11-نوفمبر-2015

فيرز كيتل/ النرويج

تعتبر التحركات في الخارج خطوة أولية لمناهضة السلطة الحالية وزعزعة استقرارها، ثم كخطوة في الطريق نحو الوصول للسلطة، فعل ذلك الزعيم البلشفي لينين لإسقاط القيصرية في روسيا، واستخدمتها الشاهنشاهية للعودة للحكم في إيران، ثم محاولة بعض التيارات الرافضة "للجمهورية الإسلامية" الانقلاب عليها من الخارج، ثم عرفتها أوكرانيا وغيرها مرورًا بسوريا، عرفها وقام بشرحها بعض الكتاب بالثورة من الخارج مع التحفظ على استخدام مصطلح "ثورة" بشكل دائم!

بعد "30 يونيو"، انتقل الصراع في مصر بين السلطة ورافضيها من الشوارع والميادين إلى عواصم الدول الأجنبية

في مرحلة مابعد "30 يونيو" بمصر انتقل الصراع بين السلطة ورافضيها ومناهضيها من الشوارع والميادين إلى عواصم الدول الأجنبية، ليكون مع كل زيارة خارجية للسيسي وأعضاء سلطته يتم حشد مؤيديه للتظاهر والهتاف له، ويحتشد مناهضي سلطته ومن ضمنهم عناصر جماعة الإخوان للهتاف بإسقاطه والتنديد بسياساته، وتستمر المناوشات، وهنا استخدام كلمة مناوشات بدلًا من المعارك على سبيل المثال للإشارة أنها نزاعات محدودة لعدم قدرة أطرافها خوض معارك صفرية تحسم الصراع سريعًا، ويحسب كل من معسكر السلطة ومناهضيها أن السيطرة على الوضع الخارجي علامة مهمة للحسم الداخلي.

ويراهن السيسي أن علاقته القوية مع إسرائيل والإمارات أرضية صلبة تستطيع إنقاذه من المناوشات التي تحدث ضده بالخارج والترويج لشرعيته الدولية ودعمه ضد أي موقف لا يروق له، خصوصًا أن سلطة السيسي والإمارات وإسرائيل يوجد بينهم توافق وتكامل في كثير من القضايا، وعلى رأسها الموقف من قطاع غزة الفلسطيني، والتطابق بين الموقف المصري والإماراتي نحو الصراع في ليبيا.

في إشكالية العلاقة بين الداخل والخارج، نجد أن التحرك في الداخل أصبح ضعيفًا وغير منظم من القوى الرافضة لحكم السيسي، استطاعت السلطة تأميم الشوارع لصالحها من خلال قبضة أمنية اجتثاثية، لا تسمح بمجرد وقفة على سلم نقابة الصحفيين للتضامن مع عامل لايحصل على مستحقاته المالية، أو تترك شخصًا يقف وحيدًا يرفع لافتة يتضامن من خلالها مع معتقل، فالقبض والتحقيق هو الرد المباشر، وابتعاد شعبي تام عن كل مايحدث لفقدانه الثقة في السلطة وعدم قدرة المعارضة على التواصل بشكل مباشر وفعال، لأسباب كثيرة أولها الضعف التنظيمي وعدم الإعداد لبديل متكامل يمتلك سياسات فاعلة ومؤثرة.

وبعد حادثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء وتصاعد حديث المجتمع الدولي عنها، قامت سلطة السيسي بتوظيف انتهازي لحديث الغرب عن الحادثة للترويج لفكرة المؤامرة ومحاولة التعبئة والتجييش للحصول على دعم شعبي، ولفرض سيطرتها القمعية الاستئصالية التي لا تسمح بوجود أي شكل من المعارضة والاختلاف وترفض الآخر كليًا.

ما تحمله الأيام القادمة من تحركات في الخارج والداخل ستقرر شكل الاصطفافات الجديدة، التي يجب أن تبتعد عن كل دعاية تريد إعادة إنتاج الماضي، وأن تتفق القوى الرافضة للظلم والاستبداد على طرق العمل التي تستطيع من خلالها دفع البلاد في طريق الحرية والمساواة وتحقيق المطالب الأساسية لثورة 25 يناير من ديمقراطية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.

اقرأ/ي أيضًا:

فزاعة "ما العمل؟"

في جلد عبد الناصر