08-نوفمبر-2016

المدرب الإسرائيلي أفرام غرانت مدرب منتخب غانا(برين لينون/Getty)

رغم مرور ما يقارب الثلاثين عامًا على توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل إلا أن مناهضة التطبيع مع الدولة العبرية لا تزال حاضرة بقوة في الشارع المصري. وفي المقابل، تبدو جهود الجانب الإسرائيلي لتوطيد "السلام" حرثًا في البحر، إذ يقتصر التعاون الإسرائيلي-المصري على المستوى الرسمي ودون اختراقات حقيقية للرفض الشعبي للتطبيع. ربما يكون هناك تعاون على مستوى أعلى، بين السلطات المصرية ونظيرتها الإسرائيلية، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالشارع المصري ومنطقه الخاص لفهم الأمور فإن هذا السلام المصري الإسرائيلي يبدو أوهن من بيت العنكبوت، وتكون مسألة مصافحة لاعب مصري للاعب إسرائيلي قضية رأي عام تكفي لإثارة الجدل على مدار أيام.

اهتمام مصري وعربي بمباراة غانا ومصر القادمة، وهو يفسر بالمدرب الإسرائيلي على رأس المنتخب الغاني

في الأيام القليلة الماضية، توقفت وسائل إعلام عربية وإسرائيلية أمام نقطة ستشكل مثار جدل كبير عندما يستضيف المنتخب المصري نظيره الغاني يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري على "إستاد برج العرب" في الإسكندرية ضمن منافسات الجولة الثانية للمجموعة الخامسة من التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال روسيا 2018. بالطبع المباراة مهمة لكلا المنتخبين في مشوار التأهل للمونديال ولكنها ليست بتلك الأهمية التي تستلزم قبل إقامتها تقارير صحفية من بلاد مختلفة، غير أن حقيقة أن منتخب غانا يجلس على رأس قيادته الفنية مدرّب إسرائيلي هي السبب الأول في ذلك الاهتمام العربي والإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا: أخطر 5 مشاريع ستدعم بهم إسرائيل الاقتصاد المصري

تهديدات أمنية

وبحسب تقرير إخباري نُشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد تلقّى الاتحاد المصري لكرة القدم تقارير مختلفة، وتحذيرات تشير إلى أن مشجعين مصريين يخططون للاعتداء على مدرب كرة القدم الإسرائيلي، أفرام غرانت، عندما يصل مع منتخب غانا إلى الإسكندرية. وأفاد التقرير أن هناك موجة من التخمينات حول المباراة التي من المفترض أن تُجرى في الإسكندرية، وثمة تخوّف لدى اتحاد الكرة الغاني من عواقب مشاركة المدرب الإسرائيلي في المباراة، حتى أن البعض ذهب إلى احتمالية أن تُقام المباراة خارج مصر!.

وأشار التقرير إلى أن مسؤولاً في الاتحاد المصري لكرة القدم صرح أن مجموعة من المشجعين المصريين توجّهوا إلى المسؤولين في الاتحاد وطلبوا عدم السماح للمدرب الإسرائيلي غرانت بالدخول إلى مصر. إضافةً إلى ذلك، فإن مشجعي المنتخب المصري قد خططوا للاعتداء على المدرّب عند دخوله إلى مصر، كما أعلن مشجعون آخرون أنهم سيتظاهرون في المطار ويحاولون حظر دخول غرانت إلى مصر، وفقًا لما ورد في الصحيفة الإسرائيلية. وبحسب تصريحات اتحاد كرة القدم وقوات الأمن المصرية، فقد تم جمع معلومات حول المجموعات الداعية للاعتداء على المدرب الإسرائيلي وتم التحقيق معهم قبل أن يُطلق سراحهم بشروط مقيّدة. في الوقت ذاته، لم يخف المسؤولون المصريون غضبهم من تصريحات المدرب الإسرائيلي التي قال فيها إن "الإستاد في الإسكندرية ليس آمنًا لإجراء المباراة، ودعا إلى إقامتها في إستاد محايد".

وختمت الصحيفة تقريرها بتصريحات لمسؤولين في اتحاد الكرة الغاني تفيد بأن غرانت يحمل جواز سفر بولندي وسيدخل إلى مصر بموجب ذلك الجواز، إلا أن المسؤولين المصريين لن يخاطروا وسيتخذون الإجراءات الأمنية الضرورية "حفاظًا على أمنه".

