20-سبتمبر-2019

تترقب مصر مصير دعوات التظاهر ضد النظام التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي (رويترز)

تنتاب حالة من الغموض المشهد المصري حول مصير دعوات بالتظاهر دعا لها وتبناها "محمد علي" المقاول والفنان المصري الذي عمل لسنوات مع الجيش، قبل أن يقرر السفر لإسبانيا، ويصور من هناك عددًا من المقاطع المصورة، ويتحول منذ 3 أيلول/سبتمبر الجاري لأيقونة لمعارضة السيسي، بعد إطلاقه العديد من الاتهامات حول حوادث فساد تتعلق بالسيسي وعائلته وجنرالات مقربين منه، ما دفع الرئيس المصري للرد عليه في مؤتمر الشباب الثامن منذ عدة أيام.

تنتاب حالة من الغموض المشهد المصري حول مصير دعوات بالتظاهر دعا لها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما فرضت السلطات حالة من الطوارئ في أنحاء البلاد

لم تلق الدعوات الداعمة للتظاهر مساء اليوم الجمعة في القاهرة وعدد آخر من المحافظات، أي دعم أو تأييد من القوى السياسية المصرية، كما لم تعلن أي حركات أو فصائل عن تبنيها، غير أن شخصيات عامة دعت للتظاهر من أبرزهم الناشط السيناوي مسعد أبو فجر، والعالم المصري المعروف عصام حجي. في المقابل ووفقًا لبعض التسرييات الإعلامية رفعت الأجهزة الأمنية، درجة الطوارئ لأعلى مستوياتها، كما صعدت وزارة الداخلية حملة الاعتقالات التي طالت بعض النشطاء، واعتقلت قوات الأمن مساء أمس حازم غنيم شقيق وائل غنيم، الناشط السياسي والمسؤول عن صفحة كلنا خالد سعيد -الداعية لمظاهرة 25 كانون الثاني/يناير 2011.

اقرأ/ي أيضًا: "من الإبرة للصاروخ".. مسلسل اتهامات محمد علي للسيسي والجيش المصري بالفساد 

وللمرة الأولى منذ رد الرئيس المصري على الاتهامات الموجهة له بالفساد، ظهر السيسي خلال الجنازة العسكرية للفريق إبراهيم العرابي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، بصحبة عدد من قيادات الجيش في رسالة اعتبرها البعض تأكيدًا على ثقة السيسي في معاونيه، وهو ما تنفيه بعض التقارير، التي تزعم بوجود شقاق محتمل داخل المؤسسة العسكرية.

في انتظار الجيش

منذ  ظهور الرئيس المصري في 15 أيلول/سبتمبر الجاري، للرد على الاتهامات التي ذكرها "محمد علي"، وما تلى ذلك من تصعيد إعلامي كبير ضد "علي" وغيره من الداعمين للتظاهر، إضافة إلى رفع درجات الطوارئ القصوى في الأجهزة الأمنية وحملات الاعتقال المستمرة بشكل يومي، تتأمل بعض أطراف المعارضة حدوث حركة داخل الجيش تطيح بالسيسي من الحكم، عبر ما يطلق عليهم البعض " شرفاء المؤسسة العسكرية".

بدت هذه الآمال، على صورة واضحة خلال اليومين الماضيين، رغم تشكيك بعض الناشطين المصريين بإمكانيتها، أو حتى بجدواها في حال حصلت. في البداية انتشر فيديو لشخص ملثم يدعي أنه ضابط سابق في الجيش، ويبشر بتغيير قادم، ويهدد السيسي بنشر فيديوهات فاضحة له، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة حول انتشار للجيش على طريق السويس، في الوقت الذي لم تصدر فيه القوات المسلحة أية بيانات حول الأمر، فيما احتل بيان غير مؤكد المصدر، مساحة كبيرة من المناقشات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو بيان منسوب لرئيس أركان الجيش المصري الأسبق سامي عنان، المحتجز في سجن عسكري، يلمح لمظاهرات قريبة في الشارع.

وطالب البيان المنسوب لعنان القوات المسلحة ووزير الدفاع الفريق محمد زكي بالانحياز للشعب، فيما تم افتتاحه بجملة مشابهة لبيان ثورة 23 يوليو 1952؛ "تعيش مصر مرحلة عصيبة من التدهور والتراجع في كل مناحي الحياة، وتراجع دور الجيش في مهمته الأساسية وهي حماية البلاد.. وقد جر النظام القائم أفراد الجيش بكافة قطاعاته للمواجهة مع الشعب.. مما أساء للمؤسسة العسكرية في نفوس المصريين"، وهو ما لاقى رواجًا واسعًا على الرغم من عدم التأكد من صحته.

