24-أبريل-2017

من آثار انفجار في محافظة الجيزة في 2016 (محمد الشهيد/ أ.ف.ب)

تتعدد أيادي القاتلين في مصر، ما بين هجمات تنظيم الدولة الإسلامية - داعش، الذي استهدف مُؤخرًا كنيستين في مدينتي الإسكندرية وطنطا فيما عُرف بهجمات أحد الشعانين، مُخلفًا عشرات القتلى والجرحى؛ وبين مقطع الفيديو المسرب لجنود في الجيش يُصفون مدنيين في سيناء.

الجيش المصري في سيناء يصفي شبابًا من أهالي سيناء، بطريقة أقل ما يقال عنها أنها وحشية، ولا تقل دموية عن ممارسات التنظيمات الإرهابية. ومن يظن أنه بتلك الممارسات سيقضي على الإرهاب، فهو مخطئ جدًا، وعليه إعادة حساباته، لأنه بذلك أصبح صانعًا للإرهاب، بل يزيد من أعداد الإرهابيين بقسوته على شباب سيناويين لا ناقة لهم ولا جمل في حروب السياسيين، سوى الفقر والإهمال، وتهميش لعقود كتب على منطقته الإستراتيجية. 

منذ الثالث من يوليو 2013 وسلاح الجيش المصري أصبح موجهًا لصدور شباب الثورة

مصر بين إرهاب الدولتين داعش والعسكر، فمنذ الثالث من تموز/يوليو 2013 وسلاح الجيش موجه لصدور شباب الثورة، ليصيب ابن مصر قلب أمّه على أبنائها قبل أن يصيب عدوّه، سامحًا، بقصد أو بغير قصد، لعدوّه الشبيه بطيور الظلام تحت مسمى "تنظيم الدولة"، بالتسلل وصولًا إلى قلب القاهرة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يستغل النظام المصري حادثة الكنيسة؟

يفجر الكنائس واحدة تلو الأخرى، ويستهدف مراكز الأمن والجيش المصري بكل أريحية، ثم يصفي الجيش في لحظة غضب متهورة شبابًا مدنيًا لا ذنب له كما أوضحت الدلائل. بتكرر السيناريو بعد كل عملية إرهابية، حيث تكون الثورة وأبناءها ومعارضي النظام المسؤولين عما يحدث في نظر النظام وإعلامه. في هذه الأحوال ليس المهم محاسبة المقصرين من الأجهزة الأمنية، طالما أن شماعة "إسقاط الدولة المصرية" جاهزة.

وبدأ الجميع اليوم بالتساؤل: لماذا تغيرت عقيدة الجيش المصري أولًا، وبعض الجيوش العربية ثانيًا؟ ولماذا يوجهون سلاحهم لأبناء الوطن أكثر مما يوجهونه لأعداء الوطن؟ ألا يعلم أولئك أنهم يقتلون الوطن في نظر كثيرين في كل يوم، ومع كل رصاصة يطلقونها في قلب مدنيّ أعزل.

من يتصدق بنصيحةٍ على أبناء الجيش المصري، بأن وطنهم وأبناءه أولى بحمايتهم من حماية مصالح الجنرالات وأباطرة المال، الذين لن ينفعونهم حين تحاسبهم شعوبهم، وهي لا محال فاعلة، وإن طال الزمن ومرّت الأيام.

كشف تسريب قتل جنود لمدنيين في سيناء الكثير عن تغيّر خطير في عقلية الجيش المصري

تسريب قناة مكملين ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأن خرج تسريب يتحدث فيه السيسي عن إعفاء كل جندي يطلق الرصاص، أو يقتل بالخطأ، من المسؤولية والمحاكمة، وكان بمثابة إذن بإطلاق يد الجيش المصري ضد شعبه، ثم تلاه مقطع فيديو آخر لبعض من دعاة مصر فيه إباحة واضحة لدماء المصريين، لمجرد أنهم معارضين، أو "خوارج" كما وصفوهم.

اقرأ/ي أيضًا: مشايخ السلطة.. الصراع على تصدر المشهد

وكشف  تسريب مكملين الكثير عن تغيّر خطير في عقلية الجيش المصري، مثيرًا الكثير من الاستهجان والخوف من أن يستغله الإرهابيون لاستقطاب العديد من الموتورين في مصر ما بعد الثالث من تموز/يوليو 2013، وهم كثر، وربما يكون مبررهم في ذلك: "لم نجد وطنًا ولا عدالة، بل جيشًا يقتل أبناءنا دون تهمة أو محاكمة، ووجدنا من يوهمنا بأخذ حقنا!".

في النهاية لا عذر لهذا أو ذاك، فكلهم يقتلون في مصر، لتتوجع المحروسة، وتتوجع قلوب محبيها، فياليت لو أنّ جيش مصر أخفض سلاحه عن أبنائها، فلديه ولديها أعداء حقيقيون يستحقون هذا الرصاص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العسكر والإرهاب.. ثنائية هدر الإنسان المصري

استراتيجية داعش للتجنيد.. الشباب أولًا