كشفت وكالة "رويترز" أن مبعوثين غربيين وجهوا تحذيرات للإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع زعيم "هيئة تحرير الشام"، بشأن تعيين جهاديين أجانب في مناصب عسكرية رفيعة، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تؤثر سلبًا على سمعتها دوليًا، وتثير مخاوف أمنية لدى المجتمع الدولي.
وفي التفاصيل، نقلت "رويترز" عن مصدرين مطلعين قولهما إن مبعوثي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا أعربوا، خلال لقاءاتهم بالشرع في دمشق، عن قلقهم من هذه التعيينات التي اعتبروها مصدرًا للقلق الأمني، مؤكدين أنها تسيء إلى صورتهم دوليًا، وقد تعيق محاولاتهم لإقامة علاقات إيجابية مع الدول الأجنبية.
وأوضح مسؤول أميركي أن مبعوث واشنطن، دانييل روبنشتاين، حذّر أحمد الشرع، خلال لقائه به يوم الأربعاء الفائت، من تأثير هذه الخطوة على سمعة الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، داعيًا إياه إلى إعادة النظر فيها، قائلًا إنها: "لن تساعدهم في تحسين سمعتهم في الولايات المتحدة".
أكد مبعوثون غربيون أن تعيين مقاتلين أجانب في الجيش السوري قد يؤثر سلبًا على سمعة الإدارة السورية الجديدة دوليًا، ويثير مخاوف أمنية لدى المجتمع الدولي
وتطرّق وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا جان نويل بارو وأنالينا بيربوك، إلى هذه القضية أيضًا أثناء اجتماعهما مع الشرع، في 3 كانون الثاني/يناير الجاري، وفق مصدر مطلع.
وكانت إدارة العمليات العسكرية في سوريا (تقودها "هيئة تحرير الشام")، قد أعلنت في 30 كانون الأول/ديسمبر الفائت ترقية نحو 50 ضابطًا، بينهم 6 أجانب صينيين وأيغور، ومواطن تركي، ومصري، وأردني. وقد حصل ثلاثة منهم على رتبة عميد، وثلاثة آخرون على رتبة عقيد.
وبينما تعتبر العواصم الغربية المقاتلين الأجانب مصدر تهديد أمني، وترى أن بعضهم قد يشن مستقبلًا هجمات في بلدانهم الأصلية؛ أكد مسؤولون في الإدارة السورية أن هؤلاء المقاتلين ساعدوا السوريين في الإطاحة بنظام بشار الأسد، وسيكون لهم مكان في سوريا، وقد يُمنحون كذلك الجنسية السورية مستقبلًا.
وصرّح المسؤول الأميركي ومصدر غربي آخر، لوكالة "رويترز"، بأن الإدارة الجديدة أوضحت أنه لا يمكن إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم لأنهم قد يتعرضون للاضطهاد، ولذلك من الأفضل أن يظلوا في سوريا وفق قولهم، سيما أنهم ساعدوا في إسقاط نظام الأسد، وكانوا جزءًا من المجتمع السوري لأكثر من 10 سنوات.
وعارضت عدة دول، خاصةً مصر والأردن، هذه التعيينات لأنها ترى أنها قد ترسل إشارات مشجعة للجهاديين العابرين للحدود الوطنية. ومن بين هؤلاء الأردني عبد الرحمن حسين الخطيب الذي تمت ترقيته إلى رتبة عميد، والإيغوري عبد العزيز داود خدابردي الذي حصل أيضًا على الرتبة ذاتها، بالإضافة إلى المصري علاء محمد عبد الباقي، الذي خرج من مصر عام 2013، برتبة عقيد.
قراءة في مستقبل العلاقات بين #لبنان والقيادة الجديدة في #سوريا.
اقرأ التقرير: https://t.co/gqGXFwu6OC pic.twitter.com/8tonMqVK6K— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 10, 2025
في المقابل، يرى آرون زيلين، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن ما دفع الإدارة الجديدة في سوريا إلى تعيين مقاتلين أجانب في الجيش، هو أنهم "موثقون ومخلصون" من جهة، ولكي لا يتسببوا في أي مشاكل داخلية أو خارجية من جهة أخرى.
وأوضح: "ربما يكون هذا مسارًا وسطيًا يناسب الجميع ويؤدي - على أمل - إلى عدم حدوث أي شيء خارج البلاد، ولكنهم أيضًا أصبحوا جزءًا من المجتمع السوري الآن"، مضيفًا: "لكنني أتخيل أنه لا تزال هناك مخاطر محلية بالإضافة إلى مخاوف عالمية".
يُذكر أن هذه التعيينات أثارت جدلًا كبيرًا بين السوريين لأسباب عدة، منها أن معظم الضباط الذين تمت ترقيتهم ينتمون إلى "هيئة تحرير الشام" أو مقربين منها، إضافةً إلى وجود ضباط أجانب، واستثناء عدد كبير من الضباط المنشقين الذين يرى كثير من السوريين أنهم أحق بالترقيات والعودة إلى ممارسة مهامهم، وأن يكونوا جزءًا أساسيًا من عملية إعادة هيكلة الجيش السوري.