في المقابل استغل الرئيس المصري الموقف خلال الجنازة العسكرية للفريق إبراهيم العرابي، وظهر في بعض الصور التي عممت عن طريق رئاسة الجمهورية على الصحف والمواقع الإلكترونية، بصحبة محمد زكي وزير الدفاع الحالي ورئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية، وقادة القوات المسلحة القدامى على رأسهم المشير محمد حسين طنطاوي والفريق صدقي صبحي وزيرا الدفاع السابقين، واعتبر البعض الصورة رسالة من السيسي للتأكيد على دعم الجيش له.

الحشد للتظاهر

ومنذ إعلان المقاول والفنان المصري الحشد على مواقع التواصل، ووسوم رفض السيسي تتصدر بشكل يومي في مصر، حيث كانت وسائل التواصل الاجتماعي المساحة الأكثر صخبًا في التعامل مع دعوات التظاهر في ظل القبضة الأمنية القوية للنظام المصري وسيطرته على العمل العام في مصر، وكذلك الإعلام الحكومي والخاص.

 وفي صباح الجمعة تصدر وسوم #ارحل و #الشعب_يريد_اسقاط_النظام و#اوصف_السيسي قائمة الأكثر تداولًا في مصر، فيما تصدر يوم الخميس هاشتاغ #نازلين_الجمعه_ليه، ولحق به #الرحيل_ياسيسي_أو_النزول_للشارع، و #Enough_sisi، #الشعب_يريد_إسقاط_النظام. في المقابل كانت الكتائب الإلكترونية الداعمة للنظام المصري تدفع بوسوم أخرى في مواجهة الحملة الموسعة ضد الرئيس، من بينها #الجاسوس_محمد_علي ، وعمل النظام المصري على الدفع أيضًا بالعديد من الفنانين والمطربين لإعلان تأييدهم للجيش كان أبرزهم هاني شاكر نقيب الموسيقيين، وأحمد بدير والمطرب حكيم، وبيومي فؤاد ومحمود فؤاد، وشعبان عبدالرحيم.

وعلى غير العادة أصدر حزب تيار الكرامة  بيان أعلن فيه نيته تجميد النشاط السياسي، لكن الحزب الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، عاد وأعلن في بيان بأن التيار سيبحث مع "شركائه في الحركة المدنية والتيار الديمقراطي"، فكرة تجميد النشاط الحزبي وإعلان موقف جماعي. وللتيار عدد من الشباب المعتقل في السجون من بينهم الناشط والصحافي حسام مؤنس، المعتقل منذ عدة أسابيع.

كما استمرت الحملة الأمنية ضد المعارضين خلال الأيام الماضية، بعد أن بدأت باعتقال الناشط اليساري كمال خليل والدكتور نادر فرجاني والصحافي حسن القباني وأخيرًا حازم غنيم شقيق الناشط وائل غنيم. وكانت هذه الاعتقالات، كما رآها ناشطون ،تعبيرًا عن قلق داخل النظام من دعم تيارات وشخصيات عامة داخل مصر للتظاهرات، لكن بعض الشخصيات في الخارج أعلنت دعمها.

اقرأ/ي أيضًا: للمرة الأولى.. السيسي يرد على محمد علي دون التطرق لفقر مصر!

مسعد أبو فجر الناشط السيناوي، وعضو لجنة دستور 2014، كان في المقدمة، إذ قال في فيديو جديد له إن محمود نجل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ضابط في جهاز الاستخبارات العامة، قام باستغلال الأوضاع في سيناء لتحقيق مكاسب مالية، عبر تهريب البضائع والأموال إلى غزة، ويجني وحده نحو 15 مليونًا، وأعلن أبو فجر دعمه للتظاهر والاحتشاد في جميع الشوارع والميادين مساء الجمعة، وطالب بنزول الناس في الشارع عقب مباراة الزمالك والأهلي اليوم، وإطلاق نفير السيارات للتعبير عن الغضب، ودعا المتظاهرين لعدم العودة إلا بعد القبض على السيسي وزوجته ونجله، واتهم السيسي بالعمالة والجاسوسية.

رفعت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام المصري، درجة الطوارئ لأعلى مستوياتها، كما صعدت وزارة الداخلية حملة الاعتقالات التي طالت بعض النشطاء

أما العالم المصري عصام حجي، فكان أيضًا من الداعمين للمظاهرات وقال في مداخلة مع قناة الجزيرة مباشر، إن "هناك حالة استياء والجميع يعلم بذلك، أتمنى من الشعب المصري أن يخرج ويعبر عن رأيه بشكل سلمي يوم الجمعة"، فيما تحدث الدكتور حسن نافعة أستاذ السياسية، في تغريدة على تويتر عن اهتزاز صورة السيسي لدى الشعب، وقد "حان الوقت لتذكيره وتذكير كافة القوى المحبة للوطن أن تستعد بشكل منظم لمرحلة ما بعد السيسي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرشوة أسلوب حياة في مصر.. "شخلل علشان تعدي"

"هل مصر بلد فقير حقًا؟".. كتاب أودى بصاحبه إلى خلف القضبان