23-أكتوبر-2020

يهدد التطبيع الاستقرار السياسي في السودان (Getty)

ألتر اصوت – فريق التحرير

كشف مصدران في الحكومة السودانية عن وجود رغبة لدى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للمضي قدمًا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد موافقة البرلمان الانتقالي على هذه الخطوة، وذلك في إطار التقارير التي تحدثت مؤخرًا عن توجهات لدى الحكومة السودانية مدفوعةً بضغوط وتسهيلات أمريكية إماراتية للإقدام على هذه الخطوة، لتكون بذلك أول دولة عربية تنضم إلى الإمارات والبحرين اللتين وقعتا اتفاقتين منفصلتين مع تل أبيب في وقت سابق.

كشف مصدران في الحكومة السودانية عن وجود رغبة لدى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للمضي قدمًا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد موافقة البرلمان الانتقالي

ونقلت وكالة رويترز على لسان مصدر سوداني رفيع المستوى قوله إن حمدوك "سيوافق على المضي في الخطوات التي بدأها رئيس مجلس السيادة (عبد الفتاح) البرهان في إقامة العلاقات مع إسرائيل شريطة أن يوافق المجلس التشريعي بعد تكوينه على قرار التطبيع مع اسرائيل"، في وقت عبر فيه مصدران كبيران من الحكومة السودانية عن مخاوفهم من أن تؤثر هذه الخطوة استقرار البلاد، بما في ذلك الإخلال بالتوازن بين القادة العسكريين والمدنيين، مما يعرض الحكومة الحالية للخطر.

اقرأ/ي أيضًا: رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب يعيد المخاوف بشأن التطبيع

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تحظى بدعم غير محدود من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما عبر عنه بشكل واضح وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو بعدما أشاد خلال اتصال هاتفي مع حمدوك "بجهوده (حمدوك) حتى الآن لتحسين علاقة السودان بإسرائيل"، فإن هذه الخطوة لا تزال تصطدم برفض حكومة التكنوقراط التي يرأسها حمدوك في الوقت الراهن.

وكان ترامب قد غرّد عبر حسابه الرسمي على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي في وقت سابق، مؤكدًا أن "الحكومة السودانية وافقت على دفع تعويضات بقيمة 335 مليون دولار لضحايا الإرهاب الأمريكيين وعائلاتهم"، في مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو ما أثار المزيد من التساؤلات حول الثمن الذي يتوجب على السودان دفعه، الأمر الذي رجحت تقارير أمريكية لاحقًا، أنه يجيء في مقابل قبولها تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل. لكن مصادر أخرى لا تزال تشير إلى رفض حمدوك لربط الملفين.

وأدرجت واشنطن اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب بعدما وردت تقارير عن استضافة الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في عام 1993، فضلًا عن توجيه اتهامات للبشير بالوقوف وراء التفجيرين اللذين ضربا سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا في عام 1998، إضافة للتفجير الذي ضرب البارجة الأمريكية يو أس كول قرب شواطئ اليمن في 2000.

وبينما تسعى إدارة ترامب باتجاه دفع السودان نحو تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية قبل أقل من 10 أيام على انتخابات الرئاسة الأمريكية، مما سيمنح الرئيس ترامب نصرًا دبلوماسيًا جديدًا قد يعزز من فرص فوزه بولاية ثانية في البيت الأبيض، فإن وكالة رويترز أشارت إلى عدم إمكانية تحقيق مثل هذه الخطوة في وقت قريب، نظرًا لعدم تشكيل البرلمان بموجب اتفاق لتقاسم السلطة بين ضباط الجيش والمدنيين الذين يحكمون السودان معًا منذ الإطاحة بالبشير العام الماضي.

وفي الوقت الذي ظهرت فيه معطيات تتحدث عن انفتاح الشخصيات العسكرية التي تقود الانتقال السياسي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فإن هذه الخطوة تصطدم بمعارضة الجماعات المدنية، والتي كان من بينها تحذير رئيس حزب الأمة القومي السوداني الصادق المهدي من سحب تأييده للسلطات الانتقالية في البلاد، إذا أقدمت على التطبيع مع إسرائيل.

فقد شدد السياسي السوداني في تصريحات صحفية على أن "مؤسسات الحكم الانتقالية غير مؤهلة لاتخاذ أية قرارات في القضايا الخلافية، مثل إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري إسرائيل"، محذرًا من أن حزب الأمة سيقوم بسحب تأييده "لمؤسسات الحكم الانتقالي، إذا أقدمت على إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري والاحتلال"، لافتًا إلى أن "حزبه ناشد نقابة المحامين، أن تتولى فتح بلاغات ومساءلة للذين يخالفون قانون مقاطعة إسرائيل"، وهو ما سيقدم عليه محامو حزب الأمة أيضًا.

كما جدد مقرر المجلس المركزي لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الحاكم كمال بولاد تأكيده على أن "الحكومة الانتقالية ليس لديها تفويض شعبي لاتخاذ قرار بهذا الحجم، ومع دولة ذات طبيعة عنصرية"، لافتًا إلى أن "التحالف لا يزال على رأيه بعدم المضي في التطبيع إلا بعد الانتخابات، خصوصًا في ظل التعقيدات السياسية والاقتصادية التي تمر بها حكومة الثورة ذات التفويض المحدود"، مشددًا على أن مثل هذه الخطوة "ستخلق اصطفافات متوازية، وتزيد من أعباء وتعقيدات المرحلة الانتقالية".

وكانت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية قد ذكرت، يوم الخميس، أن السودان وافق على تدشين علاقات تطبيع كاملة مع الدولة العبرية، مشيرةً إلى أن وفدًا ضم مسؤولين إسرائيليين من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ووزارة الخارجية، قد أجرى زيارة إلى الخرطوم الأربعاء، ونوهت إلى أن القرار اتخذ في أعقاب المفاوضات التي أجريت بين الإدارة الأمريكية ومجلس السيادة والحكومة السودانية.

 الطائرة الإسرائيلية التي هبطت في مطار الخرطوم، كان على متنها مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون، وهم أعضاء الوفد الذي شارك في المفاوضات التي رعتها أبوظبي

فيما أوضح مسؤول سوداني رفيع المستوى وفقًا لما نقل موقع صحيفة العربي الجديد أن الطائرة الإسرائيلية التي هبطت في مطار الخرطوم، كان على متنها مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون، وهم أعضاء الوفد الذي شارك في المفاوضات التي رعتها أبوظبي مؤخرًا، بمشاركة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ووزير العدل نصر الدين عبد الباري.