب إثارة موسكو من خلال امتناعها عن استهداف مواقع تنتشر فيها قوات روسية، رغم اتفاقها مع واشنطن على الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وتوافقها مع موسكو على تقليص تواجد الميليشيات المدعومة من إيران، لاسيّما بوضوح تململ روسيا من التواجد الإيراني في سوريا.

ومن المتوقع أن هذه الضربات لن تكون الأخيرة في سوريا، إذ لم يصدر حتى لحظة إعداد التقرير، أي تصريح روسي ينتقد الهجوم الجوي على مطار دمشق الدولي. وعليه فإنّها فرصة مواتية لإسرائيل من أجل تعزيز التعاون مع واشنطن، للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، الذي يرضي الطموح الروسي، إلا أنه بموازاة ذلك، على هذه الضربات أن تكون خارج نطاق تواجد القوات الروسية التي تحمى مصالح نفوذ الكرملين في سوريا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سوريا.. من عصر الطاغية إلى عصر الطغاة

شبيحة الأسد.. تعرف على أبرز الميليشيات الأجنبية المقاتلة مع النظام السوري (1-3)