21-نوفمبر-2017

أثناء بناء سد النهضة الكبرى، الحدود السودانية الإثيوبية (Getty)

وفقًا لمنظمة الفاو في الأمم المتحدة ، فإن مصر بلد فقير في موارده المائية، يعتمد بما نسبته 97% على مياه النيل التي توفر له جُل احتياجاته المائية. المثير في الأمر أيضًا أن 85% من المياه التي تتدفق إلى مياه النيل في الجزء المصري تأتي من مياه الأمطار المتساقطة فوق مرتفعات أثيوبيا.

وفقًا لمنظمة الفاو في الأمم المتحدة ، فإن مصر بلد فقير في موارده المائية

خلال خمس عشرة جولة من المحادثات الدبلوماسية حاولت فيها مصر إقناع إثيوبيا بالالتزام باتفاقية تقاسم مياه النيل عام 1929، التي تؤكد على حصة مصر من مياه النيل دون أن تلقى تلك الجهود أي صدى لدى الجانب الإثيوبي.

اقرأ/ي أيضًا: حملات ضد شيرين وصباحي للتغطية على فشل مفاوضات سد النهضة

الحقيقة أن الطريقة التي تمت فيها إدارة ملف حيوي بهذا الحجم من إدارات متعاقبة منذ 2011، وحتى الآن، تكشف عن مدى تحكم اللامنطق في إدارة الملفات الحيوية في مصر، وتكشف عن عوار كبير في الإدارات المصرية المتعاقبة التي لم تُخرج البلاد منذ ست سنوات من أزماتها المتلاحقة.

آخر الجولات كانت حين خرج وزراء الري الثلاثة المصري محمد عبد العاطي، والسوداني والإثيوبي في منتصف هذا الشهر ليعلنوا فشل المفاوضات الثلاثية.

يمكن القول، بمنتهى البساطة، إن مصر خسرت كل حليف ممكن في أفريقيا منذ تركت مجلس وزراء مبادرة حوض النيل، وعادت إليه عام 2010 لتجد أن الأعضاء صوّتوا لصالح وزير الري الإثيوبي سيلشي بيكيلي ليكون رئيسًا للمبادرة بدلًا من نظيره الأوغندي. كان التعالي على القارة السمراء والاستهانة بما يمكن أن يفعله هذا الملف في حياة المصريين أمرًا لا يُغتفر.

خسرت مصر أيضًا حين تخلت عن الجانب السوداني الذي أدار ظهره لها، وأقام تحالفًا مع الجانب الإثيوبي من خلال عقد عدة اتفاقات حول اقتسام مخرجات السد الجديد، الأمر الذي جعل القاهرة تخوض المعركة وحدها حسبما صرحت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد".

اعتراض مصر الأساسي على سد النهضة كان في وقت ملء السد الأول الذي سيحتاج من 5-7 سنوات، بينما ترى مصر أنه يجب أن تكون فترة الملء من 12- 18 عامًا، وذلك لضمان استقرار معدل المياه في مصر التي تتنبأ إحدى الدراسات الجيولوجية الأمريكية أنها ستقص من حصة مصر المائية ما نسبته الربع تقريبا 25%، الذي بدوره سيقتطع من كهرباء السد العالي نحو ثلث ما يولده تقريبًا.

ملفات كبرى وحيوية في مصر، مثل ملف المياه، بقيت راكدة في قاع الدولة المصرية

حاولت مصر البحث عن حلفاء بعدما استغنى عنها الشريك السوداني العتيق، لكن جهود الدولة المصرية في هذا المضمار كانت ضعيفة وأداؤها كان مخزيًا. وجهت الأموال في مصر لدعم مشاريع البنية التحتية المائية للجيتو الجديد المسمى بالعاصمة الإدارية، والمدن الصناعية بينما صُرفت الأموال في مضامير أخرى لتلميع وجه السيسي في مؤتمر شباب عالمي لدعم اللاهدف، وبقيت ملفات كبرى وحيوية مثل ملف المياه راكدة في قاع الدولة المصرية، ما جعل من مستقبل المصريين ضبابيًا في أمنهم المائي، وهو من ملفات الأمن القومي المصري.

اقرأ/ي أيضًا: العطش قادم.. فهل توافق مصر على اتفاقية "عنتيبي"؟

ونشرت جريدة "إسرائيل توداي" عن الزيارة التي قام بها نتنياهو إلى إفريقيا، وعن الحفاوة التي استقبل بها هناك، وعن التطلع إلى التعاون في كافة المجالات بما في ذلك "الدفاع السيبراني وجمع البيانات وتعزيز التكنولوجيات الجديدة والتنمية". وهكذا فإن أفريقيا التي باتت تودد إلى إسرائيل التي استثمرت فيها ملايين الدولارات حتى الآن، ترى أنها (أي إسرائيل) طرف ثالث يثق فيه المصريون أيضًا، ويمكن إدخاله إلى لعبة المفاوضات الثلاثية. إسرائيل تتطلع إلى مصالحها التوسعية لتكون من الدول المبادرة بضخ الاستثمارات في إثيوبيا عقب الانتهاء من بناء السد، ومصر وأمنها المائي ليسا من أولوياتها طبعًا. في الوقت نفسه، يقف المصريون وهم يرون حقوقهم التاريخية آخذة في الضياع، بعد أن وضعت السُلطة في يد النظام المصري الحالي الذي يفرط بها بكل شكل ممكن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ارتفاع جديد لأسعار المياه وحلول الحكومة المصرية: "معلش"

مصر.. إنها حرب المياه