24-فبراير-2017

هل تعود نقابة الصحفيين المصرية تحت جناح الدولة؟ (الأناضول)

في 3 من آذار/مارس القادم، تجرى انتخابات نقابة الصحفيين المصريين والتي تشهد تنافسًا شرسًا بين 7 مرشحين على منصب نقيب الصحفيين لمدة عامين مقبلين، بالإضافة إلى التجديد لـ6 أعضاء بمجلس النقابة سيتم انتخابهم من بين 73 مرشحًا أعلنت أسماءهم، قبل أيام، اللجنة المشرفة على تلقي طلبات انتخابات النقابة.

تكتسب انتخابات نقابة الصحفيين المقبلة أهمية في مصر باعتبارها أول انتخابات عقب أزمة اقتحامها ومحاكمة نقيبها وعضوي مجلسها

وتكتسب الانتخابات المقبلة أهمية بالغة للصحفيين المصريين خاصة والمجتمع عامة، باعتبارها أول انتخابات في "قلعة الحريات" عقب أزمة اقتحامها ومحاكمة نقيبها وعضوي مجلسها، على خلفية تنظيم احتجاجات أمام النقابة عقب الإعلان عن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية واحتماء صحفيين اثنين بالنقابة خوفًا من القبض عليهما.

وفيما جاء بيان النقيب السابق ضياء رشوان الأسبوع الماضي قبل إغلاق باب الترشح، ليعلن موقفه بالتراجع عن تقديم أوراقه على منصب النقيب مثلما كان أعلن من قبل، فقد وجّه سهام انتقاداته للجميع دون تفرقة أو تمييز، معتبرًا أن إعلانه الترشح كان بمنزلة "محاولة للتوافق" عبر استعادة هيبة وقوة ووحدة النقابة لمواجهة الأزمات الحالية والتحديات التي تواجه المهنة، وقال إن المرشحين المنافسين، الذين سعى للتواصل معهم بطرق غير مباشرة، لم يستجيبوا له، معبرًا عن اعتقاده أن انتخابات النقابة المقبلة في ظل هذا الوضع سوف تؤدي إلى مزيد من الانقسام والضعف.

اقرأ/ي أيضًا:  مصر.. بيادات الأمن تحترق على بلاط صاحبة الجلالة

وبانسحاب رشوان من المنافسة، أو بمعنى أدق تراجعه عن الترشح، تنحصر المنافسة على منصب النقيب فعليًا بين يحيى قلاش، النقيب الحالي، وعبد المحسن سلامة، مدير تحرير جريدة "الأهرام" ووكيل النقابة الأسبق، الذي يعتبره البعض مرشحًا للدولة وأجهزتها، خصوصًا في ظل تحركات للحشد له بالذات داخل المؤسسات الصحفية القومية/الحكومية وتأييد ودعاية من شخصيات محسوبة بقوة على السلطة وأجهزتها، فضلًا عن وعود مكررة ومعتادة دائمًا ما يطرحها مرشحو الدولة في انتخابات نقابة الصحفيين تحديدًا.

اقرأ/ي أيضًا: صحافة القاهرة.. جولة ربح جديدة ضد الداخلية

بينما يظهر على هامش الصورة أيضًا خمسة مرشحين آخرين بينهم سيدتين، لكن كلها أسماء تبدو أقرب لفكرة التمثيل المشرّف من المنافسة الحقيقية التي تكاد تنحصر بين قلاش وسلامة، وبهما تبدو صورة الانتخابات ما بين تياري الاستقلال النقابي والموالاة للسلطة كما كانت دائمًا انتخابات النقابة فيما قبل 25 يناير، وهي الصورة التي كانت قد تغيرت نسبيًا خلال السنوات الأخيرة لتعود مجددًا بمنتهى الوضوح هذه المرة، خصوصًا في ظل الأزمة الأخيرة بين النقابة والسلطة بشكل عام في أعقاب اقتحام نقابة الصحفيين في أيار/مايو الماضي، وهي الأزمة التي يحاول استغلالها التيار المؤيد للسلطة في توجيه الضربات لقلاش ومؤيديه باعتبارهم المسؤولين عن جرّ النقابة لهذه الأزمة، دون أن يصدر منهم حرف واحد عن دور السلطة ووزارة الداخلية في هذه الأزمة.

يعتبر عبد المحسن سلامة، مدير تحرير جريدة الأهرام، مرشح الدولة وأجهزتها لترؤس نقابة الصحفيين وهو يلاقي دعمًا وحشدًا واضحًا

وبينما بدأت المناظرات غير المباشرة، سواء عبر اللقاءات مع الصحفيين أعضاء الجمعية العمومية داخل النقابة أو في جولات المؤسسات الصحفية، وحتى عبر وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية، فإن الأنباء التي وصفها قلاش بأنها "تُصنع داخل الغرف المغلقة وفي مقرات الأجهزة الأمنية" بدأت في التسرّب والانتشار، وهي التي تروّج كالعادة لفكرة وجود تحالف سياسي بين المحسوبين على تنظيمات معارضة، بل ومُعادية للدولة والسلطة، لدعم قلاش باعتباره مرشحهم، وتوقّع قلاش أن تتزايد نسب هذه الأخبار والأنباء خلال الأيام المقبلة مع اقتراب موعد الانتخابات.

