19-يونيو-2018

المنتخب المصري

اليوم سيلعب المنتخب المصري لكرة القدم مباراته السابعة أمام المنتخب الروسي، ولكن لأول مرة على الصعيد الرسمي. الست مباريات السابقة كانت جميعها ودية، وجميعها لُعبت في مصر وليس في روسيا أو الاتحاد السوفيتي، ولم تفز مصر سوى في مباراة واحدة من الست، وكانت هذه المباراة نفسها هي الوحيدة أيضًا التي لعبتها مصر أمام منتخب روسيا حيث كل المباريات قبلها كانت قبل سقوط الستار الحديدي.

تاريخيًّا، لعبت مصر مع روسيا، وكذلك الاتحاد السوفييتي، ست مباريات ودية ولم تفز إلا بواحدة فقط

في 1955، جاء منتخب الاتحاد السوفيتي إلى القاهرة ليلعب ثلاث مباريات ودية أمام نظيره المصري. أقيمت المباراة الأولى في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر، وفاز الاتحاد السوفيتي بهدفين نظيفين، أما المباراة الثانية فكانت بعد خمسة أيام في التاسع من الشهر ذاته، وأيضًا فاز السوفييت بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد لمصر أحرزه حمزة عبد المولى، وأقيمت في الحادي عشر من الشهر ذاته المباراة الثالثة، وللمرة الثالثة يفوز الاتحاد السوفيتي بهدف نظيف.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا صوتت السعودية للمرة الثانية ضد استضافة المغرب لكأس العالم؟

ثم جاء منتخب الاتحاد السوفيتي مرة ثانية إلى مصر، ولكنها هذه المرة كانت في شهر شباط/ فبراير عام 1988، ولعب مباراتين أمام المنتخب المصري: الأولى أقيمت في السابع عشر من شباط/ فبراير، وفاز الاتحاد السوفيتي بهدفين نظيفين، والثانية بعدها بثلاثة أيام وفاز بها الاتحاد السوفيتي أيضًا بهدفين مقابل هدف واحد. أما المباراة السادسة التي جمعت بين البلدين فكانت عام 1991، وحينها لم يعد الاتحاد السوفيتي موجودًا لكن روسيا ورثت الإمبراطورية المنهارة وسعت لبعث الكيان الأسطوري البائد، وربما من مساخر القدر أن المباراة الوحيدة التي فازت فيها مصر على روسيا جاءت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، حين أحرز حسام حسن وأحمد رمزي هدفي المنتخب المصري ليفوز بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد لروسيا.

مباراة اليوم ستكون في روسيا وليس في مصر، فهل ستفوز مصر باعتبار أنها لا تفوز على الاتحاد السوفيتي ولكن تفوز على وريثته روسيا فقط، رغم أن روسيا لعبت المباراة السادسة إياها أمام مصر بمنتخبها الثاني وليس الأول؟ وباعتبار أيضًا أن مصر حين تلعب على أرضها لا تفوز على الروس غالبًا؟ أيًا كان الأمر، وبالرغم من نتيجة المباريات الست السابقة، تبقى المباراة التي تُلعب لحساب الجولة الثانية من دور المجموعات لكأس العالم 2018 مختلفة تمامًا، والفوز بها سيكون له قيمته ومعناه وأهميته وضرورته أيضًا. فالمباراة هذه المرة هي أول مباراة رسمية، وليس هذا وحسب، بل إنها ستكون بمثابة الفرصة الأخيرة للمنتخب المصري لتمديد آماله في البقاء ضمن البطولة أطول وقت ممكن، إذ يجب عليه الفوز أمام روسيا ثم تكرار الأمر مرة أخرى أمام السعودية في الجولة الثالثة حتى يحتفظ بحظوظه في التأهل للدور التالي.

من ناحية أخرى، الفوز على روسيا سيحمل معه قيمة أكبر من النقاط الثلاث التي سيأتي بها الفوز بهذه المباراة، مثله في ذلك مثل الفوز على المنتخب السعودي الذي سيأتي، إن حدث، كبطولة خاصة لها حساباتها المعقدة والوفيرة بالضرورة في ظل تصاعد غضب قطاعات واسعة من الجماهير المصرية ضد كل ما هو سعودي. سبب هذه القيمة المضافة للفوز المحتمل على روسيا هو تلك الاتهامات التي وجّهها البعض لروسيا بالتلاعب في قرعة المونديال المقام على أرضها، حتى تلعب روسيا أمام منتخبات "ضعيفة" لتضمن التأهل للدور التالي، حيث خرجت روسيا من الدور الأول أو دور المجموعات في جميع المرات السابقة التي كانت فيها احد منتخبات المونديال، وهو الأمر الذي لم يعد يليق بالمنتخب الروسي وهو يلعب هذه المرة في بلده وأمام جماهيره وفي حضور الرئيس بوتين شخصيًا. ولهذا كان الاتهام الذي تكرّر لروسيا كثيرًا، منذ إجراء قرعة المونديال، بالتلاعب في توزيع المنتخبات المشاركة على المجموعات.