انشغلت جماهير الكرة المصرية بقضية المدرب الإسرائيلي لمنتخب غانا الذي سيلعب داخل مصر، وفيما إذا كان المنتخب المصري سيصافحه أم لا

اقرأ/ي أيضًا: جيش السيسي الالكتروني..تسريبات وفضائح فيسبوكية

الفيفا تنقذ المنتخب المصري

رغم كل ذلك الضجيج، ستجرى المباراة في إستاد "برج العرب" بالإسكندرية، ومن المتوقّع أن يحضرها أكثر من 70 ألف مشجع. ولكن الجماهير المصرية، على خلفية الاهتمام الإعلامي بقضية المدرب الإسرائيلي، انشغلت بقضية فرعية تمامًا، وهي الكيفية التي سيتم التعامل بها مع إفرام غرانت على أرضية الملعب. هل سيكون هناك تدخل سياسي لإجبار اللاعبين المصريين على مصافحة المدرب الإسرائيلي في بداية اللقاء؟ وماذا إذا تجاهله اللاعبون أصلاً؟ وماذا إذا صافحه "الأهلاوي" أحمد ناجي مدرّب حرّاس المرمى بالمنتخب، في الوقت الذي تجاهله "الزملكاوي" أسامه نبيه مدرب المنتخب، أو العكس؟ أسئلة كثيرة، بعضها له وجاهته وأكثرها يخرج من العدم والآثار الجانبية "للفتنة الكروية" الحالية بين جماهير ناديي الأهلي والزمالك.

وقبل أن تكبر حجم علامات الاستفهام وتنشغل الجماهير ومن قبلها وسائل الإعلام بقضية فرعية قد تشغلنا عن المباراة ذاتها، والتي يمثّل الفوز فيها قطع المنتخب المصري لثلث الطريق نحو تحقيق حلم الوصول للمونديال، جاءت لوائح اتحاد الكرة الدولي لكرة القدم "الفيفا" لتنزع فتيل الأزمة بعد أن أكدت أن المصافحة بين اللاعبين ليست إجبارية. وهي ذات اللائحة التي تتعامل بها جميع الاتحادات الرياضية، والتي أنقذت من قبل لاعبين عرب ومصريين من عقوبات بعد رفضهم مصافحة لاعبين يمثّلون دولة الاحتلال قبل وبعد مواجهات رسمية، سواء في بطولات دولية أو حتى دورات الألعاب الأولمبية، وكان آخرهم لاعب الجودو المصري "إسلام الشهابي" في أولمبياد "ريو دي جانيرو" التي أقيمت في آب/أغسطس الماضي.

ووفقًا لمصادر داخل الاتحاد المصري لكرة القدم، فقد قام هاني أبو ريدة، رئيس الاتحاد، بمناقشة الأمر مع الجهاز الفني للمنتخب المصري، وتم الاتفاق على استخدام امتياز اللوائح وعدم مصافحة المدرب الإسرائيلي، كما تم التنبيه على الأرجنتيني هيكتور كوبر مدرب المنتخب المصري وجهازه المعاون بعدم التوجّه إلى المدرب الإسرائيلي لمصافحته وتفادي مواجهته داخل الملعب، سواء في مباراة الذهاب بالإسكندرية أو في مواجهة الإياب في غانا، وذلك "احترامًا لمشاعر الجماهير المصرية والعربية".

يُذكر أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم كان قد ألغى مؤخرًا مباراة ودية كان مقررًا أن تجمع بين المنتخبين الجزائري والغاني بالجزائر العاصمة، بعدما رفضت السلطات الجزائرية منح تأشيرة دخول للمدرب الإسرائيلي.

الإقالة في إنتظار المدرب الإسرائيلي

من جهة أخرى، كشفت تقارير إعلامية غانية، أن الاتحاد الغاني يعتزم فسخ تعاقده مع إفرام غرانت عقب مواجهة مصر يوم الأحد المقبل، حيث ذكر موقع "غانا سبورت" أن الاتحاد الغاني يستعد لإقالة المدرب الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر على نهاية تعاقده، والذي ينتهي بالتحديد بعد بطولة كأس الأمم الإفريقية 2017 بالجابون، مع تسديد الشرط الجزائي المبرم في التعاقد بين الطرفين، والذي يصل إلى 30 ألف دولار.

وأضاف الموقع، أن النتائج السلبية التي حققها المنتخب الغاني في مبارياته الأربع الأخيرة، التي كان آخرها السقوط في فخ التعادل السلبي أمام أوغندا، ضمن منافسات الجولة الأولى بالتصفيات المونديالية، وراء رغبة اتحاد الكرة في فسخ التعاقد مع المدرب الإسرائيلي، عقب مباراة مصر.

في سياق متصل، أكد جورج إفري، نائب رئيس الاتحاد الغاني لكرة القدم، أن المدرب الإسرائيلي سيخضع للتحقيق، بعد ظهوره على شبكة قنوات "سكاي سبورتس" الإنجليزية لتحليل مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، دون الحصول على موافقة الاتحاد، وكان ذلك في نفس الوقت الذي من المفترض أن يحضر فيه قرعة بطولة كأس الأمم الإفريقية بالجابون 2017 . يُذكر أن أفرام غرانت (61 عامًا) مولود لأم يهودية عراقية، وسبق له تدريب منتخب إسرائيل في الفترة بين عامي 2002 و 2006، كما سبق له تدريب عدة أندية إنجليزية أبرزها تشيلسي.

اقرأ/ي أيضًا: 

هل ستصبح إسرائيل مورد الغاز الرئيسي في المنطقة؟

محمود محيي الدين..رئيس الحكومة المصرية المرتقب