28-سبتمبر-2015

أحمد عبد اللطيف (فيسبوك)

أعلن الروائي المصري أحمد عبد اللطيف عن اعتزامه مقاضاة مواطنه السيناريست كريم فهمي، بدعوى أن الأخير قام بسرقة إحدى رواياته، وعالج فكرتها في فيلم "هاتولي راجل" الذي أخرجه محمد شاكر خضير.

بعد عام ونصف من صدور "عالم المندل"، عُرض في السينمات المصرية فيلم "هاتولي راجل"

يقول الروائي: "في كانون الثاني/يناير عام 2012، في معرض القاهرة للكتاب، صدرت روايتي "عالم المندل" التي طرحت من خلالها حالة تحول فتاة بشكل طبيعي إلى ذكر، وامتد فيها خط التخييل إلى تحول كل فتيات مدينة ما إلى ذكور، مع الحفاظ على هيئاتهم الخارجية كإناث، بمعنى: اكتسابهن أعضاء ذكرية، ما ترتب عليه تغيرات في السلوك. قابل هذا التحول، في الرواية، تحول الرجال إلى إناث في سلوكياتهم جميعها. هكذا أصبح الوضع مقلوبًا: رجال يقومون بمهام النساء، ونساء يقمن بمهام الرجال. كانت هذه الحالة الجديدة، التي طرحت فنيًا وضع المرأة، تسعى إلى رؤية الحياة من منظور مختلف، وإعادة طرح الأسئلة الضرورية حول ما تتعرض له الأنثى العربية من قهر واستسلام، بالاتكاء على مشاهد ما بين الحلم واليقظة، الوهم والحقيقة، وعلى تقنية تلعب بالزمن ومعه، وعلى دراية بنطريات فرويد ولاكان. وخلال الشهور الأولى من صدور الرواية، عُقدت الندوات وكُتبت المقالات التي وقفت على قراءة الرواية ومناقشة أسئلتها، وتركزت على المدينة التي تلخص مجتمعًا باللعب على فرضية "ماذا لو".

يواصل عبد اللطيف الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية: "بعد عام ونصف من صدور "عالم المندل"، عُرض في السينمات المصرية فيلم "هاتولي راجل" الذي اقتبس مضمون الرواية لإعادة إنتاجه سينمائيًا، سواء بالتوسع في المشاهد أو في إضافة شخصيات جديدة. لكن بالبناء على فكرة الرواية الأصلية (تحول رجال المدينة إلى نساء والعكس). حينها لفت بعض الأصدقاء انتباهي لسرقة الفيلم للرواية، وأوصوني بمشاهدته لأحكم بنفسي. غير أن المشاغل من ناحية وفرض حسن النية من ناحية أخرى، جعلني أتكاسل. ثم بمحض صدفة، شاهدت الفيلم قريبًا واكتشفت المفاجأة المذهلة: السيناريست سرق الرواية بالفعل دون أي إشارة، وكتب على الفيلم "تأليف" دون أن يكون المؤلف، بل مجرد سيناريست اشتغل سينمائيًا على رواية صادرة بالفعل وموجودة في المكتبات".

وحول لجوئه إلى القضاء لحسم الأمر يؤكد صاحب "صانع المفاتيح": "لن يفيد تجاوز الأمر في شيء، فصمتنا من قبل على سرقة الأفلام الأجنبية وتمصيرها أدى بنا الآن إلى سرقة نفس الكتّاب لرواياتنا دون أي اهتمام بحقوق الملكية الفكرية، ولا منح المؤلف حق قبول أو رفض تحويل روايته إلى عمل سينمائي. لقد سلبني السيناريست اللصّ حق الرفض والنقاش، كما يفعل عادًة قطاع الطرق".

في المقابل رفض السيناريست كريم فهمي التعليق لوسائل الإعلام على اتهامات أحمد عبد اللطيف.

أحمد عبد اللطيف: صمتنا على سرقة الأفلام الأجنبية وتمصيرها، أدى بنا الآن إلى سرقة نفس الكتّاب لرواياتنا

وقبل هذه الواقعة بشهور، كانت المحكمة الاقتصادية في مصر قد أدانت الناقد حسام عقل بسرقة عنوان ومضمون كتاب "لماذا أسلموا؟" للكاتب الصحفي أسامة الألفي، وتحويله إلى برنامج حواري، دون الإشارة من قريب أو بعيد للكتاب ومؤلفه، بعد ست سنوات من التقاضي. المعركة بدأت بحكم لصالح الألفي، استأنفه عقل، غير أنه سرعان ما تلقى الإدانة مرة أخرى، في حكم قابل للنقض. وقدّرت المحكمة التعويض الذي سيدفعه عقل بـ 250 ألف جنيه مصري (31000$).

بعد ثورة "25 يناير" بشهور، اتهم الروائيُّ أحمد صبري أبو الفتوح السيناريستَ بلال فضل بسرقة رواية "أجندة سيد الأهل" وتحويلها إلى مسلسل "الهروب"، ولجأ أبو الفتوح حينها إلى القضاء. يحكي المسلسل قصة حياة أسرة مناضل عمالي، يسجن أحد ولديه ظلما بينما يُقتل الآخر في الثورة، الأخ المسجون يعد قائمة في محبسه بأعدائه الذي سينتقم منهم عندما يخرج، وهذا ما يحدث عندما تفتح أبواب السجون أثناء الثورة. ولا يختلف المسلسل كثيرًا عن الرواية، مع تغييرات في الأماكن والأسماء وبعض التفاصيل. من جهته نفى بلال فضل اتهامات أبو الفتوح وقال في تصريحات أعقبت الأزمة: "تعودت مثل تلك الاتهامات، والحل الأنسب لها هو التجاهل انتظارا لكلمة القضاء الذي أثق أنه سينصفني".

وقبل هذه الواقعة بسنتين، اتهم المخرج محمد حماد الروائي طارق إمام بسرقة سيناريو فيلم "وجه الله أو القاتل" المسجل في الشهر العقاري وتحويله إلى رواية "هدوء القتلة"، وملخص ما حدث أن حماد استعان بطارق إمام لكتابة السيناريو، ثم انسحب إمام من العمل، وبعدها بفترة صدرت رواية "هدوء القتلة" والغريب في حينها أن حماد لم يثر الأمر، لكنه عاد ليثير القضية بعد قرار منح طارق إمام جائزة الدولة التشجيعية للرواية. 

حماد قدم مذكرة لـ"المجلس الأعلى للثقافة" يتهم فيها إمام بسرقة عمله. أما طارق إمام فقال إن ما حدث ليس سوى عيار طائش، وأن روايته نشرت كفصول مستقلة في بعض الجرائد قبل أن يسجل حماد سيناريو فيلمه في الشهر العقاري.

عرفت الثقافة العربية أمر الانتحال مبكراً، وكتب النقاد العرب القدامى عشرات المؤلفات التي تتحدث عن السرقة الأدبية، ففي القرن الثالث الهجري أصدر الزبير بن بكار المتوفي سنة 256هـ كتابًا عن سرقات كثيرة، كما أصدر أحمد بن أبي طاهر طيفور المتوفي سنة 280هـ كتابًا عن سرقات البحتري، أما ابن المعتز المتوفي سنة 296هـ فوضع ما يسمي بالسرقات المحمودة والسرقات المذمومة، وتوالت مؤلفات العرب القدامى في السرقات الأدبية وفنونها فوضع ابن طباطبا المتوفي سنة 322هـ كتاب "عيار الشعر"، ووضع الأمري المتوفي سنة 370هـ كتابًا عن "الموازنة بين الطائيين".