ورغم أن عددّا من كبريات الجرائد والمواقع العالمية لم يوجّه مثل هذه الاتهام بشكل مباشر، فإن تقارير كثيرة تحدثت عن ابتسامة الرئيس بوتين أثناء حفل إجراء القرعة والمجموعة السهلة التي أُختيرت لروسيا لتلعب أمام مصر التي لم تتأهل للمونديال منذ 28 عامًا، والسعودية الأضعف صاحبة أكبر هزيمة في تاريخ المونديال، وهو ما يعني فرصة هائلة لروسيا للوصول إلى الدور الثاني، بعكس الحال لو استبدلت مصر بالسنغال أو إيران على سبيل المثال.

هناك اتهامات صريحة بتحديد المنتخب الذي سيواجهه المنتخب الروسي في مباراة الافتتاح، ولم يكن هناك أفضل من المنتخب السعودي الهزيل

بعيدًا عن ذلك، كانت هناك اتهامات أخرى صريحة ومباشرة لأصحاب قرعة المونديال بتحديد المنتخب الذي سيواجهه المنتخب الروسي في مباراة الافتتاح، ولم يكن هناك أفضل من المنتخب السعودي الهزيل لهذه المباراة الافتتاحية لتبتعد روسيا عن أي مفاجآت أو صدمات قاسية ومحزنة أمام العالم كله الذي سيتابع هذه المباراة بالتحديد. سيقف أليكسي سوروكين للرد على هذه الاتهامات باعتباره رئيس اللجنة المنظمة للمونديال، وسينفي حدوث أي تلاعب، مؤكدًا أنه لم تكن هناك كرات ساخنة أو باردة وأنه "اتهام غربي" اعتاده الروس، تمامًا مثل تعاطي المنشطات وغيره من الاتهامات التي تلاحق روسيا طوال الوقت وفي كل مجالات الحياة. لكن فوز روسيا بخمسة أهداف نظيفة على المنتخب السعودي في المباراة الافتتاحية ليس سوى البرهان الصريح على صدق ذلك الاتهام، وفي نهاية الأمر روسيا ليست ملاكًا بجناحين حتى تبتعد عن دائرة الاتهام أساسًا، والفيفا أيضًا ليست بالمؤسسة صاحبة التاريخ المشرف، في المدى القريب على الأقل.

اقرأ/ي أيضًا: كأس العالم 2018.. لعنة الثواني الأخيرة تعصف بالمغرب ومصر

لم تكن مثل هذه الاتهامات جديدة سواء بالنسبة للفيفا أو لبطولات العالم السابقة، فعن طريق كرة باردة وسط كرات ساخنة أو العكس، ووضع هذه الكرات في وعاء زجاجي أمام الناس وكاميرات الإعلام، ثم يقف النجم أو المسؤول ليجري قرعة البطولة ويختار الكرة الباردة أو الساخنة حسب الاتفاق المسبق قبل بدء الحفل ومراسم القرعة.. هكذا كان، ولا يزال، يجري التلاعب في قرعة الكثير من الدورات والبطولات، وإذا كان جوزيف بلاتر رئيس الفيفا السابق قد اعترف يومًا باللجوء لهذه الحيلة في كثير من البطولات الأوروبية، فإن هناك من وجّهوا للفيفا أيضًا نفس الاتهام في قرعة بطولات كأس العالم، حتى إن صحفيين برازيليين اعترفوا لاحقًا بأنهم كانوا يعرفون مسبقًا نتيجة قرعة مونديال 2014 قبل إجراء مراسم القرعة الرسمية.

ما يهمّ موضوعيًا هو أن يكون منتخب مصر ضحية كل ذلك وأن يصبح هو الفريق "الضعيف والهزيل" الذي وضعه الروس في مجموعتهم ضمانًا للفوز عليه، وهذا وحده يفترض أن يكون كافيًا جدًا كدافع قوي وحقيقي ليردّ المنتخب المصري على مثل هذه السخرية فيقدّم عرضًا قويًا وحقيقيًا ومحترمًا أمام البلد المضيف ليثبت خطأ التقدير ويقلب الطاولة على الجميع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لعنة حامل اللقب.. ألمانيا عاشر بطل يفشل في أولى مبارياته في المونديال

أين يذهب لاعبو كرة القدم بعد الاعتزال؟