06-نوفمبر-2016

المفكر العربي عزمي بشارة

"كتب الدكتور عزمي بشارة غير متوفرة في معرض الشارقة للكتاب"، هذا ما قاله أول الأمر الموظف في جناح "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، ناشر كتب عزمي بشارة، لعدة شبان اجتمعوا للسؤال عنها. عند الاستفسار أكثر من الموظف قال إنها نفدت وجميع النسخ قد بيعت! ثم انهمك في عمله.

يقدم "معرض الشارقة" أسلوبًا جديدًا في مصادرة الكتب عبر شرائها جميعها، كما حدث لكتب عزمي بشارة

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. الحفر في الثورة المصرية (1- 2)

وبما أن معارض الكتاب العربية لا تمر دون خبايا المصادرة والرقابة والمنع، بدا أن خلف "الاختفاء المفاجئ" لكتب الدكتور عزمي بشارة ملابسات ما، لمّح إليها أحد زوار المعرض على صفحته على تويتر. وبعد التواصل معه والسؤال عن الأمر قال: "إن إدارة المعرض توجهت لجناح المركز العربي أثناء وجوده هناك وطلبت جميع كتب الدكتور عزمي بشارة واشترتها بنصف السعر". وعند سؤاله عن ملابسات ما شاهده بالضبط، قال إن مندوب الجناح أخبر من جاؤوا لشراء جميع الكتب في بداية الحادثة أنه لا يمكنه إجراء حسم لأكثر من 30٪ ظانًا أنهم مؤسسة ما أو جهة لم يتبين هويتها، ولكنهم حذروه من مصادرة الكتب جميعها في حال لم يستجب لطلب شرائها بخصم مقداره نصف السعر، وهذا ما حدث.

ومن الجليّ أن الضجة الإعلامية التي ترافق كل عملية مصادرة أو رقابة على معارض الكتب العربية، اضطرت منظمي معرض الشارقة للكتاب لانتهاج أساليب جديدة، على أمل أن تمر دون التفات من أحد. وهو مؤشر بالغ الخطورة على مستوى الرقابة والتضييق على حرية الفكر، بل وحرية القراءة، حين يمنع قراء من الحصول على كتاب يبحثون عنه، ثم يكتشفون خلال ذلك سياسات منع ورقابة جديدة وتنفذ بكفاءة حتى لا تخل بصورة معرض الإمارة الراعية للثقافة والفكر الذي تعمل جهات إعلامية وإعلانية لتصديره بين معارض الكتاب العربية الأهم.

قرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة... تحولات الثورة المصرية (2- 2)

ومن الواضح أنه لم يعد مهمًا ذاك التساؤل التعجبي عن وجود من لا يزال يؤمن بالرقابة والحجز والمنع وشراء كل النسخ، في عصر الانفجار الإعلامي والتواصلي، حيث يمكن لأي قارئ لعزمي بشارة شراء كل كتبه بنسخة إلكترونية (هنا تتوفر جميعها)، فلا يبدو الأمر متصلًا بالرقابة على النشر والكتب وحدها، بل يستهدف القرّاء أنفسهم، في محاولة لترهيبهم من قراءة هذا الكتاب أو ذاك، أو حتى التواصل المعرفي مع تنظير هذا المفكر أو غيره. ومجرد تصدي القراء لكشف ملابسات أفعال المنع والحجز والرقابة، يبدو دليلًا واضحًا على فشلها.

يشاهد الناشرون العرب كتب دور زميلة تصادر ويواصلون عملهم بدون أي ردة فعل

في ظروف أخرى كانت أفعال كهذه ستستجلب رد فعل أهم من دور النشر والمثقفين العرب، إلا أن التضييق والرقابة تفعل فعلها في معارض الكتاب العربية، حيث يشاهد الناشرون كتب دور زميلة تصادر ويواصلون عملهم، ويواصل "مثقفون" مشاركتهم في الندوات والأمسيات في الوقت الذي تصادر كتب غيرهم عن الرفوف، وعلى الرغم من سوء الأحوال والتواطؤ مع فعل الحجز والمنع والمصادرة من كثير من الناشرين والمثقفين، يظل التعويل على القارئ الذي يكشف هذه الأفعال، ويسافر من دولة لأخرى للحصول على كتاب تظن الأجهزة الرقابية أنها قادرة على حجبه عنه.

يشار إلى أن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مُنِع من المشاركة في معرض أبو ظبي للكتاب العام الفائت.

قرأ/ي أيضًا:

لماذا يزعج عزمي بشارة إعلام السيسي.. إلى هذا الحد؟

عزمي بشارة.. خرائط الحرية