أهمية المعركة الانتخابية في نقابة الصحفيين، خصوصًا على موقع النقيب هذه المرة، أنها ستكون مجرد بداية لمحاولات ومساعي فرض الوصاية المباشرة على النقابات المهنية، بعد سنوات من تقييدها وافتعال الأزمات معها، وهو ما لم يقتصر على نقابة الصحفيين وحدها، وإن كانت أكثرها حدة، لكنها امتدت لغيرها أيضًا، مثل "الأطباء"، وبدرجة أقل "المهندسين" و"المحامين"، وها نحن الآن نشهد محاولة الانتقال لإنهاء تلك الأزمات عبر وصول نقيب مؤيد وداعم للسلطة السياسية بشكل مباشر، وهو ما يجري فيه الخلط المعتاد والمتكرر بين مفهومي السلطة والدولة، رغم أن النقيب الحالي يؤكد مرارًا على عدم وجود خصومة مع الدولة ومؤسساتها، وأن النقابة نفسها جزء من مؤسسات الدولة بالمعنى الأشمل.

ويرى خبراء إعلاميون أن أزمة الصدام بين نقابة الصحفيين والدولة والتي شهدت اختلاطًا بين الاعتبارات السياسية والمهنية والقانونية يمكن أن تكون طوق النجاة لبعض المرشحين أو قارب الغرق الذي سيطيح بهم من قلب المشهد الانتخابي، ويعزو الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز ذلك إلى أن المنافسة في انتخابات النقابة لها وجهان، الأول بين ما يعرف بتياري الخدمات والسياسة، حيث يقدم نفسه على أرضية الخدمات، بينما يهتم الثاني بالحريات والدور الأوسع للنقابة كأحد كيانات الحركة الوطنية المصرية، مضيفًا أن الوجه الآخر للمنافسة سيبدو في إطار المعركة السياسية التي تدور في مصر حول الجدل بشأن تقييم أحداث يناير وهل هي ثورة أم مؤامرة، مؤكدًا أن هذه الوجوه ستكون حاكمة في المنافسة على مقعد نقيب الصحفيين. ويصف عبد العزيز الكتلة التصويتية الصحفية بـ"الذكاء والبرجماتية"، مؤكدًا أنها ضمن الجماعات المهنية التي يصعب توقع اتجاهاتها التصويتية.

أهمية المعركة الانتخابية في نقابة الصحفيين، أنها ستكون  بداية لمحاولات ومساعي فرض الوصاية المباشرة على النقابات المهنية بشكل عام

هذه المعركة الانتخابية التي ستحدّد نتائجها وتوجهات التصويت فيها إلى حد كبير مصير النقابة، بل ومؤشرًا على غيرها من النقابات خلال الأعوام القليلة المقبلة، ليست مقصورة على موقع النقيب، بل تمتد أيضًا بدرجة وإن بدت أقل حدة إلى مقاعد العضوية، خصوصًا في ظل ترشح اثنين من أعضاء المجلس الحالي المحكوم ضدهما بالحبس مع نقيب الصحفيين، وهما خالد البلشي وجمال عبد الرحيم، كما يُضاف إليهما عمرو بدر، أحد أبرز الأسماء التي برزت في أزمة النقابة الأخيرة بعد أن تم القبض عليه من داخل النقابة مع زميله محمود السقا.

كما تظهر أسماء أخرى منافسة بقوة على مقاعد العضوية، من بينهم أعضاء المجلس الحاليون (أسامة داود وحنان فكري وكارم محمود)، وأيضًا أسماء محسوبة على تيار استقلال النقابة والتي تتمتع برصيد مهني وسمعة طيبة بين أعضاء النقابة، مثل إبراهيم منصور ومحمد صعد عبد الحفيظ ومحمد منير وهشام يونس وغيرهم. بينما لا يغيب عن المرشحين على مواقع العضوية أيضًا عدد من الأسماء التي تنتهج نفس خط ومنهج عبد المحسن سلامة ومؤيديه، ويشنّ بعضهم حملات من النقد والهجوم بشكل مباشر في المعركة الانتخابية على النقيب الحالي ومجلسه، لأنه "أرهق النقابة بدخوله في معارك عنترية ضد السلطة"، وهم يريدونها نقابة "خدمية" لا علاقة لها بالسياسة.

كما يظهر أيضًا في أفق الانتخابات على مواقع العضوية ترشح حسين القباني، الصحفي المحبوس، ليكون بمنزلة رسالة رمزية للاهتمام بملف الصحفيين المحبوسين، الذي لم يلق الاهتمام الكافي، أو بمعنى أدق لم يلق الاستجابة الكافية لتحسين أوضاعهم وبحث ملفاتهم. بل والمفارقة أن الأمر قد وصل إلى أن أصبح نقيب الصحفيين و2 من أعضاء المجلس وهم جميعًا مرشحون في الانتخابات المقبلة، مهددين بالحبس، وهو ما سيحسمه الحكم القضائي المنتظر يوم 25 شباط/ فبراير الجاري، بخصوص الطعن المقدم منهم على حكم حبسهم السابق صدوره، وهو ما سيكون أحد العوامل المهمة في التأثير على المعركة الانتخابية الجارية، والتي يتوقع أن يزداد احتدامها خلال الأيام القليلة المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا:

صحفيون مغاربة: محاكمة سياسية لرئيس نقابة الصحفيين

مسلسل فصل الصحفيين في مصر.. العرض مستمر!