08-يناير-2016

فريق الدفاع المدني السوري في حلب، خلال وقفة تضامنية مع مضايا (Getty)

دخلت بلدة مضايا حصار الجوع منذ ما يقارب السبعة أشهر، إلا أنّ نجمها لم يسطع على الشاشات وصفحات الفيسبوك ووسوم "تويتر" إلا منذ مدة ليست ببعيدة، عندما بدأ الناشطون على الأرض بنشر الصور المؤذية للأجساد المتآكلة من الجوع!

بدأ حصار مضايا منذ حوالي سبعة شهور، لكن لم يسلّط الضوء عليها إلا مؤخرًا

وبدأ حصار مضايا يأخذ صداه، فتوسعت حملات الدعاء والدعم المعنوي، إلى حملات التبرع التي ظهرت وانتشرت معها علامات استفهام كبيرة، وفي كل خبر جديد حول الحصار كانت تُنشأ "الهاشتاجات" التي تساعد في إيصال صوت مضايا بشكل أوسع، لكن عن طريق المتاجرة السياسة والحربية بالحصار بعيدًا عن أي مشاعر إنسانية، حسنًا لا بدّ من استغلال التعاطف العام قبل أن تخرج مضايا من سباق المواضيع الأكثر جدلاً وإثارةً على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
وكما أي مسابقة في برامج المواهب، تتسابق المواقع الإخبارية وشركات الدعاية والنجوم في دعم "الموهوب" واستغلال عاطفة الجمهور تجاهه لتحقيق مكاسب مادية ومعنوية، تجاوزت أزمة الحصار في مضايا مراحل متقدمة، فصور قتلى الجوع تُنشر بكثافة وحملات الضغط الشعبية والحزبية و"الشللية" تعمل على أكمل وجهٍ مع هذه الفورة التي لا بد أنها ستنتهي، على الأقل ستنتهي من قائمة التعاطف لأننا أصبحنا ملولين وهناك الكثير من القضايا التي تنتظر تعاطفنا التالي، ومع وصول الحال بأهالي المنطقة إلى أكل القطط والحيوانات الأخرى، لا بد من أن تتحرك جمعيات حقوق الحيوان علها تستطيع إيقاف المجاعة في سبيل إنقاذ الحيوانات الأليفة المتبقية.
 
ومع ازدياد الجمهور المتابع لهذا الحصار، والذي تتأجج مشاعره العميقة مع كمية الضخ الإعلامي حول هذه القضية، سيتوقف مؤيدو حزب الله عن تعظيم الحزب لمدة من الزمن أو السير خلف تبريرات الحزب حول تمترس المسلحين خلف المدنيين والذي يقارب عددهم الأربعين ألفًا، وسيحذفك صديقك من قائمة أصدقائه إن قمت بتصوير طعامك ورفعه على "فيسبوك"، أو لأنك رفضت أن تقوم بالمشاركة في حملة جمع تبرعات لا تعرف مصدرها، أو لأنك لم تعلن ماذا دفعت للجهة التي تثق بها لمساعدة أولئك المحاصرين.
 
حسنًا لقد تم الإعلان عن أنّ النظام سيسمح بإدخال المساعدات إلى البلدة، ومع هذا الإعلان تكون مضايا قد قاربت على أن تختفي من سباق العاطفة، ولن نتذكر البلد المحاصر بأكمله، وصلت مضايا إلى الخاتمة من الظهور في الواجهة، وفي هذا الوقت ينسى المتابعون حتى شعور المحاصرين، ويتبادلون التحليلات السياسية حول هذا القرار.
 
ستُنسى مضايا، كما نُسي اليرموك، كما نُسي الغرقى والمهاجرون، كما نُسي اللاجئون في الخيام، وبيوتهم، كما تُنسى "الحرية" ولا يُستذكر إلا الخلاص، لكنك في النهاية تقول لنفسك، حسنًا على الأقل سينتج عن هذا السباق التخفيف عن بعض السوريين، كما يفوز موهوب في برنامج شهير، ويُهمل الكثير خلفه، ويُهمل هو في ما بعد ذلك بقليل.

اقرأ/ي أيضًا:

مضايا والزبداني.. تجويع المدنيين وترويعهم

سيرة نوستالجيّة للثورة السورية